الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

دودة القراءة

أن تكون طبيباً جيداً يعني أنك تحتاج لأن تقرأ كثيراً، فتراجع معلوماتك وتطلع على جديد البحوث والأمراض والفحوص والأدوية وغيرها من المستجدات التي تنشر وتصدر بشكل يومي في المواقع الطبية المعتمدة، حتى تواكب ركب الأطباء فلا تتأخر عنهم، حتى تكون طبيباً ماهراً في مهنتك، وتعالج مرضاك على أكمل وجه قدر المستطاع. وأن تكون كاتباً، فعليك أن تقرأ دائماً مستجدات الأحداث، وتكون مطالعاً جيداً لجديد الساحات المختلفة السياسية، الدينية، الاجتماعية، الاقتصادية والرياضية، وأن تلتهم الكتب حتى تبني لغتك وتقوي عضلة الكتابة عندك وتثري قريحتك. أما أن تكون طبيباً وكاتباً، فهذا يعني أن تتحول إلى كائن يعيش على القراءة ويتنفسها، ولا ضير في أن تحل القراءة محل الغذاء والماء. تتراكم متطلبات القراءة علي بشكل يومي، مقالات وكتب طبية، الرسائل البريدية من العمل وأصدقاء المدونة وقراء مقالاتي، الكتب التي اقتنيها كجزء من المطالعة، قراءة الأخبار السياسية، والكثير من الغث والسمين وزبد وسائل التواصل الاجتماعي. أحمل الأوراق والكتب معي في كل زمان ومكان، في حقيبة اليد، وحقيبة العمل، وفي السيارة، أما شقتي فحدّث ولا حرج. قبل يومين أخبرت أمي برغبتي في شراء مكتبة كبيرة للكتب في شقتي، فانهالت علي بمحاضرة تحذرني من مغبة ما أقوم به، وأن كثرة الكتب والأوراق في شقتي لن تعود علي بالفائدة سوى اجتذاب «الرمة» التي ستأكل كتبي شيئاً فشيئاً حتى تجعلها هباء منثوراً، لا أعرف إن كان ما قالته أمي على سبيل المزاح أم أنها تؤمن بهذا الشيء، ولكن تحذيراتها جعلتني أغرق في نوبة من الضحك. يشاركني زميل في العمل المهنة والكتابة الصحافية، وكتب حتى الآن كتابين، وعندما أقرأ مقالاته استشف حجم ثقافته من زخم المفردات التي يستخدمها، لم أكن أعرف كم أني مقصرة في القراءة على الرغم من كل ساعات القراءة، حتى رأيت عدد الكتب التي يقتنيها من معارض الكتب ـ ما شاءاللـه ـ وعدد الكتب التي ينتهي من قراءتها في الـ goodreads. القراءة شيء ممتع ولكنها تصبح بحراً لا ينفد، بل لا يزيدك إلا عطشاً إن كنت صاحب مهنتين تحتاجان للكثير من القراءة. يستحق التأمل «أنا حروفي في غيابك لا هي حكي ولا هي قصيد». [email protected]