الخميس - 16 مايو 2024
الخميس - 16 مايو 2024

تقدير موقف | العلاقات العربية- التركية تتجه نحو «الكل رابح»

تقدير موقف | العلاقات العربية- التركية تتجه نحو «الكل رابح»

مصر وتركيا تبادلتا زيارات جس النبض طيلة الأشهر السابقة

فرضت التغيرات المتسارعة على الساحة السياسية إعادة النظر في خريطة العلاقات الدبلوماسية داخل إقليم الشرق الأوسط، من بين تلك المتغيرات العلاقات العربية- التركية، وتحديداً الخليجية- التركية، التي شابها توترات خلال العقد الماضي، غير أن التوقعات ترجح الوصول إلى شراكات استراتيجية قد تكون طويلة المدى.

الزيارات الأخيرة رفيعة المستوى المتبادلة بين الإمارات وتركيا ألقت حجراً في مياه الدبلوماسية الإقليمية، لا سيما في ظل التوقعات المتفائلة نحو توسيع العلاقات العربية التركية في المستقبل القريب.

تقاربات جديدة

ووفقاً لتقرير أعدته وحدة الرصد والتحليل بمركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، بعنوان «إلى أين تتجه العلاقات العربية التركية؟»، فإن دول الإقليم تحاول التنسيق فيما بينها لشراكات جديدة تضمن مصالحها الاستراتيجية واستقرارها الداخلي، الأمر الذي أدى إلى ظهور عدد من السياقات لخريطة تقاربات وتفاهمات جديدة بين دول الإقليم، في ظل تسارع الأحداث والمتغيرات في المشهد العالمي والإقليمي، وتعدد التحالفات السياسية نتيجة إعادة ترتيب العلاقات بين دول الإقليم بعضها البعض من جهة، وبين دول الإقليم والعالم الخارجي من جهة أخرى.

ويؤكد التقرير أن الاستراتيجية الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية الجديدة في المنطقة، القائمة على فك الارتباط العسكري بالمنطقة العربية، وتركيز الاهتمام الأمريكي صوب الصين ودول شرق آسيا، أدت إلى اعتماد دول المنطقة على التنسيق فيما بينها لدعم الاستقرار في المنطقة، الأمر الذي ظهر خلال التنسيق الأمني خلال المباحثات بين تركيا ودول عربية، ما يدل على حرص الجانبين على تطوير هذا التعاون في العلاقات المتبادلة.

تخفيف حدة الصدام

ويدلل التقرير على التنسيق الأمني بين الدول العربية وتركيا عبر زيارات متبادلة بين مستشار الأمن القومي الإماراتي، سمو الشيخ طحنون بن زايد، وما قابلها من زيارة مماثلة من رئيس جهاز المخابرات التركي إلى أبوظبي، بالإضافة إلى أن المشاورات بين تركيا ومصر وأطراف عربية أخرى، تشي بإمكانية تخفيف حدة التنافس الإقليمي بين دول المنطقة، لا سيما بعد التنسيق العسكري بين السعودية وتركيا، الذي يعد الخطوة البارزة في ملف التقارب ما بين الدولتين، عقب إقدام السعودية على شراء طائرات عسكرية واستخباراتية من تركيا، الأمر الذي يرجح إمكانية عودة الاستقرار والتعاون بين دول الشرق الأوسط من جديد، بعد عقد من التوترات السياسية.

ويشير التقرير إلى أن المنطقة تعيش حالة جديدة تضمن المضي نحو علاقات تخدم المصالح المشتركة وتخفف حالة الصدام السائدة خلال المرحلة الماضية، وفق خريطة تحالفات تتناسب مع الواقع الجديد في المشهد السياسي الإقليمي والخارجي، بما يعزز من حجم المصالح المحققة لكل الأطراف، لا سيما أن تقديم كل طرف تنازلات تحقق التوازن في مصالح الأطراف جميعاً، يضمن مزيداً من التقدم الإيجابي في العلاقات العربية- التركية، خاصة أن اتباع سياسة «الكل رابح» تقدم قدراً من التفاهمات السياسية المتبادلة، وتضمن استدامة العلاقات المتينة لدول الإقليم، لذا فإن ترجيح وجود طرف خاسر وآخر رابح قد تطول دون فائدة تذكر على أي دولة.

تصفير الخلافات

ويوضح أن المنطقة اتخذت القرار الصائب في الاتجاه نحو «تصفير الخلافات»، إلا أن الأمر يظل مرهوناً بجدية الأطراف في تقديم التنازلات المتبادلة التي تعزز من استمرار التفاهمات البينية التي تشهدها المنطقة خلال الوقت الراهن.

ويشدد التقرير على ضرورة تحييد المؤثرات الخارجية التي قد تضر بمسار التفاهمات الحالية، لا سيما أن دول المنطقة باتت تعي خطورة الاعتماد على العوامل الخارجية في تقرير أمنها ومصالحها الاستراتيجية، مع الأخذ في الاعتبار أن مسارات التنسيق الحالية مع التعاون المستمر والاستقرار الثابت قد تنعكس على علاقات دول الشرق الأوسط مع العالم، وتوقع أن تؤثر في العالم الخارجي بعد تنظيم صفوف الإقليم، بما يضمن حل مشاكل المنطقة العالقة بصورة أكثر تنظيماً ووحدة، الأمر الذي يحد من التدخلات الخارجية في قضايا المنطقة.

ووفق التقرير فإن إيجاد صيغة تفاهمية بين الدول العربية وتركيا يضمن تشكيل جبهة إقليمية موحدة تمنح مساحة للتفاوض مع الجانب الإيراني دون منح تنازلات، لذا فإن المكتسبات الإقليمية من الشراكات المستقبلية تعزز من استتباب العلاقات المشتركة ويقلل من تأثير العناصر الإقليمية الأخرى على حساب العلاقات العربية- التركية.