الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

إعلام عبري ينشر تفاصيل مقترح الكونفدرالية الإسرائيلية - الفلسطينية

إعلام عبري ينشر تفاصيل مقترح الكونفدرالية الإسرائيلية - الفلسطينية

أبومازن يستقبل يوسي بيلين في رام الله

يوسي بيلين يوجه تحذير إلى تل أيبب: الوضع الراهن ينتزع من إسرائيل الأغلبية اليهودية

محمود عباس يستبق تطبيق الخطة بـ«الرحيل» وتعيين نائبين من «جيل النكبة»
سلطت وسائل إعلامية إسرائيلية الضوء على التفاصيل الكاملة للمقترح الإسرائيلي- الفلسطيني بإنشاء كونفدرالية بين الدولتين. واستبق الطرح الجديد تحركات غير مسبوقة، للقاءات في رام الله وتل أبيب بين الرئيس الفلسطيني أبومازن، ووزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس؛ وقبلها لقاء وزير الشؤون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ، ووزير خارجية إسرائيل يائير لابيد. ورغم اقتصار المُعلن في هذه اللقاءت على تنسيقات اقتصادية بين الجانبين، تهدف إلى تحسين معيشة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ لكن وجه العملة الآخر حمل مؤشرات ثريَّة حول تسوية سياسية، تقترب من النضوج «على نار هادئة».

لم تغادر جهود الطرح الجديد «دائرة الظل»، إلا بإعلان وزير العدل الإسرائيلي الأسبق الدكتور يوسي بيلين اعتزامه قريباً التوجه إلى واشنطن على رأس وفد فلسطيني – إسرائيلي، لطرح خطة جديدة تحت عنوان «دولة كونفدرالية مشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين؛ مشيراً، حسب لقاء مع الفضائية الإسرائيلية السابعة، إلى أن الخطة هى ذات المبادرة التي سبق وطرحها في 2015، وتضاهي إلى حد كبير تركيبة الاتحاد الأوروبي، وتفرض على الجانبين التزامات أمنية، واقتصادية، وسياسية متفق عليها.

طرف ثالث لتأمين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي

المستوطنات جزء من الدولة الفلسطينية والمستوطنون لا يفقدون هويتهم


منح الفلسطينيين داخل إطار الدولة العبرية مظلة أمنية

ويعرج مهندس الطرح الجديد إلى بنوده الجوهرية، مؤكداً أنه بعد ترسيم الحدود بين الجانبين، تظل المستوطنات اليهودية شرق الحدود كما هى، شريطة تحوُّلها إلى جزء من الدولة الفلسطينية، ولا يفقد المستوطنون مع ذلك الهوية الإسرائيلية، ويحتفظون بحق التصويت في انتخابات الكنيست. وبعد تحديد عدد الإسرائيليين الراغبين في البقاء تحت سلطة الدولة الفلسطينية، يُسمح ببقاء عدد مضاهٍ من الفلسطينيين أيضاً ضمن إطار الدولة الإسرائيلية؛ ورغم تصنيفهم بـ«سكان إسرائيل»، لكنهم يُدرجون في قائمة المواطنين الفلسطينيين.


وفيما يخص ضمان أمن الإسرائيليين من جهة، وأمن الفلسطينيين من جهة أخرى في إطار هذا التداخل، تؤشر الخطة إلى حتمية بناء منظومة تسويات أمنية بخصوص إشكالية المستوطنين؛ بالإضافة إلى منح الفلسطينيين داخل إطار الدولة العبرية مظلة أمنية من جانب الجيش والشرطة الإسرائيلية. ولا يستبعد بيلين في هذا الصدد إمكانية ضلوع طرف ثالث في ضمان تأمين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في إطار الكونفدرالية الجديدة.

ويرفض بيلين استخدام مصطلح «إخضاع الاسرائيليين وكذلك الفلسطينيين للتجربة» في ظل التداخلات الديموغرافية التي تفرضها الدولة الكونفدرالية الجديدة؛ مؤكداً أن «مصطلح «التجربة» كان من الممكن إطلاقه على اتفاقات السلام بين إسرائيل من جهة، ومصر والأردن من جهة أخرى؛ فإذا اعترضت الأطراف حينئذ بداعي العزوف عن «التجربة»، لظل إرساء السلام حتى الآن مستحيلاً». مع ذلك يرى بيلين أن الإسرائيليين لن يرفضوا البقاء في المستوطنات تحت كنف دولة فلسطينية، وكذلك الحال بالنسبة للفلسطينيين؛ خاصة أن كل جانب يضمن احتفاظاً بهويته القومية.

