الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

الإمارات تترأس مجلس الأمن..ودبلوماسيون: تحقق التوازن العالمي

الإمارات تترأس مجلس الأمن..ودبلوماسيون: تحقق التوازن العالمي
فهمي فايد:تفضل اللجوء للوسائل السلمية لحل النزاعات

عزت سعد: تمتلك القدرة على الإدارة بشكل يتفق مع المصالح العربية والإقليمية

محمد حجازي: تسوية ما بعد انتهاء الأزمة الأوكرانية تتصدر الاهتمامات


تتولى دولة الإمارات العربية المتحدة، (الثلاثاء) الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، لمدة شهر يُتوقع له أن تشهد أروقته جلسات ساخنة على وقع الصراع الروسي - الأوكراني، وسط محاولات استقطاب من القوى الكبرى المنخرطة في الأزمة، والتي ترى الإمارات أن «الاصطفاف والتموضع» فيها «لن يفضيا إلا إلى المزيد من العنف». وبدأت منذ يناير الماضي عضوية الإمارات الثانية في مجلس الأمن، المكون من 15 دولة (5 دائمة و10 غير دائمة). لذا فهي ليست المرة الأولى، إذ سبق وشغلت مقعداً غير دائم في المجلس خلال الفترة من (1986 - 1987).


وقال دبلوماسيون وسفراء سابقون، إن رئاسة الإمارات، لمجلس الأمن لمدة شهر، بدأ ببادرة جيدة، منها حيث امتناعها عن التصويت على مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن يدين العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو ما يشير إلى السياسة الحكيمة والرشيدة التي ستتبعها الإمارات خلال رئاستها لمجلس الأمن، والتي تبدأ الثلاثاء، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة والمتغيرة التي يشهدها النظام الدولي حاليا.

توجه حكيم

من جانبه قال سفير مصر السابق في الإمارات، السفير فهمي فايد «موقف الإمارات برفضها التصويت على قرار يدين روسيا، وتفضيلها ألا تنحاز لطرف على حساب الآخر، بادرة جيدة قبل رئاستها لمجلس الأمن لمدة شهر».

وفي تصريحات خاصة، أضاف قائلاً: «كان جيداً من الإمارات عدم الدخول في مهاترة هذا الصراع العالمي، حتى وإن تأثرت الدول، ومنها الإمارات به، فموقف الإمارات يشير إلى أن هناك توجهاً حكيماً في التوازن في العلاقات الدولية بالنسبة للدول العربية، حيث أن الإمارات تمثل قطاعاً كبيراً من الدول العربية الموجودة في آسيا، ووجودها في رئاسة مجلس الأمن لمدة شهر، يعكس وجهة النظر المعتدلة الحكيمة، في التعامل مع المشاكل الدولية».

وتابع قائلاً: «الإمارات بدأت رئاستها للمجلس بخطوة جيدة هي عدم الزج بنفسها وعن الدول التي تمثلها في أتون الصراع الدولي الدائر حالياً، فهي تفضل اللجوء للوسائل السلمية لحل النزاعات، دون إدانة مباشرة لأي طرف على الآخر».

واستطرد قائلاً: «خلال رئاسة الإمارات لمجلس الأمن، ربما تطرح بشكل كبير ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من اضطهاد من قبل إسرائيل، وستجعل القضية الفلسطينية في صدارة أولويات مجلس الأمن مرة أخرى، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذه الفترة التي صادفت رئاسة الإمارات لمجلس الأمن، يمر خلالها العالم بأزمات اقتصادية كبيرة بعد الأزمة الأوكرانية، خاصة بعد تشعب النزاع، ودخول أطراف عديدة فيه منها الصين، فالوقت الحالي حساس للغاية، ولابد للدول العربية أن تستثمر رئاسة الإمارات خلال تلك الفترة».

وأعرب عن تفاؤله برئاسة الإمارات لمجلس الأمن، قائلاً: «من ضمن القضايا التي قد تطرحها الإمارات، الوضع في اليمن والاعتداءات المستمرة على الإمارات والسعودية، وهذا تطور خطير غير مقبول، وبالتالي على الإمارات أن تستثمر وجودها في رئاسة مجلس الأمن، لاتخاذ تحركات أكثر فاعلية تجاه الحوثيين في اليمن.

كما أشار إلى وجود موضوعات عدة ستكون محل اهتمام مجلس الأمن خلال رئاسة الإمارات له لمدة شهر، قائلاً «من الممكن أن تدفع الإمارات نحو توصيات وموضوعات قد يكون من الضروري طرحها داخل المجلس، فوجود الإمارات في رئاسة مجلس الأمن يسهل عرض وجهة النظر العربية، وقد استمعنا لكلمة الإمارات في مجلس الأمن، بشأن الأزمة الأوكرانية، وكانت كلمة حكيمة ومتوازنة.

