الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

فقد حُرِم

ها قد جاء رمضان وحل، الشهر الذي يحبنا ونحبه، ننتظره كل سنة ونتحراه لنبدأ من بعدها تغيير كل روتين حياتنا، خضوعاً لما أمرنا الله به. فيه نمسك عن الطعام من الفجر إلى مغيب الشمس، ولا يتم الصيام ويكتمل إلا بالإمساك عن باقي المحرمات والشهوات. تتخلى النفس عن كل ما يلهيها ويشتت من صفائها، فتصفو وتتهذب الروح، تصبح أكثر قرباً من ربها، وتسبح في ملكوت السموات. ينشغل الناس عادةً بقراءة القرآن وبذكر الله، ويحاولون أن يمسكوا ألسنتهم عن فضول الكلام، وعيونهم عن فضول النظر، ومع الوهن الذي يصيب المرء والتعب، لا يجد المرء نفسه سوى خاضعة متذللة إلى ربها، في حين أنه كان يحاول ويجاهد لتطويع نفسه في الأشهر الماضية بشق الأنفس. لذلك رمضان فرصة ذهبية وعظيمة في تطويع نفسك وتهذيبها، وزيادة على ذلك هو فرصة لنيل الأجور الوفيرة بل والفوز بالجنة والنجاة من النار. وأرى من الغبن أن يفرط أحدنا في هذا الشهر الكريم مهما كانت أعماله وذنوبه في أيامه السابقة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم». والمحزن أن أيامه تفرط من بين أيدينا سريعاً دون أن نشعر، كالذي يحاول أن يشرب الماء بيديه، فلا تصل يديه إلى فمه إلا ومعظم الماء قد فرط. نتهاون بأوقاتنا فيه، فنقضيه في مشاهدة التلفاز، ومستجدات مواقع التواصل الاجتماعي، وتجمعات ما بعد الفطور، ولا نشعر بالأوقات التي تمر وتنقضي وتهرب من بين أيدينا دون أن نشعر. فيدخل رمضان ويخرج والأرواح هي هي جائعة ظامئة لم تتغير، في حين أنه الوقت الأمثل لأن نعير الانتباه للروح التي بين جنبينا. أسأل الله بمنه وكرمه أن يبلغنا رمضان ويعيننا على حسن استغلاله ويجعلنا فيه من المقبولين. يستحق التأمل: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس». [email protected]