الداخل الإسرائيلي

ورغم تفهُّم بيلين لمخاوف «التجربة» وتبعاتها، لكنه في المقابل وجَّه رسالة إلى الداخل الإسرائيلي مفادها: أن بقاء الوضع الراهن ينتزع من إسرائيل الأغلبية اليهودية. ويبدي بيلين في هذا الخصوص اندهاشاً إزاء عزوف أقطاب المعسكر الصهيوني عن محورية تلك الإشكالية، وقال: «طرحنا سابقاً مخاوف الاستخفاف بتلك النقطة، لاسيما في ظل تطلع دوائر إسرائيلية إلى منح الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي جنسية أردنية، وهو ما آراه تصوراً خيالياً، فالفلسطينيين لن يقبلوا بذلك حتى إذا وافق الأردن، لأنهم بالتأكيد سيحصلون على مميزات وحقوق أكثر في كنف دولة إسرائيل. الأكثر من ذلك هو ضمان بقاء دولة يهودية وديمقراطية في الوقت ذاته».

«الصيحات فارغة المضمون».. هل تقود إلى حلول جذرية للنزاع ؟

التوصل إلى سلام يقلل المخاطر الأمنية إلى حد كبير

تعديلات مرتقبة في محور هيكل السلطة الفلسطينية

يوسي بيلين يواصل التطرق إلى تفاصيل أكثر سخونة، مؤكداً أن المبادرة التي يعتزم طرحها على الأمريكيين، لا تتضمن اجتثاثاً للمستوطنات، حتى إذ تعلق الأمر بنقاط استيطانية صغيرة، يصر قاطنوها على البقاء في موقعهم. وأضاف: «لا إخلاء لأية نقطة استيطانية حتى إذا بلغ عدد أفرادها 30 شخصاً، أو حتى كانت متاخمة لمنطقة عربية مزدحمة مثل نابلس؛ لكن ستُجرى مفاوضات، خاصة أن المبدأ الرئيسي في محادثاتنا مع الفلسطينيين هو أن كل من يريد البقاء في مكانه من الجانبين يظل كما هو».

وحول وجود آذان صاغية للطرح السياسي الجديد في البيت الأبيض، لاسيما في ظل تصريحات أبومازن حول انعدام رغبته في بقاء أي يهودي على أرض فلسطين؟ قال بيلين: «أبومازن قال كلاماً كثيراً، وأنا شخصياً لا أمثل إسرائيل، ولا تمثل المحامية الفلسطينية هبة الحسيني هى الأخرى السلطة الفلسطينية؛ لكننا عملنا سوياً على المبادرة الجديدة – القديمة، ويتفهم عديد الفلسطينيين الصعوبات التي تقف أمام إخلاء المستوطنات؛ ويتفهمون أيضاً تحولها إلى عقبة كؤود، وأنه إذا تغلبنا عليها واقترحنا على المستوطنين مواصلة العيش هناك لن يعترضوا، خاصة إذا قاربت الخطوة من إحراز السلام».

وفي رد على سؤال حول وجود شريك ذو صلاحية، يمكنه الموافقة على الطرح السياسي الجديد، قال يوسي بيلين: «خلال التفاهمات التي جرت بيني وأبومازن في 1995، تحدثنا عن إخلاء مستوطنين في قطاع غزة وبقية مستوطني الضفة الغربية. وحينها قال أبوعلاء (أحمد قريع) علانية إنه يستطيع التعايش مع ذلك؛ وما نطرحه اليوم ليس جديداً أو مغايراً للماضي. صحيح أن أبومازن أطلق عديد التصريحات يميناً ويساراً خلال السنوات القليلة الماضية؛ لكن الأهم بالنسبة لي هو طرح المبادرة الجديدة على طاولة المفاوضات، والالتفاف حول اتفاقات تتجاوب مع مطالب الجانبين».

