الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

المستهلكون يحتاجون لتقنين الإدخار.. نموذج جديد للنمو الصيني

المستهلكون يحتاجون لتقنين الإدخار.. نموذج جديد للنمو الصيني

يتوقع البنك الدولي أن يتراجع معدل النمو الاقتصادي في الصين هذا العام عن بقية آسيا للمرة الأُولى منذ عام 1990. ما يشير إلى تباطؤ في تكوين الثروة العالمية.

وأشار تحليل لفاينانشيال تايمز إلى أنه رغم التأثير السلبي لسياسة صفر كوفيد على نمو الاقتصاد الصيني، فإنّ نقاط الضعف طويلة المدى تنبع من انهيار سوق العقارات والضغط المتزايد في الشؤون المالية للحكومة المحلية. وبعد الانتعاش المتوقع بعد كوفيد، من المرجّح أن تستمر هذه العوائق على الاقتصاد، وقد زاد من حِدة هذه المشكلات تسارع شيخوخة المجتمع ومعدل المواليد الذي انخفض بنحو 45% بين عامَي 2012 و2021.

وبالمثل، فإن انحسار موجات المد الهائلة للهجرة من الريف إلى الحضر التي غذت طفرة التصنيع في الصين يُضعف الزخم وراء بناء المدينة، ويؤدي عدم الكفاءة في تخصيص رأس المال إلى تضاؤل ​​عائدات توظيف مجموعة كبيرة من المدخرات الوطنية. وبينما لا يزال دور الصين في التجارة الدولية قوياً، فإن العقوبات الأمريكية على التجارة والتكنولوجيا يمكن أن تؤثر على قدرتها التنافسية بمرور الوقت.

وأوضحت فاينانشيال تايمز أن كل هذه المشاكل هيكلية، وتُنذر بمستقبل اقتصادي قد يكون مختلفاً تماماً عن العقود الثلاثة الماضية للصين. إذا تأكدت توقعات البنك الدولي بشأن نمو بنسبة 2.8% هذا العام، فسوف تمثل انخفاضاً حاداً عن هدف بكين الرسمي البالغ 5.5%، كما يمكن أن يُنذر بمعدلات نمو أبطأ بشكل ملحوظ على المدى الطويل.

وساد اعتقاد منذ فترة طويلة أن الحل هو أن تهدف الصين إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما سيتطلب القيام بمزيد من إعادة التوزيع على الأُسر الفقيرة ومتوسطة الدخل، وترك المزيد من الدخل المتاح لهم للإنفاق على أنفسهم، جزئياً عن طريق تقليل العوامل التي تدفعهم إلى توفير جزء كبير من دخلهم.

ويُعَدُّ المستوى المرتفع للغاية لمدخرات الأُسر الصينية أحد الأسباب وراء ارتفاع معدل المدخرات الوطنية الإجمالية للصين، والذي يبلغ 44% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمتوسط ​​منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي البالغ 22.5%.

وقد أدَّى تفكك الاقتصاد الذي تديره الدولة منذ أواخر الثمانينيات إلى تحطيم «وعاء الأرز الحديدي» من الإسكان والرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية وغيرها من المزايا، ما أدى إلى غرس الشعور بعدم الأمان.

وهاجر مئات الملايين من العمال غير المؤهلين من المزارع إلى المصانع في العقود الأخيرة للحصول على مزايا رعاية المدينة، ما يجبرهم على الادخار.

هذه الضغوط - إلى جانب معاشات الدولة التي تعاني من نقص التمويل، والتكاليف المتصاعدة للتعليم والعلاج الطبي (والتي تفاقمت بسبب الفساد في المستشفيات) - تعزز عقلية الادخار، ويؤدي هذا إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي، خاصةً عندما تنخفض معظم قيم الأصول جنباً إلى جنب مع أسعار العقارات ومؤشرات سوق الأسهم.

إذا أرادت الصين أن تضع النمو على أسس أكثر استدامة، فإنها بحاجة إلى تمكين المستهلكين، وعلى وجه الخصوص، يجب على بكين تخصيص تحويلات مالية ضخمة في صناديق التقاعد الحكومية لكل من سكان المدن والريف، وهو ما سيكلف الكثير، ولكن إذا كان "شي" جادّاً في خلق «رخاء مشترك» للأجيال القادمة، فعلى الدولة أن تجعله أولوية.