الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

لماذا يضعف الين أمام الدولار وما تأثيره على اقتصاد اليابان؟

لماذا يضعف الين أمام الدولار وما تأثيره على اقتصاد اليابان؟

تراجع الين بما يتجاوز 140 لكل دولار للمرة الأولى منذ ما يقرب من ربع قرن، بسبب إبقاء البنك المركزي الياباني أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة للغاية، بينما يقوم الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى برفع أسعار الفائدة بشكل كبير.

ويعتبر نمو الأسعار في اليابان أكثر برودة مما هو عليه في الولايات المتحدة، ويعتقد بنك اليابان أنه بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتثبيت معدلات التضخم للمستهلكين والشركات بعد سنوات من الانكماش، وفقاً لبلومبيرغ.

وأدى الانزلاق التاريخي للين إلى إلحاق كل من الضرر والاستفادة بالاقتصاد والشركات والمستهلكين.

وتثير شدة تراجع الين العديد من التساؤلات حول ما إذا كان صانعو السياسة بحاجة إلى كبح تراجعها من خلال التدخل في العملة، أو تغيير سياسة بنك اليابان.

لماذا الين ضعيف جداً؟

يعود السبب الأكبر لضعف الين إلى تحرك الولايات المتحدة نحو ارتفاع أسعار الفائدة، بينما تظل معدلات الفائدة اليابانية منخفضة، ما يجعل الأصول المقومة بالدولار أكثر جاذبية للمستثمرين.

وارتفعت عائدات سندات الخزانة؛ حيث يراهن التجار على أن الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في رفع أسعار الفائدة بقوة، بينما يحتفظ بنك اليابان بحد أقصى 0.25% على عائد السندات الحكومية اليابانية لمدة 10 سنوات.

ولكن لا يزال التعافي الاقتصادي الياباني معتدلاً نسبياً، بينما يعزز استمرار العجز التجاري الضغط الهبوطي على الين الياباني.

لماذا لا ترفع اليابان أسعار الفائدة؟

أكد محافظ بنك اليابان المركزي هاروهيكو كورودا مراراً وتكراراً أنه من السابق لأوانه تقليص التيسير النقدي؛ لأن المعركة الطويلة ضد الانكماش لم تنتهِ بعد.

وتسارع معدل التضخم متجاوزاً مستهدف بنك اليابان البالغ 2%، لكن البنك ما زال يقول إن الاتجاه غير مستدام متوقعاً أن ينخفض ​​التضخم إلى ما دون الهدف في العام الذي يبدأ في أبريل 2023.

وشدد كورودا على أن هناك حاجة إلى مكاسب أقوى في الأجور لضمان استقرار التضخم،.

وأعرب كورودا عن مخاوفه بشأن الضعف المفاجئ للين، موضحاً أن ضعف العملة لن تجعل بنك اليابان يغير سياسته.

ماذا يعني ضعف الين بالنسبة للاقتصاد؟

بشكل عام، يساعد ضعف الين الشركات اليابانية الكبيرة في العمليات العالمية؛ لأنه يعزز من قيمة الأرباح الخارجية التي يتم إعادتها إلى الوطن، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى انخفاض الين، حيث ارتفعت أرباح الشركات اليابانية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1954.

ويمكن أن تساعد العملة الضعيفة السياحة أيضاً من خلال تعزيز القوة الشرائية للمسافرين من الخارج، لكن اليابان لم تستفد بعد من ذلك بسبب ضوابط الحدود الوبائية.

وعلى الجانب السلبي، فإن ضعف الين يجعل واردات الطاقة والغذاء أكثر كلفة، ما يضر بالمستهلكين الذين لا تواكب رواتبهم ارتفاع تكاليف المعيشة، وقد أدى قلقهم المتزايد إلى ضعف الدعم الشعبي لرئيس الوزراء فوميو كيشيدا.

وقد دعم رئيس الوزراء سياسة بنك اليابان من خلال تعزيز الإنفاق الحكومي للحد من تأثير ارتفاع الأسعار، ويعتبر هذا ما يميز اليابان عن الاقتصادات الرئيسية الأخرى التي ركزت على السياسة النقدية للحد من التضخم.

ومع استمرار الدعم الحكومي، من المتوقع إلى حد كبير أن يبقي كورودا أسعار الفائدة دون تغيير حتى انتهاء فترة ولايته في أبريل، حتى لو استمر الين في الضعف.

وغالباً ما يشير المحافظ إلى أن وزارة المالية، وليس بنك اليابان، هي المسؤولة عن شؤون الصرف الأجنبي.

وتساعد تكاليف الاقتراض المنخفضة فوميو كيشيدا رئيس وزراء اليابان على الاستمرار في زيادة الإنفاق العام؛ لمساعدة الاقتصاد الياباني على التعافي من الوباء.

هل يمكن للحكومة التدخل؟

لم يلمح وزير المالية شونيتشي سوزوكي إلى التدخل المباشر في سوق العملات باعتباره احتمالاً وشيكاً.

وإذا تدخلت الحكومة في الأسواق لتقوية الين، فستكون هذه هي المرة الأولى منذ عام 1998، عندما انضمت هي والولايات المتحدة في موجة شراء ضخمة ومنسقة للين.

ويأمل سوزوكي ومسؤولون آخرون أن تكون التحذيرات الشفهية كافية لإبطاء الانزلاق الحالي للين.

ومع تركيز الولايات المتحدة على محاربة التضخم وضعف الين المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسياسة النقدية اليابانية، يواجه التدخل المشترك مع الولايات المتحدة عائقاً؛ حيث أثبتت التدخلات الأحادية لدعم الين في الماضي أنها غير فعالة إلى حد كبير.

هل يمكن أن ينخفض ​​الين أكثر؟

يعود الأمر إلى حد كبير إلى مدى وتيرة مجلس الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة، فكلما ازدادت عوائد سندات الخزانة؛ زادت فجوة الأسعار بين اليابان والولايات المتحدة؛ حيث يحتفظ بنك اليابان بغطائه على عائدات السندات المحلية.

ودفع رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت سابق من هذا العام المستثمرين إلى المراهنة على أن تحذو اليابان حذوها، ولا تزال التكهنات بالتغيير النهائي قائمة، لكنها تراجعت في الغالب بعد أن أظهر بنك اليابان مراراً وتكراراً التزاماً بالدفاع عن سقف عائده.

وقد يتوقف تراجع الين بمجرد أن ينتهي المستثمرون من تسعير رفع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، أو وقوع الولايات المتحدة في حالة ركود، ما يؤدي إلى إضعاف الدولار.