الجمعة - 17 مايو 2024
الجمعة - 17 مايو 2024

«فورين بوليسي» تسلط الضوء على خطايا بايدن في اليمن

«فورين بوليسي» تسلط الضوء على خطايا بايدن في اليمن

بايدن لم يدرك أهمية اليمن بالنسبة لاستقرار الشرق الأوسط برمته. ( إيه بي أيه)

• هجمات أبوظبي تأتي في وقت نضال الإمارات لترسيخ السلام والأمن الإقليمي

• الحوثيون اعتبروا رفعهم من الإرهاب ضوءاً أخضر للانصهار في الحرس الثوري

• الرئيس الأمريكي تخلى عن قوات التحالف وتركها في مواجهة «أذناب» إيران

تعددت خطايا إدارة بايدن في حرب اليمن، والمنطقة بشكل عام، بداية من انتزاع جماعة الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية، وفق توصية إدارة دونالد ترامب؛ وعزوفها عن حلحلة الأزمة على حساب الاهتمام بالملف النووي الإيراني؛ وتخليها تماماً عن دعم قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، حسب تقرير مطول أعدته «فورين بوليسي» الأمريكية. وفاقمت الأسباب الثلاثة الأزمة، التي تعلمها إدارة بايدن جيداً، منذ أول أيام توليها رئاسة البيت الأبيض؛ فالرئيس الديمقراطي، لم يدرك حتمية الانتباه إلى اليمن، ليس فقط لصالح هذا البلد المأزوم، وإنما من أجل استقرار الشرق الأوسط برمته.

هيمنة الحوثيين

ووفقاً للتقرير الذي أعده الكاتبان كاثرينا زيميرمان، ونيكولاس أ هيراس، اضطرت قوات التحالف العربي للتعامل بمفردها مع هيمنة الحوثيين على مفاصل الدولة اليمنية بدعم كامل من إيران، بالإضافة إلى تهديد الجماعة الإرهابية استقرار منطقة الخليج؛ رغم أنه منذ تولي بايدن منصبه وصف الحرب بـ«كارثة إنسانية واستراتيجية»، وحاول من خلال العمل الدبلوماسي وضع أوزارها؛ إلا أنه رغم ذلك لا يزال القتال مستمراً، وما برح الوضع الإنساني مريعاً.

وفي حين ركزت الإدارة الديمقراطية كل جهدها على إحياء الاتفاق النووي الإيراني، تركت ملف حرب اليمن، وزاد تفاقم الأوضاع بعد رفع الحوثيين من قائمة الخارجية الأمريكية بداعي تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى اليمن؛ لكن الواقع على الأرض أثبت خطأ القرار، إذ لم يعتبر الحوثيون الخطوة ضوءاً أخضر فقط للضغط من أجل هزيمة قوات المعارضة في اليمن عسكرياً، وإنما مكَّن الجماعة الإرهابية أيضاً من التحوُّل إلى ذراع من أذرع تدخل الحرس الثوري الإيراني في منطقة الخليج؛ وهو ما جعل إعادة تفكير الإدارة الأمريكية حالياً في موقفها من حرب اليمن خطوة متأخرة جداً.

تقدير موقف | 6 مسارات لمنع تمويل إرهاب الحوثي

مأزق دبلوماسي

وحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، وضعت إدارة بايدن اليمن في مأزق دبلوماسي، حين غسلت يديها من أي دعم محتمل لقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في حملتها العسكرية ضد الحوثيين. ورغم أهمية دحر إرهاب الحوثيين عبر عمليات قوات التحالف، إلا أنه كان حرياً بإدارة بايدن الاهتمام بالإشكالية المعقدة أكثر من تولية وجهها شطر الملف النووي الإيراني فقط.

الحقيقة، حسب الكاتبين الأمريكيين، أن تهديد الحوثيين لم يقتصر على اليمن، أو حتى على شبه الجزيرة العربية فقط، لكنه قاد أيضاً إلى تنامي انصهار جماعة الحوثي الإرهابية مع إيران فيما يعرف بـ«محور المقاومة»، وأحال اليمن إلى جبهة جديدة، تنطلق منها الهجمات على المحور المعتدل، الذي يمثل الحلفاء الأقرب إلى الولايات المتحدة، لا سيما الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وكذلك إسرائيل؛ خاصة أن الأخيرة تلقت تهديدات مباشرة بالدعم الإيراني الهائل للحركات الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي، واتساع دائرة بنك الأهداف ضد إسرائيل، خاصة من جانب «حزب الله» في الجنوب اللبناني.

نضال أبوظبي

ويرى معدا التقرير الأمريكي أن هجمات الحوثيين الأخيرة ضد الإمارات جديرة بالملاحظة، لأنها تأتي في وقت تناضل فيه أبوظبي من أجل ترسيخ دعائم السلام والأمن الإقليمي في المنطقة؛ فرغم احتفاظ الحوثيين باستقلاليتهم، لكن إيران عملت منذ سنوات على دعم الجماعة الإرهابية، واعتبرتها شريكاً رئيسياً في المنطقة من خلال حرسها الثوري؛ ما حدا بالجماعة التي كانت تعتمد على وسائل قتالية بدائية إلى الانفتاح على إيران وتطوير علاقتها بها، وتلقيها كميات هائلة من السلاح المتطور، لتتحول إلى جبهة إيرانية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، تماماً مثل «حزب الله» في لبنان، والمليشيات الموالية لها في سوريا والعراق.

وكما حدث مع أذناب إيران في منطقة الشرق الأوسط، أدى الدعم الإيراني للحوثيين خلال الحرب الأهلية المستمرة في اليمن إلى تغيير كبير في القدرات العسكرية للجماعة، بما في ذلك السماح لها ببناء ترسانة أسلحة، تتضمن صواريخ باليستية، ومسيَّرات هجومية. وفي خطوة لاحقة تجاسر الحوثيون على استهداف السعودية – والآن الإمارات – اعتماداً على ترسانة أسلحتهم المتطورة؛ وشرعوا أيضاً في إبداء إمكانية تهديد إسرائيل نيابة عن إيران.

خاص | 3 استقالات بين طاقم المفاوضات الأمريكية في «نووي إيران»

ضغط ثابت

بمرور الوقت، يمكن أن تسمح وضعية الحوثيين الحالية لإيران بشن ضربات ضد أهداف إسرائيلية من البحر الأحمر، بما في ذلك السفن والمدن الإسرائيلية الجنوبية مثل إيلات؛ وربما كان ذلك سبباً في تدعيم إسرائيل لجبهتها الجنوبية قبل عدة أشهر، ونشر منظوماتها الدفاعية (القبة الحديدية) في صحراء النقب.

وخلص تقرير الصحيفة إلى أن عزوف وربما إهمال إدارة بايدن لكبح جماح الحوثيين، قاد إلى اتساق أيدلوجيات الجماعة من الناحية الاجتماعية والسياسية والعسكرية والاستراتيجية بشكل وثيق مع المنظور الإيراني، لا سيما بعد تعزيز نفوذ وقوة الجماعة الإرهابية شمال اليمن؛ وهو ما يمنح الحرس الثوري الإيراني إمكانية ممارسة الضغط العسكري الثابت والمستمر على كل أنحاء جنوب شبه الجزيرة العربية ضد خصوم إيران، لا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.