السبت - 18 مايو 2024
السبت - 18 مايو 2024

الشرق الأوسط.. تكتلات جديدة تنتظر «تصفير الخلافات»

الشرق الأوسط.. تكتلات جديدة تنتظر «تصفير الخلافات»

جنود أوردنيون يراقبون عمليات التهريب على الحدود مع سوريا. ( أ ف ب )

مسارات المقاربات الإقليمية تقوم على المصالح الاقتصادية

ضرورة إيجاد صيغة تكاملية لمشروعات التكتلات الإقليمية المطروحة

العمل المشترك يحقق التنمية الشاملة المستدامة
بدأت تتشكل في الشرق الأوسط تكتلات إقليمية جديدة، تنذر بتغيير جيواستراتيجي، لا سيما في ظل التحركات الدبلوماسية النشطة بين دول الإقليم، في محاولة لرأب صدع خلافات السنوات الأخيرة. ولا يخفى على أحد أن هناك رغبة حقيقية لدى الدول الإقليمية وخاصة تلك المؤثرة في خريطة الأحداث، نحو «تصفير الخلافات»، للوصول إلى تحالفات تقود إلى إنهاء الأزمات العالقة.


مصالح اقتصادية


وقال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، إن المشهد الإقليمي يشهد تطورات سياسية وجيوسياسية مهمة للغاية، لا سيما بعد محاولات عدة دول الاصطفاف وتشكيل تحالفات تعاونية، ترتكز بالأساس على الجانب الاقتصادي، الأمر الذي يؤكد أن الاقتصاد بات يقود قاطرة العمل السياسي، مؤكداً أن مسارات التقارب الإقليمية تقوم على المصالح الاقتصادية، غير أن تلك المصالح تحتاج قوة سياسية وعسكرية ترعاها، الأمر الذي تفتقده تلك التحالفات.

وأكد على أنه بالنظر لدول التحالفات لن نجد سوى الإمارات العربية المتحدة تقود العمل الاقتصادي، عبر انتهاج سياسة جديدة تتمثل في «تصفير الخلافات»، وإقامة علاقات متينة مع أعداء الأمس، ما يؤكد على نشاط الدبلوماسية الإماراتية ونجاحها في اختراق الحواجز التي كانت تعيق إقامة جسور التعاون الاقتصادي.

التعاون الاقتصادي

وأوضح آل عاتي أن التقاربات بين الدول المتناقضة أصبحت تقوم في محتواها على تعاون اقتصادي بحت، متمنياً ألا تكون تحالفات مؤقتة، مؤكداً ضرورة إيجاد العوامل التي تضمن استدامتها بما ينعكس على المردود الاقتصادي لدول الخليج العربي والمنطقة، مشدداً على ضرورة أن تتحول بعض من دول التحالفات وبالتحديد دول إقليمية، إلى شريك نزيه، وتتخلى عن أطماعها في الداخل العربي، محذراً من أن تتحول تلك التحالفات إلى معابر اقتصادية تعبر من خلالها نحو استعمار العالم العربي اقتصادياً، مثمناً الدور الدبلوماسي لدولة الأمارات، كونها استطاعت تحويل أعداء الأمس إلي أصدقاء المستقبل، الأمر الذي يعود على الكتلة الخليجية ككل.

صراعات بينية

ويرى رئيس الجبهة التركمانية في العراق، حسن توران، أن حالة الاستقطاب والصراعات البينية ساهمت في قطع أوصال دول المنطقة ببعضها البعض، وضياع فرص إقامة مشاريع تكامل اقتصادي بما يفيد الشعوب العربية، لافتاً إلى أن منطقة الشرق الأوسط تتمتع بفرص استثمارية كبيرة قادرة على تطوير اقتصاداتها إذا أحسنت التواصل ودعم المشروعات البينية.

وأشار إلى أن الاقتصاد أسرع الطرق لإيجاد حلول لمشكلات السياسية بين بلدان المنطقة، لا سيما أنه يعمل على تحويل التهديدات إلى فرص عبر البوابة الاقتصادية، مشدداً على ضرورة إيجاد صيغة تكاملية لمشروعات التكتلات الإقليمية المطروحة سواء في مجال الطاقة أو الطرق بين دول مصر، الأردن، والعراق، أو الأمارات، تركيا، وإيران، أو غيرها من المحاور، الأمر الذي يزيد من فرص التعاون ويقلل من التهديدات والحروب.

مشروعات تكاملية

وأشار إلى أن دول العراق وسوريا واليمن عانت خلال العقد الماضي، والحل الأمثل لخروج تلك الدول من كبوتها يكون عبر إيجاد مشروعات اقتصادية تكاملية، غير تنافسية بحيث لا يكون أحدها بديلاً عن الآخر، لافتاً إلى أن دول المنطقة لديها إمكانيات اقتصادية طبيعية تتخطى أوروبا، غير أن لا بد من توافر الإرادة لاستثمار تلك الموارد.

تشكل التحالفات

بدوره، أكد الخبير الاستراتيجي والعسكري السعودي، اللواء دكتور، محمد صالح، أن العالم خلال القرن 21 شهد أحداثا متلاحقة؛ إذ بدأت تتشكل تحالفات عديدة - أوكوس، كواد، شنغهاي- منوهاً بأن التحالف بمفهومه العام لابد أن تضفي عليه صبغة استراتيجية مستدامة، مع مراعاة التفريق بين التحالف والاتفاقية والمعاهدة، مؤكداً أن التحالف يبني قوة شاملة للدول بعناصرها الحيوية الحرجة، سواء سكان، أرض، عنصر اقتصادي، عنصر اجتماعي، وخلافه، الأمر الذي ينطبق في الشرق الأوسط على تحالف دول مجلس التعاون الخليجي الشامل.

وشدد على ضرورة بناء تحالف في الشرق الأوسط الذي يضم أهم الممرات الاستراتيجية يعتمد على المفهوم السياسي والاستراتيجي ويتجاهل المفاهيم الفكرية الأخرى، موضحاً ضرورة الصمود والعمل المشترك في مواجهة التهديدات الإقليمية للانطلاق نحو التنمية الشاملة المستدامة، لافتاً إلى إمكانية تشكيل تحالفات جغرافية تمتد لتدخل ضمن تحالفات أخرى، تحذو حذو الاتحاد الأوروبي في التماسك والقوة.