السبت - 11 مايو 2024
السبت - 11 مايو 2024

الحيّ «أبقى» من الميّت

منذ ما يقارب 25 عاماً، وكثير ينتظرون صدور هذا المرسوم الذي ينظّم نقل وزراعة الأعضاء البشرية في الإمارات، وأعرف كثيراً ممن يريدون التبرّع بأعضائهم عقب وفاتهم، ولا أذيع سرّاً إن قلت إنني مع الانتفاع بأعضاء بعضنا ما دامت صالحة للاستعمال، وتؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة، فنحن أولى ببعضنا من «الدود» الذي سيأتي عليها فور دفننا. في الحقيقة، لم يفاجئني الجدل الاجتماعي حول مسألة التبرّع بالأعضاء، ولا السجال الطبي المحتدم حول هذه المسألة، ولا النقاش القانوني أو الإنساني، لكن الذي فاجأني هو الخلاف الشرعي الكبير حول إباحة التبرّع أو تحريمه، وكذلك الأدلة التي يسوقها من يرون تحريم هذه المسألة، والتي تصبّ في مجملها حول وجوب حرمة المسلم حيّاً وميتاً، وأن التبرع بالأعضاء قد يكون شكلاً من أشكال التشويه الذي نهت عنه الشريعة الإسلامية. وهي أدلة لا أراها تستطيع الصمود أمام براهين مخالفيهم الذين يرون التبرّع بالأعضاء شكلاً من أشكال تفريج الكرب والتعاون على البرّ والتقوى، وأن النصوص الشرعية في مجملها تعطي الأولوية للأحياء على الأموات، بل تجوّز عند الاضطرار أكل لحم الميتة حفاظاً على حياة الحي، أفلا يجوز الانتفاع بقلب الميت أو كليته لإنقاذ حياة شخص آخر يعاني شتّى أنواع الآلام والأسقام والشدائد، ألا نقول في المثل الشعبي إن «الحي أبقى من الميّت». [email protected]