الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

«رؤية استباقية».. الإمارات رأس حربة في وجه الإرهاب

«رؤية استباقية».. الإمارات رأس حربة في وجه الإرهاب

أرشيفية.

منذ اليوم الأول لتأسيسها قبل 50 عاماً، كانت الإمارات رأس الحربة في المنطقة العربية والشرق الأوسط ضد كل الأفكار الظلامية والمتطرفة، واستطاعت من خلال سياستها الداخلية وتفاعلات الخارجية التي صاغها وسهر على تنفيذها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أن تقدم النموذج العالمي الكامل في هزيمة الإرهاب؛ لأنها اعتمدت على رؤية استباقية و مقاربات غير تقليدية في محاربة كل الحركات والأفكار المتطرفة، وهو ما جعل من الإمارات «حصن عالي» وقلعة منيعة ضد كل أشكال التطرف والكراهية ورفض الآخر.

ويرجع النجاح الإماراتي خلال العقود الخمس الماضية في مكافحة الإرهاب، إلى تطبيق رؤية متكاملة في مكافحة الفكر المتطرف، وفق 3 مسارات رئيسية، هي: مكافحة الفكر المتشدد، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، والتعاون المثمر مع كافة القوى والفئات التي تتفق مع الإمارات في هدف القضاء على التنظيمات الإرهابية.

وأثمر الإصرار الدائم والصارم للقيادة الإماراتية ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، ووصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، ولي عهد أبو ظبي، في تبني رؤية مبتكرة في حماية الإمارات من التطرف والعمليات الإرهابية، بل وساهمت هذه الرؤية في إنقاذ آلاف الأرواح حول العالم من خلال الدعم الإماراتي الكامل وغير المشروط لكل جهد على وجه الأرض يهدف إلى بناء عالم خالي من الإرهاب، فكيف شكلت الاستراتيجية الإماراتية في مكافحة الإرهاب نموذجا في التعاطي المحلي والإقليمي والدولي ضد هذه الظاهرة التي دمرت دولاً باكملها؟ وإلى أى مدى يمكن أن يكون التصور الإماراتي رأس الحربة في معركة الإنسانية ضد دعاة الكراهية والتطرف والقتل؟

جهد مؤسسي

من حق الإمارات قيادة وشعباً وهي تحتفل بمرور 50 عاماً على تأسيسها أن تفتخر بتجربتها في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، لأن نتائج هذه التجربة واضحة للجميع في تجنب الإمارات طوال هذه السنوات مخاطر انتشار الفكر المتطرف على أراضيها وبين شبابها، وهناك أسباب كثيرة تقف وراء هذا النجاح، لكن أبرزها يتعلق برؤية القيادة الإماراتية لهذا الخطر، فلم تنظر الإمارات إلى انتشار الفكر الإرهابي في دول أخرى أو أقاليم بعيده باعتباره بعيد عنها، وبدأت منذ فترة طويلة العمل على مكافحة الفكر المتطرف من خلال نشر ثقافة التعايش وقبول الآخر، وفي نفس الوقت العمل على دحض وتفكيك الخطاب المتشدد، من خلال الكثير من المؤسسات والقرارات، لعل أبرزها إصدار القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 في شأن مكافحة الجرائم الإرهابية، ومرسوم بقانون اتحادي رقم 2 لسنة 2015 الخاص لمكافحة التمييز والكراهية.

وتعمل الإمارات منذ فترة طويلة بشكل دائم على ضبط الخطاب الديني في المؤسسات الرسمية، والمنابر الدينية والإعلامية، ومناهج التعليم الديني، وكانت خطوة الإمارات عام 2012 بتأسيس «مركز هداية» بالشراكة مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، بمثابة نقلة نوعية في مجال مكافحة الأفكار المتطرفة، وتعتبر دولة الإمارات عضواً مؤسساً في «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، ورئيساً مشاركاً لـ«مجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف» التابعة للمنتدى مع المملكة المتحدة من عام 2011 إلى عام 2017، وعندما زاد انتشار الأفكار المتطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي أسست الإمارات مركز «صواب» عام 2015، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف الى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف و الإرهاب، وذلك حسب بيانات رسمية لوزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية.

وقف التمويل

وتتميز الاستراتيجية الإماراتية في مكافحة الإرهاب بأنها لا تترك مجالا لتمويل الجماعات الإرهابية؛ لأنها تعتقد أن الفكرة الخاطئة والمتطرفة تحتاج إلى تمويل حتى تتحول لعملية إرهابية، كما أن التمويل يلعب الدور الأكبر في حشد وتعبئة وضم العناصر الإرهابية، لذلك كان الجهد الإماراتي على المستوى العربي والإقليمي والدولي عنوانا للتحرك المسئول في تجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية، من خلال إصدار المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 حول مواجهة جرائم غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.

وأسست الإمارات وقبل دول كثيرة في المنطقة اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب والتنظيمات غير المشروعة، ضمن المصرف المركزي الإماراتي، وتطبق الإمارات أحدث الأنظمة العالمية في منع تمويل الجماعات الإرهابية عبر تجهيز وحدات الاستخبارات المالية بالمعدات والخبرات اللازمة لتكون قادرة على تحليل التعاملات المشبوهة والتحقيق فيه، كما انضمت الإمارات إلى كافة المعاهدات والاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، وشاركت برعاية وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف تمويل التنظيمات والكيانات الإرهابية، مثل القرار 2347 المعني بمكافحة التدمير والاتجار غير القانوني للتراث الثقافي من قبل الجماعات الإرهابية في حالات النزاع المسلح، والذي جاء في أعقاب إنشاء دولة الإمارات بالتعاون مع فرنسا ومنظمة اليونسكو «التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع»، كل ذلك أسهم في تصنيف الإمارات ضمن أفضل 5 دول في العالم في مجال الالتزام بمكافحة تمويل الإرهاب، وفق بيانات البعثة الإماراتية الدائمة في مجلس الأمن.

مواجهة مباشرة

لم تقتصر المواجهة الإماراتية على مواجهة الفكر الظلامي وتجفيف منابع تمويله، بل شاركت في جميع التحالفات الدولية لمحاربة التنظيمات الإرهابية، منها المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة داعش في سوريا والعراق الذي تأسس عام 2014، والمشاركة في التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب منذ نوفمبر 2015، ويشهد الجميع للدور الكبير والمحوري الذي قامت به في توجيه ضربة قاصمة للتنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم القاعدة في اليمن، من خلال مشاركتها في التحالف العربي، الذي تأسس في فجر 26 مارس 2015، وذهب الدعم الإماراتي لجهود مكافحة الإرهاب الدولية بعيداً، بما فيها القارة الإفريقية التي سجلت استجابة إماراتية سريعة لجهود مكافحة التنظيمات الإرهابية، عندما ساهمت الإمارات بـ30 مليون دولار في تشكيل القوة الفرنسية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، التي أعلن عنها في 13 ديسمبر 2017 بالقرب من العاصمة الفرنسية باريس.

كل هذا الجهد والعمل بأمانة وإخلاص في مكافحة التشدد والتطرف جعل الجميع يشير بالبنان إلى هذه التجربة المبدعة التي كانت أحد الثمار التي تقدمها الإمارات للعالم، وهي تبدأ 50 عاماً جديدا من تاريخها.