الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

بارقة أمل بتراجع الأسعار.. فهل بلغ التضخم ذروته؟

بارقة أمل بتراجع الأسعار.. فهل بلغ التضخم ذروته؟

ينشغل العالم حالياً بمتابعة الأخبار المتزايدة حول معدلات التضخم وشبح الركود، لكن وسط هذه الدوامة السوداء يبدو هناك بصيص أمل في أن يكون التضخم قد بلغ ذروته فعلاً؛ إذ تراجعت أسعار القمح والأخشاب والذرة والنفط والغاز الطبيعي، والعديد من المواد الخام في ختام الربع الثاني من العام الجاري، والذي شهد اضطراباً في الأسعار، لتعود أسعارها لتقترب مما كانت عليه في شهر مارس الماضي أو أقل منها.



تراجع سبب رئيسي للتضخم

بحسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، «ينعش التراجع في أسعار جميع أنواع المواد الخام بما فيها الذرة والقمح والنحاس وغيرها الآمال باتجاه التضخم نحو الانخفاض».

وذكر التقرير أن أسعار الغاز الطبيعي شهدت ارتفاعاً بنسبة وصلت إلى 60% قبل أن تتراجع لتكون نسبة زيادتها طفيفة ولا تزيد عن 3.9% عند نهاية الربع الثاني من العام، وهو نفس ما حدث لأسعار النفط الأمريكي الخام، والذي ارتفعت أسعاره لتصل إلى 120 دولاراً للبرميل، قبل أن تتراجع إلى 106 دولارات.

وبالنسبة للقمح والذرة وفول الصويا، فقد ارتفعت أسعارها جميعاً قبل أن تتراجع لتعود أقل مما كانت عليه في نهاية الربع الأول نهاية شهر مارس المنصرم، وبالنسبة للقطن، فقد تراجعت أسعاره بشدة، وفقد أكثر من ثلث سعره منذ نهاية شهر مايو.

وأشار التقرير إلى تراجع أسعار مواد البناء والنحاس بنسبة 22%، وكذلك الأخشاب بنسبة 31%، بينما مرت سلة المعادن الصناعية التي يتم تداولها في لندن، بأسوأ ربع عام لها منذ الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008.

إلا أن التقرير أشار إلى أن العديد من المواد الخام لا تزال مرتفعة الثمن بشكل تاريخي، مستندة إلى العرض والطلب، وإلى بعض الأحداث، مثل حريق محطة تصدير الغاز في تكساس الأمريكية، بخلاف الطقس الجيد والمناسب لزارعة المحاصيل.

وبدأ بعض المستثمرين بالنظر إلى حالة تراجع الأسعار على أنها علامة توضح أن الجهود التي يبذلها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بهدف إبطاء الاقتصاد نجحت في تقليل الطلب.



انخفاض التضخم

ونقل التقرير عن كبير مسؤولي الاستثمار ومدير المال في شركة (Navellier & Associates) لويس نافيلييه، قوله «اعتدال أسعار السلع يعتبر دليلاً واضحاً على انخفاض التضخم».

وكانت أسعار المواد الخام المتقلبة محل اهتمام كبير في وول ستريت، حيث ينظر إليها المستثمرون باعتبارها مؤشراً على قياس التضخم، واستثمروا فيها لمواجهة تأثير ارتفاع الأسعار على باقي محافظهم الاستثمارية.

وفيما كانت السلع الأساسية من بين المناطق التي لاذ بها المستثمرون خلال النصف الأول الذي كان سيئاً للغاية على الأسهم، ولم يُشهد مثيل له منذ عقود، وبالنسبة لشركات إنتاج النفط، فقد أنهت النصف الأول من العام بارتفاع كبير، فشركة إكسون (Exxon Mobil Corp) حققت ارتفاعاً بنسبة 40%، وشركة (Occidental Petroleum Corp) حققت ارتفاعاً بنسبة 103%، وفي صناعة الأسمدة حققت شركة (Mosaic Co) لصناعة الأسمدة ارتفاعاً بنسبة 20%.



أسعار الفائدة

ومن أجل الوقوف على الزيادات المتوقعة على أسعار الفائدة، للفترة المتبقية من العام الجاري 2022، سيقوم المستثمرون خلال الأسبوع الحالي، بتحليل محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي، يومَي 14 - 15 يونيو المنصرم، والذي من المقرر إصداره يوم الأربعاء، من أجل البحث عن إشارات حول وتيرة زيادات أسعار الفائدة للفترة المتبقية من العام، حيث يحاول بنك الاحتياطي الفيدرالي، ترويض معدل التضخم الكبير، والذي لم يحدث منذ أوائل الثمانينيات، من خلال خفض الطلب، دون دفع الاقتصاد إلى الركود.



أسباب انخفاض الأسعار

وبحسب التقرير يقول التجار والمحللون، «إن بعض الانخفاض في أسعار السلع، يمكن أن يكون سببه تراجع المستثمرين الذين تكدسوا في أسواق الوقود والمعادن والمحاصيل للابتعاد عن السقوط في فخ التضخم».

وقال الخبير الاستراتيجي للسلع في (JPMorgan Chase & Co)، تريسي ألين، «حوالي 15 مليار دولار خرجت من أسواق العقود الآجلة للسلع خلال الأسبوع المنتهي في 24 يونيو، وكان ذلك هو الأسبوع الرابع على التوالي من التدفقات الخارجة، وحقق حوالي 125 مليار دولار من إجمالي السلع التي تم سحبها هذا العام، وهو رقم قياسي موسمي يتصدر حتى الهجرة الجماعية في عام 2020 مع إغلاق الاقتصادات».

ومن جانبه، قال سمسار السلع في (StoneX Group Inc)، كريغ تيرنر، «جزء كبير من ارتفاع الأسعار يعود إلى قيود العرض في أعقاب الإغلاق بسبب جائحة كورونا، والأحداث المناخية التي حدثت خلال العام الماضي، التي قللت المحاصيل واستنزفت احتياطيات الوقود، بخلاف الحرب في أوروبا، وقد خفت تلك الضغوط، رغم أن صدمات العرض ما زالت تعصف بالأسعار».

وأشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، الأسبوع الماضي، إلى أن متوسط ​​إنتاج النفط الأمريكي بلغ 12.1 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 24 يونيو الماضي، وهو أكبر رقم منذ أبريل 2020، عندما كان الاقتصاد مغلقاً بسبب الجائحة، وكان المنتجون يقومون بإغلاق الآبار.

وهناك نقطة إيجابية أُخرى، وهي تحسن الطقس في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا؛ ما ينعش الآمال في أن المحاصيل الوفيرة التي سيتم حصادها، يمكن أن تعوض القمح والذرة والزيوت النباتية التي تقطعت بها السبل في أوكرانيا منذ الحرب مع روسيا نهاية فبراير الماضي، وإذا كانت أسعار الحبوب والبذور الزيتية، قد ارتفعت بعد الحرب فإنها تراجعت إلى ما كانت عليه قبلها، أو ربما أقل مما كانت عليه.