الأربعاء - 15 مايو 2024
الأربعاء - 15 مايو 2024

اكسر الغصن

يحكى أن أحد الملوك كان لديه طائران، أحدهما يطير والآخر لا يطير، فاعتقد الملك أن هذا الطائر يشتكي علة تمنعه من القدرة على الطيران، فأحضر له من يداويه ويطبب ما به من علة. ولكن عندما نفى جميع أهل الاختصاص وجود عيب في بنيته أو مرض في صحته، فكّر الملك في جلب من يعلمه الطيران ويساعده على الحركة. وبالفعل أحضر أمهر المدربين لحمل ذلك الطائر الكسول على الطيران، ولكن للأسف باءت جميع المحاولات التي قام بها المدربون بالفشل ولم تثنِ ذلك الطائر عن كسله وتغيير رأيه في اتخاذ قرار الطيران. وحدث أن سمع أحد الفلاحين البسطاء بقصة طائر الملك وركونه إلى الدعة والخمول عن التحليق في أجواء الاستكشاف والعمل واتخاذ قرار الحركة والإنجاز، فذهب إلى القصر وطلب أن يكون ممن يحظون بشرف المحاولة في استمالة طائر الملك وإغرائه بفرصة الخوض في تجربة الطيران والنظر إلى الحياة وأمورها من الأعلى، ليستمتع بفضاءات الحرية، واستصغار كل ما شأنه أن يعيق حركته أو يحصر نظرته في نطاق صغير وزاوية ضيقة من الحياة. فوافق أصحاب الشأن على مضض ولديهم شك في قدرته على فعل شيء، خصوصاً أن أصحاب الخبرة قد يئسوا من ذلك، وأجمعوا على أن إعطاءه الفرصة قد لا يضير. وفي صباح اليوم التالي تفاجأ الملك برؤية طائريه محلقين في أجواء حديقة القصر. وكان الجواب في الرد على استفساره أن فلاحاً بسيطاً ساعد الطير على الطيران، فاستدعى الملك ذلك الفلاح ليعرف السر الذي جعل الطائر بهذه السرعة يطير، وكانت المفاجأة كبيرة جداً من صغر حجم الفعل الذي لم يكن سوى كسر ذلك الغصن الذي كان الطائر يقف عليه. كذلك هم البشر عندما يتركون منطقة الراحة التي اعتادوا عليها ويكسرون روتين الخمول ويخوضون في اكتشاف مناطق أخرى من جوانب حياتهم التي قد تكون أكثر تعباً وأشد قسوة في العمل المضني والمهلك، ولكنها أجدى في اكتشاف مهاراتهم وأنفع في اكتساب خبرات أجود وأساليب أكثر مهارة في التعامل مع الحياة، لتحقيق معدلات نجاح أكبر وإنجازات أكثر. [email protected]