الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

«الارتداد عربياً».. فراغ اقتصادي أوروبي نتيجة التوتر الفرنسي البريطاني

«الارتداد عربياً».. فراغ اقتصادي أوروبي نتيجة التوتر الفرنسي البريطاني

احتجاج قوارب الصيد الفرنسية أمام ميناء سانت هيلير قبالة جزيرة جيرسي البريطانية للفت الانتباه( أ ف ب)

تمثل العقوبات الفرنسية المرتقبة على بريطانيا فرصة للدول العربية الكبرى، لملء الفراغ الاقتصادي المتوقع في الدولتين الكبيرتين في أوروبا، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الرؤية».

ووجهت فرنسا رسالة تحذير إلى بريطانيا إثر تصاعد أزمة الصيد بين البلدين، مؤكدة أنها ستستخدم القوة إضافة إلى مجموعة من العقوبات، يمكن أن تؤثر على إمدادات الطاقة إلى لندن.

قوارب الصيد

وتصاعدت أزمة قوارب الصيد البريطانية التي تمارس عملها بصورة غير قانونية في المياه الفرنسية، وأصبحت مصدر خلاف كبيراً بين الجارتين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. حسب تقرير نشرته وكالة «رويترز».

وقال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، كليمنت بيون، إن فرنسا سوف تستخدم من الآن لغة القوة مع بريطانيا، مضيفاً: «يبدو أنها اللغة التي يفهمها البريطانيون».

اقتناص الفرص

من جانبه، قال عضو الجمعية المصرية للإحصاء والاقتصاد والتشريع، الدكتور وليد جاب الله، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سبب توترات شديدة وحساسية بين لندن ودول الاتحاد الأوروبي، وقبل هذا الخروج لم تكن هناك مشكلات متعلقة باقتسام مناطق الصيد، وكان هذا الملف ضمن الملفات الهامة التي كانت تعرقل إبرام اتفاقية الخروج.

وأضاف جاب الله أن عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي لا تزال بحاجة إلى تثبيت نظم جديدة لم تعهدها عملية الصيد وقتما كانت بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن أزمة إلغاء صفقة الغواصات الفرنسية لأستراليا ووجود بريطانيا كطرف مع الولايات المتحدة، زاد التوتر بين باريس ولندن.

وأوضح أن الأزمة ستكون لها تأثيرات اقتصادية على البلدين الكبيرين في محيطهما الأوروبي، لافتاً إلى أن أيّ صراع بين فرنسا وبريطانيا سيشهد دعماً من الاتحاد الأوروبي لفرنسا، مع دعم أمريكي للجانب البريطاني، ما يوسع خريطة المنافسة الدولية.



وفيما يتعلق بالتأثيرات المحتملة على الشرق الأوسط، يرى عضو الجمعية المصرية للإحصاء والاقتصاد والتشريع، أن المهارة تتمثل في اقتناص الفرص في ظل تلك الصراعات، وهناك علاقات اقتصادية بين الدول العربية الكبرى وبين الدولتين المتنافستين، ما يعني مصالح اقتصادية تعود بالنفع على الاقتصاد العربي.

سيناريوهات تطور الصراع

أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، ضرورة وضع الأزمة القائمة بين بريطانيا وفرنسا في سياقها الطبيعي، مشيراً إلى أنها ليست معضلة مفصلية بين البلدين، متوقعاً أن تجري اتصالات سريعة بينهما، خاصة مع عدم وجود رغبة لدى أيّ من البلدين في التصعيد.

وقال فهمي لـ«الرؤية»، إنه بغض النظر عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن البلدين عضوان كبيران أيضاً في حلف شمال الأطلسي "الناتو" وحتى مع إطلاق فرنسا العقوبات التي تتحدث عنها ستكون عقوبات في سياقها العام، وغير مؤثرة بشكل كبير، لحرص باريس على عدم الاصطدام مع لندن.



وأضاف أنه في حال تطور الصراع بين البلدين، فإنه سيتخطى حدود أوروبا إلى مناطق مصالح ونفوذ الدولتين الكبيرتين، مستبعداً الآثار الكبيرة على إقليم شرق المتوسط.

وتابع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الصراع قد يمتد إلى جنوب الصحراء الأفريقية ومناطق النفوذ التي تتمتع بها الدولتان في القارة السمراء، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كان الجانبان يحتويان الأزمة أم يتوجهان نحو التصعيد.

مشهد معقد

يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور إكرام بدر الدين، أن العالم أمام مشهد معقد بين دولتين أوروبيتين كبيرتين، ترتبطان بعلاقات وثيقة منها عضوية حلف الناتو، والتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي.

وقال بدر الدين إن تاريخ العلاقات بين بريطانيا وفرنسا شهد منافسات كثيرة، وأحياناً عدم تعاون، لكن لم يصل أبداً في العصر الحديث إلى حد القطيعة.

وأضاف أن المنافسة على النفوذ والتأثير الدولي، فضلاً عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والعوامل الاقتصادية والسياسية، كلها عوامل تؤدي إلى عدم تطابق في المواقف والرؤى بين البلدين.

وتابع بدر الدين أنه يمكن للدول الكبرى في الشرق الأوسط، زيادة التعاون الاقتصادي مع البلدين، واستغلال الأمر اقتصادياً بما يخدم مصالح دولنا، بعيداً عن التحيز لأيّ من الطرفين.

وأكد أن هذا التوتر الفرنسي البريطاني ليس له صفة الدوام، ويمكن لملمة الأزمة، لأن عوامل التقارب بين الدولتين أكبر من عوامل التناقض والصراع، مشيراً إلى ضرورة استعداد الدول العربية لملء أيّ فجوة في إمدادات المنتجات التي قد تشهد عجزاً في فرنسا أو بريطانيا بسبب الخلافات القائمة، والتي لا يعرف موعداً لنهايتها.