الاحد - 12 مايو 2024
الاحد - 12 مايو 2024

صناعة القنبلة

لا أعرف شخصاً يعاني الغضب السلوكي ويعيش وسط أسرة هادئة تتداول أفكارها ببساطة وتعبّر عن آرائها بحريّة، لأن السلوك الغاضب يصعب عليه أن ينمو وسط هذه البيئة الصحيّة التي يشعّ في جنباتها نور التفاهم والانسجام ويستحيل معها نموّ فطريات الغضب والعصبية والسلوك النزق. ولا أتصور الشخصية الغاضبة كانت لتتشكّل لولا أنّ البعض مارس عليها ضغوطاً كثيرة لاستفزازها أو لقمعها وإسكاتها، فمثل هذه الممارسات التربوية الخاطئة هي ما كوّنت الشخصية الغضوبة وصنعت منها قنبلة موقوتة تعيش بيننا وتتهدّد هدوءنا دائماً، فكما يقول اليابانيون: «الغضب يُحيل الاستقامة إلى اعوجاج، والحلم يحيل الاعوجاج إلى استقامة». نحن أوّل المتضررين من وجود أشخاص غاضبين بيننا، وأكثر من سيضنيه سلوكهم، والخطأ الذي نقوم به دائماً هو التعامل معهم بطريقتهم نفسها، فنغضب مع غضبهم ونرفع أصواتنا أكثر من صراخهم ونحسب أننا بذلك ننبّههم أو نجعلهم يستفيقون من نوبتهم، لكن التجارب تثبت خلاف ذلك، وقد أفلح من عصمه الله من الغضب والمراء والطمع كما في القول المأثور، فخير سبيل للتعامل مع الشخص الغضوب هو الهدوء والرويّة وحمله على الجلوس والتحدّث بصوت منخفض، فالنار لا تطفئها نارٌ أخرى وإنّما يطفئها الماء الذي خُلِق منه كلّ شيء حيّ. [email protected]