السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

أمريكا والشرق الأوسط.. هل انتهى زمن حماية الحلفاء؟

أمريكا والشرق الأوسط.. هل انتهى زمن حماية الحلفاء؟

أوستن يلقي كلمته في حوار المنامة. (أ ف ب)

أثار وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حالة من الجدل، عقب تصريحاته في حوار المنامة 2021، لاسيما فيما يتعلق بشكل التحالفات التي تطرق لها في مواجهة تحديات القرن 21 في منطقة الشرق الأوسط.

مراقبون اعتبروا هذه التصريحات بمثابة تمهيد لمرحلة غياب «القوة الخشنة» لحماية الحلفاء في المنطقة. في المقابل رأى آخرون أن رسائل وزير الدفاع الأمريكي تحمل رسائل طمأنة للمنطقة، بأن أمريكا مستمرة في التزاماتها تجاه حلفائها، كما تحمل تهديدات للأعداء.

تحالف الخليج مع أمريكا «لا يكفي»

وقال رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الأسبق، أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور عبدالمنعم سعيد: «وزير الدفاع الأمريكي حاول طمأنة المنطقة بعد خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، وبعد أدائها في العراق، بأنها ما زالت ملتزمة بالتزاماتها الأمنية القديمة، لكن الحديث يأتي اليوم عن إطار تعاوني أوسع، مرتبط بالقضايا الكبرى التي تهتم بها أمريكا، بما فيها موضوع الديمقراطية، والاهتمام بقضايا المناخ، والقضايا الموجودة على أجندة الرئيس جو بايدن، بما فيها فكرة المواجهة مع القوى التي تعتبرها أمريكا خصماً لها، مثل إيران».

وأضاف في تصريحات خاصة: «وزير الدفاع الأمريكي يحاول تقديم نوع من الطمأنة بأن الالتزام الأمريكي مستمر، خاصة أن أمريكا لها قوة بحرية ضخمة، تريد أن تقول إن التواجد سيكون قائماً رغم الانسحاب، عن طريق حاملات الطائرات، والقوة البحرية». وتابع: «أمريكا لا تريد أن تجرب مرة أخرى أن تكون موجودة بقواتها على الأرض التي تتواجد بها القوة المعادية لها، فتجربتهم في لبنان، وأفغانستان والعراق، كلها فشلت، ولم تحقق الهدف المطلوب، فهذا هو الهدف من حديث وزير الدفاع الأمريكي».



واستطرد قائلاً: «بالتوازي مع حديث وزير الدفاع الأمريكي في حوار المنامة، نجد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، يزور عدداً من الدول الأفريقية، فأمريكا تقوم بحملة دولية للطمأنة، ووزير الدفاع الأمريكي حاول كسب الرأي العام بحديثه عن استقرار العراق ولبنان، وأيضاً تحدث عن القضية الفلسطينية وحل الدولتين، وبالتالي فهو يجدد الالتزام الأمريكي بذلك».

وأوضح سعيد أن تحالف دول المنطقة والخليج مع أمريكا وحده، لا يكفي وغير مضمون في أوقات الأزمات الكبيرة، لأن أشكال الاعتداء كبيرة، فداعش كانت موجودة في المنطقة لسنوات، والذي انتصر عليها في النهاية هي القوات العراقية والكردية، بمعاونة أمريكا إلى حد ما، فتهديد الإرهاب لا بد أن تواجهه دول المنطقة، ولذا فلا بد من اعتماد الدول على نفسها بشكل أكبر، ولا بد من علاقات تحالفية جدية.

غياب «القوة الخشنة»

ورأى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بلبنان، الدكتور رائد المصري، أن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي هي الأولى من نوعها على هذا المستوى، وهذا الكم من الموضوعات الشائكة، التي طرحت، خصوصاً بعد الغموض الذي لحق بالسياسة الأمريكية، بسبب الانسحابات المتلاحقة من المنطقة، لا سيما من أفغانستان، وبالتالي تأتي تصريحاته، لتتعلق بعاملين اثنين؛ «أولاً مواجهة التهديدات الإرهابية، وهي كلمة فضفاضة منها ما يتعلق بالتنظيمات الراديكالية مثل داعش، ومنها ما يتعلق بما يعتبره التهديد الإيراني، وبالتالي لا بد من تحصين الجهود بين حلفاء أمريكا لمواجهة هذا التهديد».

