الثلاثاء - 14 مايو 2024
الثلاثاء - 14 مايو 2024

القلب في جبل أولمب

أواخر القرن الرابع الميلادي 393 م توقفت الألعاب الأولمبية بنسختها القديمة بأمر من الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول، وكانت ذريعته في ذلك أنها شعيرة وثنية لا بد من اجتثاثها، حرصاً على المسيحية وصفائها. قبل ذلك بسنتين، كان ثيودوسيوس قد أمر بإحراق مكتبة الإسكندرية بكل ما فيها، في محاولة منه لإحداث قطيعة مطلقة مع الماضي. هذا السلوك القائم على الخوف من الآخر المختلف تكرر قبل ثيودوسيوس مراراً، واستمر بعده أيضاً، وكان وراء خسارات كثيرة وفادحة منيت بها الحضارة الإنسانية. هذه حقيقة، لكنها لا تلغي الحقيقة الأخرى حول استمرار حالة التنوع والتعدد والاختلاف بوصفها جزءاً من الوجود الطبيعي للإنسان. واستمرت الإسكندرية مركزاً حضارياً، وتجددت الألعاب الأولمبية، وأصبح لها شعار يتكون من خمس حلقات ملونة متداخلة، تعبيراً عن التفاعل الحضاري والثقافي. انطلقت الدورة الأولى من النسخة الحديثة للألعاب الأولمبية عام 1896 في أثينا اليونانية، بعد جهود بذلها الفرنسي بيير دي كوبرتان لتكون مناسبة لاستذكار قيم السلام والمنافسة النزيهة القائمة على المحبة والقبول لا على الكراهية والإلغاء. بهذا يكون بيير دي كوبرتان قد انتصر على ثيودوسيوس الأول، ولتأكيد هذا الانتصار كانت وصيته بدفن جسده كاملاً حيث يموت، باستثناء القلب، فالقلب في جبل أولمب .. وهكذا كان. [email protected]