الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

«المشي هو الحل».. بديل اللبنانيين لمواجهة أزمة النقل

«المشي هو الحل».. بديل اللبنانيين لمواجهة أزمة النقل

يبقى إرسال الأولاد إلى مدارسهم المشكلة الأكبر. (أ ف ب)

تُسرع الخطى وتسابق الزمن. بصوتٍ لاهثٍ، وحماسةٍ لا تعرف اليأس، تروي الشابة اللبنانية رانيا حمزة لـ«الرؤية» معايشتها الشخصية لأزمة الوقود في لبنان، والتي قادت لأزمة نقل حادة يعاني منها اللبنانيون بمختلف فئاتهم، ما انعكس على شتى مناحي الحياة.

تقول حمزة (35 عاماً)، وهي تقطع الطريق سيراً على الأقدام للحاق بعملها، «بالأساس أزمة الوقود جاءت بعد سلسلة أزمات تضرب لبنان من حوالي سنتين وأكثر، تحديداً من يونيو 2019 قبل ثورة تشرين.. بدأت أزمة الدولار ثم الوظائف والغلاء».

وأضافت حمزة (الموظفة في إحدى الجمعيات المدنية): «من قبل، كنت أداوم عن بعد، أما الآن فمضطرة للذهاب إلى مقر العمل».

تعيش حمزة في عين الرمانة، على بعد 45 دقيقة سير على الأقدام عن عملها في طريق جديدة. وتوضح في حديثها لـ«الرؤية» بينما تعلو من حولها أبواق السيارات، «إذا تعبت وأخذت راحة، يستغرق المشوار ساعة كاملة».

أما ركوب «السيرفيس» (سيارة نقل جماعية بالأجرة) فمُكلف بالنسبة لها، إذ تنتقل السيارة نظرياً «من محافظة لمحافظة، رغم أن المسافة عملياً بين المكانين ليست بهذا البعد».

وأوضحت: «كان السيرفيس يأخذ 20 ألف ليرة، عندما كان تانك البنزين يتكلف 200 ألف.. الآن أصبح التانك بـ300 ألف، فأصبحت أدفع 60 ألفاً ذهاب، و60 ألفاً رجوع.. بل وقد اضطر إلى دفع أكثر من هذا المبلغ حسب السائق.. بالنهاية أصرف كل معاشي على المواصلات.. بعدي ما أكلت.. بعدي ما شربت.. بعد ما عملت أي شي».

وقالت حمزة: «أخذت قرار لن أستقل سيارة سيرفيس بعد الآن. أقطع الطريق سيراً وأحاول الاستمتاع بالتسلية والتقاط الصور. فللأسف لا توجد حافلات.. حتى وسائل النقل العام لم تعد متاحة للجميع، أصبحت التذكرة بـ10 آلاف وكانت في السابق بألف.. صعبوها علينا وخنقونا لأقصى درجة». وتابعت: «الأزمة صارت مخيفة.. هناك من لا يمتلكون حتى أجرة ركوب الباص. تخيلي أب وزوجة و3 أبناء.. لكل واحد 10.. يعني 50 ألفاً ذهاباً و50 ألفاً عودة.. 100 ألف يومياً.. بدك تضربيها في 24 نهار عمل.. بل وهناك من يداوم السبت».

من جانبه، قال حسان كازما (مهندس يعمل في بيروت) إن «النقل الشعبي في بيروت وضواحيها عموماً يعتمد بشكل أساسي على المني فان (12 راكباً)، وطبعاً السيارات العامة الصغيرة، التي تتنقل على خطوط سير محددة وتتسع لـ(4 ركاب)».

وأضاف كازما لـ«الرؤية»: «اليوم ارتفعت أسعار النقل بحدود العشرة أضعاف.. إضافة لانقطاع الوقود من الأسواق لبعض الأوقات، ما حدّ بشكل كبير حركة تنقل الناس. أصبح استعمال وسائل النقل للضرورات فقط. في المقابل، زاد استخدام الدراجات التي تعمل على الوقود، لتسليم البضائع الخفيفة مثلاً. أما الدراجات الهوائية فيصعب استعمالها لافتقار المدن في لبنان إلى البنية التحتية اللازمة وعدم الالتزام بقوانين السير».

بالطبع أثرت أزمة المواصلات على العلاقات الاجتماعية. وقال كازما: «قلت تنقلاتي، خصوصاً تواصلي ولقاءاتي بالأصدقاء لا سيما ممن يسكنون في مناطق أخرى. لكن تبقى مسألة إرسال الأولاد إلى مدارسهم ولقائهم بأصدقائهم هي المشكلة الأكبر، فحتى الصغار باتوا مضطرين للاكتفاء بالتواصل الرقمي والتعلم عن بعد».

بدورها، قالت ريما الشواف (ربة منزل - 38 عاماً) إن «البنزين والمازوت أمر ضروري لكل شيء. بدونهما يحدث شلل في الحياة. كلاهما ارتفعت أسعاره بشكل غير منطقي. الكثيرون ما زالوا يتقاضون معاشاتهم بالليرة اللبنانية، وبالمعدلات القديمة. تأمين المازوت بالنسبة لهم أصبح مستحيلاً».

وأضافت الشواف لـ«الرؤية»: «المصيبة لا توجد وسائل مواصلات آدمية منذ الحرب، ليس لدينا قطارات ولا مترو وحتى الحافلات العامة غير مرتبة». وأشارت إلى أنها تعرف الكثير من الفتيات بدأن يقبلن في هذه المرحلة على استصدار رخص لقيادة الموتوسيكل.

وأوضحت الشواف أن هناك بديلاً آخر «هو السيارات والدراجات الكهربائية.. عليها طلب كثير الآن.. إضافة لتعبئة السيارات بالطاقة الشمسية.. خاصة وأن الأزمة ستطول.. لكن المشكلة أنه ليس لدينا محطات كافية لتعبئة الكهرباء، حال فرغت كهرباء السيارة فجأة.. باختصار واقعنا غير مهيأ لمثل هذه البدائل».

تتفاوت الحلول والبدائل حسب الوسط الاجتماعي، ففي حين تمثل السيارات الكهربائية حلاً للشواف، غزت عربات «التوكتوك» ذات التعريفة المنخفضة بعض البلدات اللبنانية ليقبل عليها كثير من اللبنانيين.

وكانت الدواب والحمير قد تحولت إلى حل بديل عن وسائل النقل التقليدية منذ بضعة أسابيع، لا سيما في المناطق الريفية وبين الطبقات الأكثر كدحاً التي لم تجد سوى «العودة 100 سنة إلى الوراء» بركوب الدواب، حلاً لأزمة النقل في لبنان.

الحل جاء ترجمة عملية لتصريحات أدلى بها وزير الطاقة والمياه اللبناني ريمون غجر في يونيو دعا فيها اللبنانيين إلى إيجاد بدائل لم يسمها لأزمة الوقود، متنبئاً بأن «البنزين سيصبح حكراً على الأغنياء، وعلى الآخرين أن يبحثوا عن شيء ثان».