النهم الغربي على ليبيا ومصالح دول الجوار

ينتظر الجميع مصادقة البرلمان الليبي المعترف به دولياً على تشكيلة الحكومة الليبية لكي توجه هذه الحكومة طلباً رسمياً للأمم المتحدة بالتدخل الأجنبي لـ «مكافحة الإرهاب». ولكن الولايات المتحدة بدأت بشن غارات على مدن ليبية، وتأجلت مصادقة البرلمان على الحكومة. وفي الوقت نفسه أكدت إيطاليا أنها وافقت على تحليق الطائرات الأمريكية بلا طيار من أراضيها لشن غارات على ليبيا. تساؤلات كثيرة تدور حول خلافات بين الولايات المتحدة ودول غربية أخرى حول ليبيا وطرق مواجهة الأزمة. فالاتحاد الأوروبي ينتظر تصديق البرلمان لكي يبدو كل شيء شرعياً ومطابقاً للقانون الدولي. وواشنطن ترى أنها قادرة على تحقيق تقدم بغاراتها الجوية. بينما انتقد بعض المسؤولين الأوروبيين الغارات الأمريكية واعتبروها غير مجدية، بل وتدفع إلى تفاقم الأزمة الليبية. كل ذلك يدور وشروط الغرب كما هي: حكومة شرعية أولاً، ثم طلب تدخل عسكري، ثم النظر في مسألة رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي. لا حديث عن تنسيق غربي ـ عربي، ولا حديث عن دور دول الجوار الليبي الأكثر تضرراً من وجود داعش وأخواته وتهريب السلاح وتحركات العناصر الإرهابية عبر الحدود. ولذلك، فالتحركات الغربية والنشاطات المنفردة للولايات المتحدة وغيرها من الدول، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا في ليبيا تعطي انطباعاً بأن هناك نيات غير جيدة وغير عادلة يجري تحقيقها بشتى الطرق، وإن كانت على حساب ليس الليبيين فقط، بل وعلى حساب دول الجوار الليبي، وضد مصالحها وأمنها. مع حالة «النهم» الغربي على ليبيا، ومحاولات تحويل دول شمال أفريقيا إلى محمية غربية تحت مسميات مختلفة، لا توجد ضمانات بشأن إمكانية عمل الحكومة الليبية التي لم يجرِ التصديق عليها إلى الآن، لأن الغرب دق الكثير من الأسافين حتى من قبل إعلان تشكيل الحكومة. وأهم هذه الأسافين أنه ضغط من أجل تولي العقيد المهدي البرغثي حقيبة وزارة الدفاع، وهو العسكري الذي انشق عن قوات حفتر. ما يؤكد نيات الأطراف الغربية إبعاد الفريق خليفة حفتر من المشهد السياسي. وهذا بحد ذاته قنبلة موقوتة ستنفجر في شكل صدامات قبلية واسعة النطاق. أما المشاورات «السرية» التي تجريها بعض الدول الغربية مع دول الجوار الليبي (مصر وتونس والجزائر)، فلا تخلو من ضغوط وخيارات صعبة وإملاءات تعرِّض أمن دول الجوار ومصالحها في ليبيا لمخاطر كثيرة. [email protected]