الثلاثاء - 14 مايو 2024
الثلاثاء - 14 مايو 2024

مهمة فاشلة

نجوت إذاً.. ما من دليل على أنك متّ حقاً .. الصمت وحده ليس دليلاً. الدم الذي يسيل من الرأس ليس دليلاً. النظرة في الفراغ أيضاً. وجسدك الرمادي على خلفية من البرتقال الناصع. وتسريحة الشعر الأنيقة التي أفسدها عصف القذيفة. والبنطال القصير. والصورة الكرتونية على القميص. واليدان المسبلتان. والمنقذون. والكاميرا. وهواة التلاعب بالصور. والشعراء. وإخوتك. ومنظمات الرفق بالأطفال. والبرلمانات. ودموع المذيعات .. ما من دليل على موتك .. أخطأتك القذيفة هذه المرة. تركت لك أعضاءك كما هي. وتركت لك فسحة من الوقت كي تمد يدك إلى رأسك تتفقده.. لابأس.. بضع قطرات من الدم. تنظر إلى يدك المضرجة بدم رأسك. تحتار أين تمسحها. لا تريد أن تلوث ثيابك. فتمسحها بالمقعد الذي أجلسوك عليه .. نجوت، مع أنه لم يخبرك أحد بهذا. عرفته وحدك .. لم يخدعك الركام الذي أخرجوك منه. عرفت أنه مجرد منزل انهار، ولم يكن قبراً .. ولم يخدعك البريق الذي غشى عينيك لحظة. عرفت أنه فلاش الكاميرا بيد المصور، ولم تكن السماء وقد انشقت لتستقبل روحك الخفيفة .. كنت يقظاً. وحياً. وبكامل أعضاء جسدك .. هنالك من وثّق لحظة نجاتك .. ووكالات الأنباء تؤكد ذلك. والتقرير الذي رفعه الطيار إلى رؤسائه يؤكد ذلك: فشلت المهمة. والهدف X ما زال طليقاً .. نجوت إذاً. هذا مؤكد .. ومتنا نحن .. هذا مؤكدٌ أيضاً .. [email protected]