الاثنين - 19 مايو 2025
الاثنين - 19 مايو 2025

بالإماراتي: لقعني الله عليك

أفرحني جداً اكتشاف لفظ عميق في لهجتنا العامية الإماراتية، له معنى عميق في قواميس اللغة العربية، بل إنها جميعاً كتبت عنه. وصلني هذا الاكتشاف حين سمعت صديقة قديمة توبخ ابنتها على جهلها بعمل القهوة بهذه المقولة الشعبية «لقعني الله عليك»، فشعرت بالغبار يتناثر حولنا، وبعد عدد من العطسات والكحات، تساءلنا عن المعنى، وحين فشلنا هرعت إلى حاسوبي أبحث في «غوغل» إن كان لكلمة لقعة التي نستخدمها كثيراً في لهجتنا المحلية معنى عربي، أم أننا ضممناها إلى لهجتنا من اختلاطنا باللغات الهندية المختلفة؟ باعتبار العلاقات التجارية والاجتماعية التي تربطنا بالهند، فكانت المفاجأة أن جميع قواميس اللغة العربية المدرجة في «غوغل» أفادت بأن مفردة لقع عربية بحتة، والأعجب أن بعض مرادفاتها لها المعنى ذاته الذي نستخدمه في اللهجة العامية. ففي قاموس لسان العرب تأتي كلمة لقع بمعنى رمى، ويقصد بها الرمي المجازي، مثل لقعه بشر، يعني رماه بشر، ولقعه بعينه يعني أصابه بالعين أو عانه، لَقَعَني بعَيْنِه أَي أَصابَني بعينه، فهل المقولة أعلاه دعاء بمعنى يا رب تصيبك عين؟ ربما! فالعين لا تصيب إلا الشخص ذا الأداء الحسن، وربما أرادت تلك الأم أن تحسد على أداء ابنتها! وللفظ معان أخرى غير الشعور بخيبة الأمل كما في المثل أعلاه، مثل تعثر حظ الشخص المقولة له، أو مدى قصر نظره، أو قلة معرفته، وحين يأتي اللفظ مفرداً «لقعه» فإنه يستخدم للتعجب من أمر فظيع. ويقال ملقوع (للرجل) وملقوعة (للمرأة) حين الحديث عن الشخص الشديد الفطنة والذكاء، أي أن لها معاني اللقاعة ذاتها في القاموس التي تعني الدّاهِيةُ المُتَفَصِّحُ، أو الظَّرِيفُ اللَّبِقُ، وقد تعني حاضر الجواب، ويقال رجل لُقَّاعٌ ولُقَّاعةٌ للكثير الكلام، وتِلِقَّاعةٌ أَيضاً كثيرُ الكلامِ. واللُّقَعةُ الذي يَتَلَقَّعُ بالكلامِ ولا شيء عنده وراءَ الكلامِ. وعلى النقيض قد تعني اللقاعة الحمق، فنقول محلياً على سبيل المثال: لم أنت مستلقع ـ مستلقعة؟ وفي القاموس اللُّقَّاعَة هو الأحمق، والملقِّب للناس بأفحش الألقاب، والمرأة المِلْقَاع هي المرأة الفحاشة في الكلام، وكأنها مشتقة من اللُّقاعُ أي الذبابُ الأَخضر الذي يَلْسَعُ الناسَ! فتلسع الناس بألفاظها، وفي القاموس اللقع هو العيب، والرجُلٌ تِلِقَّاعٌ وتِلِقَّاعةٌ عُيَبةٌ، ولَقَعَه أَي عابَه. ونقول في اللهجة الإماراتية الدارجة: التقع ـ التقعي عن وجهي، بمعنى اغرب عن وجهي. وفي القاموس التُقِعَ لَوْنُه والتُمِعَ أَي اختفى لونه وذهب وتغيَّر، التُقِعَ لَوْنُه واسْتُقِعَ والتُمِعَ ونُطِعَ وانْتُطِعَ واسْتُنْطِعَ لونُه بمعنى واحد، أي ذهب واختفى، وأخيراً قيل لَقَعَه يَلْقَعُه ويقال مرَّ فلان يَلْقَعُ إِذا أَسْرَعَ، وأنا حاولت اللقع سريعاً على واحدة من الألفاظ العامية الإماراتية ذات الأصول العربية القحة. a.kitbi@alroeya.com