الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

لماذا تستحق الإمارات استضافة مؤتمر الأطراف «COP28»؟

لماذا تستحق الإمارات استضافة مؤتمر الأطراف «COP28»؟

أرشيفية.

تتسلح دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تترشح لاستضافة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف، في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 2023، ليس فقط بإرادة سياسية كاملة، ووقوف الدولة بكل قيادتها ومؤسساتها وهيئاتها، وراء ملف الإمارات الذي يقدمه ويستعرضه وفد رفيع المستوى، برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أثناء قمة غلاسكو كوب 26 الحالية، بل يتفرد ويتميز الملف الإماراتي بتاريخ طويل من الانحياز الكامل لكوكب الأرض، وخبرة عريضة وإمكانات ضخمة وتجهيزات غير مسبوقة جعلت من الإمارات طوال السنوات الماضية الدولة ذات المكان العالي والمكانة الرفيعة في كل الجهود الإقليمية والدولية التي تهدف إلى تحقيق هدف الأجيال الحالية والقادمة، بالحفاظ على الأرض من المخاطر البيئية التي تهدد الجميع بلا استثناء.

لكن أكثر ما يلفت النظر في الملف الإماراتي، تلك المسيرة الطويلة من الاهتمام بالأرض والبيئة والهواء، الذي لم يكن وليد المشاكل البيئية والمناخية الحالية، بل كان الاهتمام والحفاظ على البيئة متزامناً ومرادفاً لكل مراحل التطور والتنمية في الإمارات، الأمر الذي جعل من دولة الإمارات، نموذجاً يشار إليه بالبنان، للتأكيد على نموذجية التعامل مع القضايا والتحديات البيئة.

اهتمام مبكر بقضايا البيئة

ويعود الفضل في ذلك إلى الاستنارة السياسية والمسؤولية الأخلاقية، التي أرسى دعائمها الوالد المؤسس، المغفور له سمو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، الذي يعد بكل المقاييس نموذجاً يحتذى على المستوى الدولي، في مجال الحفاظ على البيئة والكوكب.

فالشيخ زايد هو القائل: «المحافظة على الطبيعة التزام وواجب مقدس، يجب علينا ألّا نخل بالتوازن الحيوي، لأن بقاءنا يعتمد عليه، ويجب أن نلعب دوراً إيجابياً في ترك هذه الأرض مكاناً أخضر لأجيالنا المقبلة».

فمنذ عام 1969، وقبل أن يتحدث البعض عن البيئة، وارتفاع درجة حرارة الأرض، كان الشيخ زايد يطلق سياسة متكاملة حول التشجير، بالإضافة إلى تأسيس أول غابة صناعية في مدينة زايد بمنطقة الظفرة.

وتوسعت سياسة التشجير منذ ذلك الوقت حتى وصلت إلى نحو 360 ألف و124 هكتاراً في عام 2004، وهو ما يعادل 5.35% من المساحة الإجمالية لدولة الإمارات، فماذا في جعبة الملف الإماراتي الذي يجعل من دولة الإمارات الأجدر والأحق باستضافة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كوب 28 عام 2023؟

الحياد الكربوني

أثمرت جهود القيادة الإماراتية، وبفضل الرؤية المستقبلية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أثمرت تلك الرؤية عن الإعلان الكبير من دولة الإمارات بأنها سوف تصل إلى الحياد الكربوني «صفر كربون» عام 2050، وبذلك تكون هي الدولة الأولى في الخليج العربي وغرب آسيا والإقليم العربي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تستطيع الوصول إلى هذا الهدف الطموح وغير المسبوق.

فقد قال سمو الشيخ محمد بن راشد «نموذجنا التنموي سيراعي هذا الهدف، وجميع المؤسسات ستعمل كفريق واحد لتحقيقه.. ودولة الإمارات ستستثمر أكثر من 600 مليار درهم (163 مليار دولار) في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050.. وستقوم بدورها العالمي في مكافحة التغير المناخي».

مقاربة غير مسبوقة

وربما القيمة المضافة التي تتمتع بها الاستراتيجية الإماراتية المبدعة، أنها تقدم نموذجاً ومقاربة غير مسبوقة، في الحفاظ على الكوكب، وتقوم هذه المقاربة على التحفيز وإبراز المكاسب من أجل الحفاظ على البيئة، وبالتالي تقدم الإمارات العمل في مجال الحفاظ على الكوكب على أنه فرصة بجانب أنه تحدٍّ.

لذلك تقدم الإمارات رؤيتها في الحياد الكربوني، من خلال العمل على خلق فرص اقتصادية جديدة، تسهم في زيادة التنافسية الصناعية، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز اقتصادي عالمي جاذب للاستثمارات، من خلال تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، بالتوازي الكامل مع تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة.

كل ذلك بالإضافة إلى الحد من تداعيات تغير المناخ عبر بناء اقتصاد المعرفة، والوصول إلى مزيج من مصادر الطاقة، ناهيك عن أن خطة الإمارات للحياد المناخي سوف تعزز وتطور، ليس فقط الخبرات البشرية والابتكار، بل ستكون مجالاً خصباً لاجتذاب الكفاءات والقدرات البشرية المتميزة، وفق سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي.

الأهداف في أرقام

ويتميز الملف الإماراتي لاستضافة «كوب 28» بأن الدولة الإماراتية، تمتلك تصوراً واضحاً بالأرقام والتمويل والعناصر البشرية والجدول الزمنية، فالإمارات هي الدولة الأولى في المنطقة، التي تسعى إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، منها 44% طاقة متجددة و6% طاقة نووية، وهو ما يعادل توفير 700 مليار درهم حتى عام 2050، وخفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة، وزراعة نحو 30 مليون شجرة في الإمارات بحلول عام 2030، من أجل الحفاظ على البيئة الساحلية وتعزيز تنوعها الحيوي.

كما يحق لكل إماراتي وعربي، أن يفخر بقدرة الإمارات على الوصول إلى بناء وتشغيل أكبر 3 محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، وأقلها تكلفة في العالم وهي نور أبو ظبي، والتي تقع في منطقة سويحان بإمارة أبو ظبي، وتعتبر أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية قيد التشغيل حول العالم، لأنها تضم 3.2 مليون لوح شمسي وتولد 1.2 غيغاواط من الطاقة الكهربائية، وعند اكتمال هذه المحطة ستمنع انبعاث مليون طن متري من الكربون سنوياً، وهي كمية ضخمة للغاية تعادل إزالة 200 ألف سيارة من الشوارع.

مؤسسات ووزارات

بالإضافة إلى أن الاهتمام بالبيئة والكوكب، بدأ مبكراً في الإمارات، فإن هذا الاهتمام ومن وقت مبكر أيضاً، أخذ الشكل المؤسسي، فالإمارات لديها مبعوث خاص للتغير المناخي هو سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، كما يوجد في الإمارات وزارة خاصة بالبيئة والتغير المناخي، تترأسها مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، وكان من نتيجة ذلك أن الإمارات هي أول دولة عربية توقع على اتفاقية باريس للمناخ، التي جرى التوصل لها عام 2015، والتي تسعى لالتزامات واضحة لتقليل الانبعاث الكربوني بحلول 2030 بحيث يتم تخفيض درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية.

هذا جزء يسير فقط من الأوراق والاستراتيجيات والرؤية التي يضمها ملف الإمارات لاستضافة كوب 28، وفي المقال القادم سوف يتناول الأسس المختلفة التي تجعل من الملف الإماراتي الأفضل عالمياً في قيادة الجهد الدولي للحفاظ على الأرض.