وأضاف في تصريحات خاصة: «حديث وزير الدفاع الأمريكي في جوهره رسائل تطمينية وسياسية أكثر، وهي تطمين للحلفاء العرب والخليجيين، والحلفاء الأوروبيين بطبيعة الحال، لكنها لا تملك القوة الخشنة لحماية الحلفاء، أو القيام بحروب مستقبلية في هذا المستوى، فلم يذكر ما هي الأساليب والوسائل التي يمكن بها تحقيق هذه الحماية». واستطرد قائلاً: «هناك إشارة واضحة على تصميم أمريكا بالإبقاء على دبلوماسيتها الخارجية وتفعيلها بشكل قوي، بالتلازم مع القوى العسكرية، بما هو متواجد ومتاح اليوم، لتطمين الحلفاء، وضمان حمايتهم من إيران، وعبث المنظمات الدينية الراديكالية المتطرفة، وهي رسالة ربما تعيد الوهج لحلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأيضاً في البلدان الأفريقية».



وأردف قائلاً: «حديث وزير الدفاع الأمريكي يأتي في إطار إعادة توجيه الاهتمام لدول المنطقة والخليج، بعدما انشغلت أمريكا بالحرب التجارية، والنزاع الاستراتيجي الكبير مع الصين، فأرادت واشنطن أن تعطي اهتماماً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتطمين الحلفاء، بأن هذا الانشغال هو غير كامل، وأنهم موجودون ضمن دبلوماسية فاعلة، مقرونة بقوة عسكرية».

ولفت المصري إلى أن وزير الدفاع الأمريكي «أشار إلى وقوفهم بجانب العراق، وبجانب الشعب اللبناني، إلى جانب تونس وغيرها، فهو يريد استنهاض حالة شعبوية، بأن الولايات المتحدة تقف إلى جانب هذه الشعوب المظلومة والمقهورة، فحديثه كله رسائل مبطنة لها طابع دبلوماسي مقرون بتلازم عسكري قوي، لكن ترجمته على هذا المستوى صار صعباً، لأن الخروج الأمريكي من المنطقة، والعودة بنفس القوة يحول دونه صعوبات كثيرة للغاية، فهي تحاول الترميم بطرق دبلوماسية فاعلة أكثر، لعلها تنجي ما تبقى من تحالفات أقامتها أمريكا بالمنطقة».

واختتم تصريحاته قائلاً: «نحن أمام سياسات جديدة مختلفة على مستوى العالم، وعلى مستوى أمريكا، فهي لم تعد بالقوة التي كانت عليها منذ سنتين أو أكثر، والمنطقة ذاهبة لنوع من التفاهمات وعلاقات استراتيجية مختلفة».

محتوى قديم بـ«عباءة جديدة»

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور معتز عبدالفتاح: «ما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي، هو محتوى قديم في عباءة جديدة.. هو إعادة تذكير وتطمين لحلفاء واشنطن في المنطقة، بأن حضور واشنطن الاستراتيجي سيستمر، وأنها لن تتخلى عن دورها التقليدي بحماية حلفائها، ومواجهة أي تهديدات محتملة».

وأضاف في تصريحات خاصة: «أمريكا توضح أنها تعمل على أن يكون هناك ردع عام وخاص؛ الردع العام لكل من يتبنى سياسات معادية لمصالح أمريكا في المنطقة أو لحلفائها، وردع خاص ضد إيران». وتابع: «وفقاً لتصريحات وزير الدفاع الأمريكي فإن أمريكا ستتبنى استراتيجية مرنة تقوم على فكرة وجود قواعد بلا أعداد كبيرة من القوات على الأرض، وحينما يقع تهديد تتحول هذه القاعدة من الوضع الثابت إلى المتغير، وتكون نقطة انطلاق للدفاع عن مصالحها وحلفائها في المنطقة، وهو ما أعلنه الرئيس بايدن من فترة قبل توليه الرئاسة، وهو أن تكاليف وجود قوات أمريكية في الخارج عالية للغاية، وأن واحداً من أهدافه بعد توليه السلطة أن يجعل عدد القوات في الخارج أقل، مع عدم الانسحاب التام من مناطق الصراعات الفعلية والمحتملة».



واستطرد قائلاً: «وزير الدفاع يؤكد على استراتيجية أمريكية مرتبطة بالرئيس السابق باراك أوباما، ومن بعده بايدن، وهي أن أمريكا ترى أنه كلما كانت الدول أكثر ديمقراطية وفقاً لتعريفهم للديمقراطية، تكون أقل اضطراباً داخلياً، وأقل تهديداً لجيرانها خارجياً، وعلى هذا تطلب أمريكا من الرئيس التونسي، ومن رئيس مجلس السيادة السوداني، أن يعودا إلى الإطار الدستوري، الذي يستوعب التعددية داخل الدولتين، لكن ذلك سيصطدم بمشكلة أكبر، هي أن هذه التعددية وهمية، لأن على رأس هذه التعددية جماعات تستغل مقولات الديمقراطية وحقوق الإنسان في ممارسات تؤدي إلى القضاء على هذه الأفكار، ومن هنا ينتفض القادة لحماية الدولة من مخاطر هذه الجماعات».