براغماتية فلسطينية

ولا يعتقد الدكتور بيلين في صحة وضع الفلسطينيين في سلة واحدة إزاء الطرح الجديد؛ فبعيداً عن «الصيحات فارغة المضمون»، حسب تعبيره، هناك شريحة كبيرة من البرغماتيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وكذلك في قطاع غزة، تؤثر التعاون مع إسرائيل للوصول إلى حلول جذرية للنزاع المعقد. وأضاف: «إذا جرى التوصل إلى سلام، وليس تسوية جزئية، تتضائل المخاطر الأمنية إلى حد كبير، مثلما أصبح الحال مع مصر والأردن؛ فالفلسطينيون لا يختلفوا عن شعبي البلدين. وأذكِّر هنا بأنه بعد حصول المصريين على آخر شبر في سيناء لم يعد لديهم مشكلة مع الإسرائيليين، وكذلك الحال بالنسبة للفلسطينيين، إذا حصلوا على حق إقامة عاصمتهم في القدس الشرقية، ونالوا كل ما يريدون، كما ينال الإسرائيليون كل ما يريدون بموجب المبادرة الجديدة».

وفي ختام حواره للفضائية الإسرائيلية السابعة، رد الدكتور يوسي بيلين على سؤال حول شرعية دوائر غير رسمية في طرح مبادرة سياسية على الإدارة الأمريكية؛ فتبسَّم ضاحكاً وقال: «شرعية جداً. إنها ميزة الديمقراطية، التي تسمح لدوائر غير رسمية بطرح رؤى وأفكار، وإجراء محادثات مع مختلف الدوائر الدولية، وخوض نقاش حول إشكاليات جدلية؛ فالديمقراطية تعترف بحاكم واحد، أو حزب واحد، يمكنه تسديد الكرة نحو الهدف».

الثعلب الفضي

وخلال زيارته المرتقبة للولايات المتحدة، يلتقي بيلين والوفد الفلسطيني – الإسرائيلي المرافق، بالإضافة إلى أمين عام الأمم المتحدة، الدبلوماسية الأمريكية المعروفة بلقب «الثعلب الفضي»، نائب وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان، ومن البيت الأبيض باربرا ليف المعنية بقضايا الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.

ولا تبتعد الجهود المبذولة على مسار المبادرة السياسية الجديدة عن تعديلات مرتقبة في محور هيكل السلطة الفلسطينية، لاسيما في ظل معلومات نشرتها صحيفة «معاريف» العبرية، تشير إلى أن الرئيس أبومازن يعتزم لملمة أوراقه من مقر المقاطعة في رام، خاصة بعد إعلانه تعيين نائب أو اثنين له في المنصب؛ وحسب معلومات الصحيفة، قرر أبومازن تعيين وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ، وكذلك رئيس الاستخبارات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج لخلافته عبر منحهما العضوية في اللجنة التنفيدية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبذلك حسم الرئيس الفلسطيني الجدل حول هوية الرئيس القادم، لينتمي (سواء الشيخ أو فرج) إلى الجيل الذي نشأ في الأراضي الفلسطينية، خلافاً لقادة منظمة التحرير الفلسطينية الأربعة السابقين، المحسوبين على «جيل اللاجئين»؛ وهو ما يؤشر إلى خطوة تاريخية، تعكس إلى حد كبير علاقتها بالتحولات السياسية ذات الصلة بمبادرة وزير العدل الإسرائيلي الأسبق، الدكتور يوسي بيلين، حسب «معاريف».

