الاثنين - 13 مايو 2024
الاثنين - 13 مايو 2024

العالم التشيخوفي (4)

إن الوصول إلى الوحدة الكلية الجمالية في عالم تشيخوف، خصوصاً في المسرح، لا يتأتى عن طريق منظومة مركزية جاذبة (عندما يصبح دور البطل الرئيس محور ارتكاز النص الذي يجذب المتفرج - القارئ)، ولكنه يقوم على أساس التشغيل - التفعيل الكامل لجميع المبادئ والقواعد الفكرية المؤلفة بين الإنسان والعالم. والمخرج العام الوحيد عند تشيخوف في هذا الصدد هو الحالة النفسية التي تتفاعل - ولا تنفعل - فيها الشخصية مع المتفرج في وقت واحد. وأهم سمات هذه الحالة العاطفية - النفسية عند الأبطال التشيخوفيين هي السعادة والمعاناة في آن واحد. إن النغمة العاطفية الخالصة في الدراما التشيخوفية نادرة الحدوث، لأن الكاتب طوال الأحداث لا يترك مجالاً لمشاعر الأسى أو السعادة العابرة. فهو يرسم ويخطط طوبوغرافيا الروح والطابع والوسط العام المحيط، بداية من التفاصيل الدقيقة حتى الصيغ والمعادلات الضخمة والعامة التي نجد فيها حلولاً مسبقة لأي فرضية أو إشكالية، وحيث تخرج هذه الحلول خارج الأقواس لتُضْرَب في قيمة متغيرة بالمعنى الرياضي. أي إن الحلول التشيخوفية للفرضيات والإشكاليات لا تقف عند حدود كونها حلولاً نهائية، لكنها تمتد على استقاماتها ماسة جميع المتغيرات من حولها لتعطي حلولاً جديدة لإشكاليات وفرضيات جديدة. البعض صوَّرَ تشيخوف متعجلاً في التخلي عن «ما هو إنساني». ولكنه في الصيغة التي تصف الطريق من الحياة إلى الموت، ومن الخاص إلى العام، كانت الكلمة الرئيسة والمهمة بالنسبة له هي «الطريق»، والبطل عنده هو جوهر وحدة الصراع للواقع والحقائق التاريخية، والقدرات التي لم تتحقق. [email protected]