الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

رمضان بين أيام الدراسة والعمل

في السابق عندما كنت على مقاعد الدراسة، بمجرد أن يقترب رمضان يعمُّ المدرسة جو روحاني يسعى فيه الجميع وبكل الطرق لتوعيتنا بأهمية الموسم المقبل. فتبدأ المدرسات الفاضلات بتذكيرنا بأهمية استغلاله، والتشجيع على نيل قصب السبق في اغتنام الأجور. كما أن الإذاعة الصباحية تكون مخصصة عن رمضان، وأحياناً يتم استدعاء دعاة لإلقاء المحاضرات فيما يخص هذا الموسم العظيم. فكنا ودون اجتهاد منا نشعر بأن صدورنا امتلأت حماسة، وقلوبنا رقَّت وأعيننا ترقرقت بمجرد حلول الشهر الفضيل. وكنت كثيراً ما أشارك في الأنشطة المدرسية ومع الجماعات الطلابية التي تنشط لتوعية الطلاب، وتذكرهم باغتنام الموسم الأغلى. وبمجرد دخول رمضان كان مشهد الطالبات والمدرسات ممسكات للمصحف يتكرر في كل زاوية، وأصوات أزيز التاليات يعلو في أوقات الفراغ، فكان الجو روحانياً ومحفزاً للاستكثار من العبادات والطاعات بشكل عام. افتقدت هذا الشيء نوعاً ما أيام الجامعة، فلم يعد يهتم «الدكاترة» بتحفيزنا لهذا الموسم، وكانت علاقتنا بهم تلقي المعلومات والمغادرة، إلا أن الجماعات الطلابية كانت تسهم في شيء من التذكير باستغلال رمضان. الآن وبعد أن دخلت عراك الحياة العملية، انقطع كل هذا تماماً، ولم يعد أحد يهتم بتذكير غيره بأهمية استغلال نفحات الشهر الفضيل، سوى أن يحرص المرء على أن يذكر نفسه بنفسه، وأن يستعين بشيء من الصحبة الصالحة، وبعض الكتب ومقاطع الميديا من هنا وهناك ليحفز نفسه. وفي السنة الماضية حرمت تماماً من استشعار روحانية الشهر، ولم ترتوِ روحي بالقدر الكافي من رمضان، لأني بليت بمناوبات كثيرة فيه، فكنت أفطر وأتسحر في المستشفى بسرعة حتى لا أتأخر على المرضى، ولم يكن عندي الوقت للعبادة ولا لقراءة القرآن لساعات، ولا عزاء لي حينها سوى أن العمل عبادة، في حين كنت أغبط من كان عندهم الوقت للعبادة والطاعة. بالنسبة لي اختلفت كثيراً أجواء رمضان بين الماضي والحاضر للأسف، ويحزنني هذا الشيء، ولكن أسأل الله أن يبلغنا إياه أزمنة عديدة مديدة، ويعيننا على حسن استغلاله ويجعلنا فيه من المقبولين. يستحق التأمل: (اللهم بلغنا رمضان). [email protected]