الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

مشاريع عملاقة.. كيف تحولت البنى التحتية إلى «ساحة حرب» بين القوى الكبرى؟

مشاريع عملاقة.. كيف تحولت البنى التحتية إلى «ساحة حرب» بين القوى الكبرى؟

القوى الاقتصادية الكبرى تتسابق لتبني خطط للبنية التحتية بالدول النامية. (رويترز)

من مشروع الحزام والطريق العملاق إلى خطة بايدن لـ«إعادة بناء العالم بشكل أفضل» وصولاً إلى مشروع الهند «الترليوني»، تخوض القوى الكبرى حول العالم سباقاً محموماً في مجال تسريع وتيرة تحديث البنى التحتية في الدول النامية والفقيرة ومتوسطة الدخل، من أجل أهداف اقتصادية وجيوسياسية متعددة.

وأعاد حديث الرئيس الأمريكي جو بايدن في 12 يونيو الماضي عن إطلاق مشروع «إعادة بناء العالم بشكل أفضل»، بهدف مساعدة الدول منخفضة الدخل، الحديث عن السباق الذي أطلقت بكين شرارته الأولى قبل سنوات.

وتسابق الصين الزمن منذ إعلان الرئيس شي جين بينغ عام 2013 إطلاق مشروع الحزام والطريق العملاق، لتوسيع نفوذها عبر المبادرة التي تتألف من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير البري، وطريق الحرير البحري للقرن الـ21.

وتشمل الخطة الصينية مد السكك الحديد وشق الطرق وبناء المواني البحرية، ومنذ انطلاقها، تم الاتفاق على تنفيذ 2600 مشروع، بكلفة تصل إلى 3.6 تريليون دولار، مع 126 دولة و29 منظمة دولية.

إعادة بناء العالم

وبعد 8 سنوات من البدء في الحزام والطريق، جاء بايدن، بالاتفاق مع الدول الصناعية السبع الكبرى، عن إطلاق مشروع «إعادة بناء العالم بشكل أفضل»، بهدف مساعدة الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، في مرحلة ما بعد وباء كورونا، عبر التركيز على قضايا المناخ والصحة والقطاع الرقمي، وفق بيان صادر من البيت الأبيض.



وتتكلف خطة الدول الصناعية السبع للبنية التحتية نحو 40 تريليون دولار، يجري تنفيذها حتى عام 2035، ويساهم فيها القطاع الخاص بشكل رئيسي.

ويتزامن إعلان خطط البنية التحتية العابرة للحدود والقارات، مع إعلان دول كبرى عن خطط داخلية للبنية التحتية، مثل خطة بايدن في أمريكا التي تصل تكلفتها إلى 1.2 تريليون دولار، والخطة الهندية للبنية التحتية التي كشف النقاب عنها رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي في 15 أغسطس، بقيمة 100 تريليون روبية (نحو 1.35 تريليون دولار).



تنافس محمود



ويرى خبراء أن الصين أو الولايات المتحدة دخلتا في منافسة حقيقة لإقناع شركاء كل منهما بأهمية خططه في هذا المجال، فيما أظهرت قمة الدول الصناعية السبع الكبرى الأخيرة مدى الاستقطاب الحاصل، حيث أعلن قادة أن مشروعهم يشكل البديل عن المبادرة الصينية، وأن رؤيتهم تعمل على ضخ المليارات في البنية التحتية في الدول الفقيرة.

ووفقاً لمسئولين أمريكيين، فإن العالم يحتاج إلى مشروعات بنية تحتية تصل إلى 40 تريليون دولار.

اتهامات متبادلة

وتصاعدت الانتقادات الأمريكية للحزام والطريق منذ عام 2018، وتتهم واشنطن بكين بأنها تحاول السيطرة على العالم بواسطة الديون والتمويلات، وهو الأمر الذي ردت عليه بكين واصفة الاتهامات الأمريكية بأنها محاولة لـ«دق الإسافين» بين الصين وشركائها.



ورغم أن 20% من مشروعات الحزام والطريق تأجلت بسبب جائحة كورونا، حسب وزارة الخارجية الصينية، في يونيو الماضي، إلا أن الحديث لا ينتهي عن قطف الثمار من هذا المشروع العملاق، حيث بلغ حجم التجارة بين الصين والدول الواقعة على طول الحزام والطريق، أكثر من 6 تريليونات دولار أمريكي، من عام 2013 حتى 2018، وفرت أكثر من 244 ألف وظيفة، وحتى مارس 2019 قامت قطارات الشحن الصينية بـ14 ألف رحلة إلى 50 مدينة تقع داخل 15 دولة أوروبية، وفق تقرير لوكالة شينخوا.

وفي أفريقيا والشرق الأوسط، هناك اتفاق بين الصين ودول المنطقة، على أن تتواءم مشروعات الحزام والطريق، مع المبادرات الوطنية والإقليمية، ومنها خطة الاتحاد الأفريقي للتنمية «أجندة 2063»، والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي الروسي، وعلى سبيل المثال ساهمت الصين في بناء خط السكك الحديد في كينيا، بين نيروبي ومومباسا، والذي نقل أكثر من 2.5 مليون راكب منذ تدشينه في مايو 2017، وفق وكالة شينخوا.

ويعتقد مراقبون أن هذا التنافس بين الشرق والغرب على بناء مشروعات للبنية التحتية، سيصب في مصلحة الدول الفقيرة خصوصاً في أفريقيا، فيما يظل الأمل قائماً في الوصول إلى الحلم الذي ظهرت دعوات أمريكية إليه مؤخراً والمتمثل في تبني خطة بنية تحتية إنسانية، تصل قيمتها إلى 3.5 تريليون دولار، وفق موقع بلومبيرغ.