الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

«مخبر طوعي لأمريكا».. معلومات تنشر لأول مرة عن أبو إبراهيم القرشي

«مخبر طوعي لأمريكا».. معلومات تنشر لأول مرة عن أبو إبراهيم القرشي

ابوابراهيم الهاشمي القرشي

منذ دراسته للشريعة الإسلامية في جامعة الموصل، فرضت تناقضات جوهرية نفسها على شخصية زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، المعروف بـ«أبو ابراهيم الهاشمي القرشي»، المولود في أكتوبر 1976، ولقى حتفه في 3 فبراير 2022، بعد تفجير نفسه وأسرته بقنبلة خلال عملية عسكرية، نفذتها قوات خاصة أمريكية في بلدة «أطمة» بمحافظة إدلب السورية.

الإرهابي العراقي الجنسية، الذي دانت له ولايات «داعش» في مختلف دول العالم بالولاء، كان مخبراً طوعياً لقوات الجيش الأمريكي في بلاده، حسب صحيفة «ذي ناشيونال»؛ فبعد تخرُّجه في الجامعة، خدم ضابطاً في جيش العراق عام 2003؛ لكنه بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، انضم إلى «القاعدة»، ليصبح مفوضاً دينياً وفقهياً (مفتي عام)؛ لكن القوات الأمريكية اعتقلته، وأودعته سجن «معسكر بوكا» جنوب العراق.

في السجن التقى «القرشي»، أو حسب اسمه الأصلي محمد عبد الرحمن المولي السلبي، سلفه في قيادة «داعش» أبو بكر البغدادي؛ وحسب «ذي ناشيونال»، عمل «القرشي» حينئذ مخبراً طوعياً للجيش الأمريكي في العراق؛ ونفذ، وفقاً لمسؤول أمريكي، عديد المهام لصالح الولايات المتحدة «في مقابل إنقاذ رقبته»؛ ويُفترض أنه عاد لـ«القاعدة» بعد إطلاق سراحه من السجن في وقت غير معلوم.



ولم تبرح التناقضات موقعها حول «القرشي» بعد انضمامه إلى «داعش» العراق، واقترابه من زعيم التنظيم حينئذ أبو بكر البغدادي، الذي أوصى في مرحلة معينة قبل مقتله في سوريا بتعيين «زميل سجن «معسكر بوكا»» خليفة له. وربما كان السر في لمعان نجم «القرشي» لدى البغدادي، دوره الكبير في استيلاء «داعش» على الموصل يونيو 2014، فضلاً عن دور أكبر في تدبير عمليات الإبادة الجماعية للأيزيديين خلال مذبحة «سنجار» الشهيرة في أغسطس من العام ذاته.


لكن ذلك لم يشفع لدى أقطاب التنظيم الإرهابي بقبول خلافة «القرشي» بسهولة في قيادة «داعش»؛ وظلت وصية البغدادي مطويَّة في أروقة ما يُعرف بـ«مجلس شورى التنظيم»، حتى بعد اغتيال الزعيم السابق بـ15 يوماً، حسب ريتا كاتز، مديرة مجموعة SITE Intelligence Group الأمريكية. وما إن جرى الشروع في تنفيذ الوصيَّة، إلا شكَّك «مجلس الشورى» في صلاحية الهاشمي القرشي للمنصب؛ واتهمته وكالة أنباء «الوفاء» (إحدى أبواق «داعش» قبل انفصالها لاحقاً عن التنظيم) بعدم الصلاحية.

لكن «القرشي»، الذي نعتته الصفوف غير الأمامية في التنظيم بـ«أمير الحرب»، نجح في تجييش الصدور ضد «مجلس الشورى»، حين اتهمه صراحة بانعدام الشرعية، والجهل. بل روَّج زعيم التنظيم الجديد لافتقار «مجلس الشورى» إلى 3 شروط، يتحتَّم توافرها في «أهل المشورة» وناخبي الخليفة؛ وهى، وفقاً لمقاله المنشور في مجلة «دابق» (بوق «داعش» في بلاد الرافدين)، العدل، والمعرفة، والحكمة. الأكثر من ذلك، اتهامه لأعضاء «المجلس» بالحياد عن مبادئ التنظيم، حين أرسلوا البغدادي إلى إدلب، وهى المدينة التي اعتبروها في السابق «داراً للكفر»؛ في حين أن زعيم التنظيم السابق كان من الممكن تمتعه بالأمان إذا اختبأ في الصحراء.

وخالف «القرشي» توقعات الباحثين المتخصصين في دراسة التنظيمات الراديكالية، وبدلاً من اهتراء «داعش»، وتمكُّن الصدوع من صفوفه في ظل خلافته؛ قاد الزعيم الجديد التنظيم بيد من حديد؛ ونجح في استقطاب كافة ولايات التنظيم إلى صفه، وجاء في طليعتها «ولاية سيناء» عام 2019، لتتسرَّب بعدها ولايات التنظيم الأخرى في الصومال، وليبيا، وبنغلاديش، وخراسان، وتونس، وباكستان، ومالي، وبوركينا فاسو، وغيرها الكثير خلال العام ذاته.

وفي يناير 2020، أقر مجلس الأمن الدولي بعودة «داعش» للظهور بأنشطة بشعة في العراق وسوريا، حسب إذاعة «صوت أمريكا»؛ التي قالت في تقرير: «رغم انتساب جل العمليات الإرهابية في العراق وسوريا لـ«القرشي»، لكنه حريص على التخفِّي، ويظل شخصية غامضة»؛ لكن مجلس الأمن عزا ذلك في حينه إلى خشية «القرشي» من افتقاره إلى بعض المؤهلات وربما الشروط، التي كان ينبغي اكتمالها فيه قبل تولي خلافة تنظيم «داعش»، ما أبعده عن دائرة الضوء، وصنع منه «شخصية رمادية»، ليصبح في منأى عن الخطر.