الثلاثاء - 07 مايو 2024
الثلاثاء - 07 مايو 2024

تونس تترقب الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي بـ«خريطة طريق» سعيد

تونس تترقب الخروج من دوامة الانهيار الاقتصادي بـ«خريطة طريق» سعيد

مؤيدو الرئيس التونسي. (إي بي أيه)

أثارت القرارات التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد، وعرفت بأنها «خريطة طريق»، وتضمنت إجراء استفتاء حول إصلاحات دستورية الصيف المقبل، وتنظيم انتخابات تشريعية نهاية 2022، آمالاً بالخروج من النفق المظلم الذي أدى لانهيار الاقتصاد التونسي، بعدما تدهورت الأوضاع الاقتصادية، في غياب موازنة للعام القادم 2022، وتراكم الديون، ومشاكل سدادها، وغياب النمو الاقتصادي، وارتفاع البطالة.

وأكدت مصادر تونسية تحدثت لـ«الرؤية» أن استقرار الحياة السياسية في تونس، وعودتها إلى طبيعتها، يعتبر مدخلاً أساسياً لتحسن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ومدخلاً لحل كل تلك المشكلات المتراكمة على مدار السنوات الـ10 الماضية.

مصنفة بلد مخاطر عالية جداً

وقال الخبير الاقتصادي والمالي التونسي عزالدين سعيدان إن «تونس تواجه صعوبات اقتصادية ومالية، واقتصادها يمر بأوضاع صعبة، فلا يوجد نمو اقتصادي، وهناك نسبة بطالة مرتفعة، لكن المسائل الخانقة الآن في تونس، تخص المالية».

وأضاف في تصريحات خاصة، قائلاً «المشاكل المالية تتعلق بالديون، التي تراكمت بشكل كبير؛ سواء الأجنبي أو المحلي، فقد وصلت تونس في الحالتين إلى مستوى متراكم من الديون، وبرزت مشاكل كبيرة في مواصلة سداد الدين بطرق طبيعية، ما أدى إلى تراجع التصنيف الائتماني لتونس 9 مرات منذ 2011، ما يعني أنها أصبحت مصنفة كبلد مخاطر عالية جداً، ما يخلق وضعاً صعباً جداً من الناحية المالية».

وتابع قائلاً «تونس لا تتوفر حتى الآن على قانون لموازنة العام المقبل، لأن هناك مشاكل كبيرة في طرق تمويل النفقات العامة للدولة؛ ومنها أجور الموظفين، وتسديد خدمة الدين، والمصاريف الأخرى للدولة، والدستور التونسي ينص في حالة غياب الموازنة، على أن يتم العمل بمراسيم رئاسية، بحيث يصدر مرسوم رئاسي كل 3 أشهر، لكن هذه المراسيم، تفرض بعض القيود، في ما يتعلق بفرض ضرائب جديدة، وأيضاً الحصول على قروض جديدة».

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة الشعب في تونس أسامة عويدات «الوضعان الاقتصادي والاجتماعي في تونس يمر بمرحلة صعبة.. وتونس عانت كثيراً في العقد الأخير على المستوى الاقتصادي، إذ ارتفعت نسبة المديونية، وتراجع الدينار التونسي مقارنة باليورو والدولار».

وأضاف في تصريحات خاصة «انهار الاقتصاد التونسي، وعانى معه الحرفيون والفلاحون، لأن المنظومة السابقة كانت تفضل البضاعة الأجنبية على المحلية، ما أضر بالميزان التجاري، والاقتصاد التونسي، وكانت له تأثيرات سلبية على المستوى المعيشي والاجتماعي التونسي».

الإخوان يتحملون المسؤولية

وأوضح سعيدان أن «حركة النهضة الإخوانية كانت في الحكم منذ نهاية سنة 2011، وحتى شهر يوليو الماضي، وتتحمل المسؤولية، بجانب كل الأحزاب السياسية، المشاركة معها في الحكم، فلم تغب النهضة عن أية حكومة من الحكومات».

ولفت عويدات إلى أن «حركة النهضة كانت تخدم مجموعة من اللوبيات، والعائلات النافذة، إما عن طريق تمرير مشاريع قوانين، أو من خلال التعامل معها مباشرة، وعدم الاهتمام بما يطلبه الشعب، وكانت غاية الحركة إرضاء تلك العائلات، وإرضاء جماعاتها، وشركائها على المستوى الأيديولوجي، بدلاً من إرضاء الشعب التونسي، ما نتج عنه القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية، قيس سعيد، في يوليو المنصرم، والتي كانت بمثابة احتجاج على وضع اقتصادي واجتماعي مترد، وثورة على حركة النهضة».

هيكلة اقتصادية

وفي ما يخص الإجراءات الواجب اتخاذها لتجاوز هذا الوضع الاقتصادي السيئ، قال سعيدان «الخطوة الأولى لا بد أن تكون سياسية، إذ يجب أن تستقر الحياة السياسية في تونس، وأن تعود إلى طبيعتها، لأن الأطراف المانحة، والشركاء، لا يمكن لهم التعامل مع حكومات غير مستقرة، أو عندما تكون كل السلطات بيد رئيس الجمهورية فقط كما هو الوضع حالياً في تونس، ولو أنها ظروف استثنائية».

وأضاف سعيدان «بعد استقرار الحياة السياسية، وعودتها إلى طبيعتها، يجب الانتقال إلى إصلاحات تخص ترشيد نفقات الدولة، لأنها ارتفعت بشكل غير متوازٍ تماماً مع قدرات الاقتصاد والنمو الاقتصادي، ثم مراجعة العديد من الإجراءات الخاصة بالتجارة الخارجية، وخاصة التوريد، والشروع الجدي في إصلاح المؤسسات العمومية، وخاصة المرافق العمومية».

ولفت عويدات إلى أن «حركة الشعب قدمت مقترحات عديدة في هذا الجانب؛ من ضمنها إصلاحات داخلية في المنشآت العمومية، حتى تكون في مرحلة أولى قادرة على أن تكون صلبة، لأنها الآن مفلسة، وفي مرحلة ثانية تعود إلى ذروة إنتاجها، وتحقيق الأرباح من جديد، ما سيخلق موارد إضافية للدولة، وهو ما تحتاجه الدولة التونسية الآن».

وتابع قائلاً «تونس في حاجة إلى هيكلة اقتصادية، وهيكلة على مستوى المنشآت، وعدم التفريط فيها، لأنها قادرة على تطوير الأداء التونسي على المستوى الاقتصادي، ومن بين الحلول التي اقترحتها حركة الشعب، إدماج الاقتصاد الموازي غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي، ما سيجبر من يتاجرون خارج الاقتصاد المهيكل، على إدخال أموالهم في العجلة المالية والبنكية التونسية، وهو ما سيخلق موارد إضافية للبلاد، بجانب تعديل قانون البنك المركزي، خاصة في النقطة المتعلقة باستقلاليته، لأنه من غير المعقول، أن البنك المركزي يقرض الدولة عبر البنوك التجارية، وبنسبة فائدة عالية، في حين يفترض إلغاء استقلالية البنك المركزي، لتصبح الدولة قادرة على الاقتراض مباشرة من البنك المركزي، بدون وساطة البنوك التجارية».