تفاصيل اللقاء السري بين «خليفة أبو مازن المنتظر» ويائير لابيد

إقامة دولة فلسطينية مستقلة لن تنتظر مصادقة نفتالي بينت

طوائف يهودية في أمريكا ترفض المقترح: يمنح دولة للفلسطينين



يزيد تقاطع الخيوط مع تصريح ماجد فرج الأخير بأنه «خليفة أبومازن المنتظر»؛ أما نائب الرئيس الفلسطيني الثاني، وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، فبدا أنه طرف أصيل في تمهيد مسرح عمليات طرح مبادرة الدولة الكونفدرالية، خاصة بعد تصريحات أطلقها في أعقاب لقاء سري جرى في تل أبيب مع وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد. ورغم أن حسين الشيخ لم يتطرق من قريب أو من بعيد إلى محادثات بهذا الخصوص، لكنه ألمح إلى ما يوحي بذلك، قائلاً: «إقامة دولة فلسطينية مستقلة لن تنتظر مصادقة رئيس الوزراء نفتالي بينت، لاسيما أن تلك الخطوة ليست محظورة بمنظور تاريخي». ووجه الوزير الفلسطيني حينئذ رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، قائلاً: «يجب على نفتالي بينت اليقين بأن عدد الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية يتزايد أمام العدد ذاته الذي يعترف بإسرائيل».

مؤتمر صهيوني

وما يؤكد ضلوع عناصر من الحكومة الإسرائيلية في طهي غير معلن لمبادرة الكونفدرالية الفلسطينية – الإسرائيلية الجديدة، وصول الأنباء إلى قادة طوائف يهودية في الولايات المتحدة، وانعقاد مؤتمر « Judea and Samaria Virtual Mega Event» بمشاركة منظمة صهاينة الولايات المتحدة، المعروفة بـ«ZOA». وحسب موقع «0404» العبري، أبدى المشاركون في المؤتمر قلقاً غير مسبوق من الحكومة الإسرائيلية بقيادة بينت – لابيد، مؤكدين أنها «في الطريق لمنح الفلسطينيين دولة مستقلة».

ومن بين حضور المؤتمر الـ150، قال عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أوفير أكونيس: «بالنيابة عن الإسرائيليين أنا قلق للغاية من حكومة إسرائيل الحالية. لعلكم سمعت مثلي تصريحات وزيري الدفاع والخارجية، وكذلك وزراء آخرين في هذه الحكومة، يحسبون أنفسهم على معسكر اليمين مثل جدعون ساعر (وزير العدل) وأييلت شاكيد (وزيرة الداخلية)، وهم يعلنون تأييدهم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة. بالإضافة إلى استقبال وزيري الدفاع والخارجية الإسرائيليين في منزليهما في تل أبيب ممثلين عن السلطة الفلسطينية، وتباحثا معهم حول إمكانية إقامة دولة فلسطينية».

أما ضلوع الإدارة الأمريكية المبكِّر في تمهيد الأرض أمام المبادرة الجديدة، فتؤكده ممارستها ضغوطات خلال الآونة الأخيرة على إسرائيل من جهة والفلسطينيين من جهة أخرى؛ إذ عززت الولايات المتحدة خلال شهر يناير الماضي اهتمامها بالنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، وكررت التزامها غير مرة بحل الدولتين، وضاعفت الضغط على إسرائيل في مسألة الاستيطان.

رسائل حادة

وخلال شهر يناير ذاته، التقت شخصيات مسؤولة في الإدارة الأمريكية، من بينها مستشار الأمن القومي تشاك ساليفان، ومساعد وزير الخارجية فيكتوريا نولدن، ورئيس إدارة الشرق الأوسط في الخارجية الأمريكية ياعيل ليمفرت مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، جاء في طليعتهم رئيس الوزراء بيت والرئيس أبومازن. ونقل المسؤولون الأمريكيون رسائلاً حادة للطرفين حول أعمال العنف لدى الفلسطينيين، وتوسع مصنع الاستيطان لدى الإسرائيليين.

وفي تحليلها لتلك التطورات، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن الإدارة الأمريكية لم تكن بعيدة عن بلورة خطة الدولة الكونفدرالية؛ فحتى لو لم تعلن ذلك صراحة، لكن ممارساتها الرامية إلى تهدئة الأجواء لدى الفلسطينيين وإسرائيل، تؤشر بما لا يدع مجالاً للشك إطلاعها المبكر على ما يجري في «دوائر الظل» غير الرسمية بقيادة الدكتور يوسي بيلين، وشخصيات فلسطينية أخرى. وعزت الصحيفة العبرية الصمت الأمريكي إلى رغبة واشنطن في الحفاظ على السريَّة، والحيلولة دون عرقلة المباحثات من جانب عناصر متطرفة .