كما لفت إلى أن الإمارات أصبحت عضواً فاعلاً في المجتمع الدولي، وتمثل المنطقة العربية، فهناك تواجد وثقل للإمارات في السياسة العالمية، ورئاستها لمجلس الأمن فرصة جيدة لها كدولة تساهم في الاستقرار المالي والاقتصادي للعالم كله، خاصة أنها تأتي في بحر هائج من المتناقضات في العلاقات الدولية.

حكمة الإمارات

أما مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عزت سعد، فقال: «أي قرارات تصدر في مجلس الأمن تكون بأغلبية محددة، والإمارات سواء وزارة الخارجية في أبوظبي، أو البعثة الدائمة للإمارات في الأمم المتحدة، لديها من الحكمة ما يجعلها تدير مجلس الأمن بشكل فعال، ويخدم المصالح العربية، والأمن القومي العربي، خاصة أننا في مرحلة دقيقة سواء ما يتعلق بالوضع الإقليمي، أو العالمي، خاصة بعد أن وصلت مفاوضات فيينا الجارية بشأن إعادة الاتفاق النووي الإيراني لمرحلة حاسمة، وهناك 5 دول أعضاء دائمين في مجلس الأمن موجودة في هذه المفاوضات، وأيضاً تطورات للأزمة الأوكرانية ارتباطاً بالعملية العسكرية الروسية منذ 24 فبراير».

وفي تصريحات خاصة، لفت إلى أن الإمارات لديها من الحكمة والقدرة على إدارة مجلس الأمن خلال شهر مارس بشكل جيد، يتفق مع المصالح العربية والإقليمية، والأسس التي تقوم عليها سياسة الإمارات الخارجية، والمتمثلة في التسوية السلمية للمنازعات الدولية، وعدم التدخل في الشأن الداخلي، ومكافحة الإرهاب، فضلا عن الأجندة الموجودة على جدول أعمال مجلس الأمن.

وأضاف أنه متروك للإمارات أن تقدر ما يمكن أن تتقدم به من مبادرات أو موضوعات للطرح، حسب الوقت، وأولويات مجلس الأمن نفسه، وذلك لأن الرئاسة الشهرية للمجلس تأتي على أجندة متخمة موجودة سلفاً، وهناك بعض الدول في المجلس تطلب إدراج موضوعات معينة على جدول الأعمال، لافتا إلى ثقته في إدارة الإمارات لمجلس الأمن بأقصى قدر من الحكمة، وفرصة للإمارات لإثبات مواقفها ودبلوماسيتها النشطة.

وتابع قائلاً: «من حق رئيس مجلس الأمن، أي الإمارات في هذه الحالة، أن تصدر بيانات رئاسية، وهذا يكون ذلك بالتشاور مع الدول الأعضاء بالمجلس، وذلك في موضوعات وقضايا معينة، شريطة أن يتم هذا بالتشاور، والتنسيق، باعتبار أن هذا جهاز جماعي متعدد الأطراف التي تستوجب التنسيق.

توقيت شديد الحساسية والأهمية

ومن جانبه قال مساعد ويزر الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي «الرئاسة الإماراتية لمجلس الأمن تأتي في توقيت شديد الحساسية والأهمية، حيث تترقب الأسرة الدولية بقلق بالغ تطورات الأزمة الأوكرانية، والأوضاع المتوترة على الساحة الدولية، والضغوط المتبادلة سواء بين الولايات المتحدة وأوروبا ممن جهة، وروسيا من جهة أخرى، في ظاهرة تستدعي من مجلس الأمن بذل جهوده للحفاظ على السلم والأمن الدوليين».

وفي تصريحات خاصة، أضاف «مشهد الأسرة الدولية يتعلق برؤية مجلس الأمن ومن بعدها الآن الجمعية العامة للأمم المتحدة لطريق الحل، وتدارس نقاط التوافق بين الجانبين المتحاربين، بما يحقق أمن روسيا، ويحفظ وحدة واستقلال أوكرانيا، ويمنع تصعيد الموقف بين الغرب وموسكو، خاصة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو»، ومن معهم من الشركاء الدوليين ما يجعل المشهد الدولي في حاجة لتحركات فورية وسريعة لمجلس الأمن».

وأردف قائلاً: «يقع على الدبلوماسية الإماراتية، أعباء لا يمكن العمل الدولي بدونها، وكذلك التواصل الذي ستمارسه الإمارات كدولة رئاسة مع وفود الدول الأعضاء كافة، للتوصل لحل الأزمة الأوكرانية، وهذا لا يقلل أبداً من اهتمام المجلس بقضايا الأمن والسلم الأخرى في باقي دول العالم، أي أن الرئاسة الإماراتية سيشغلها وبشكل رئيسي وكامل الملف الأوكراني، وحتماً ملف تسوية ما بعد الأزمة الحالية، والتوصل إلى أطر سلمية تضمن استمرار العلاقات».

وتابع قائلاً «إننا أمام انسداد في العمل المؤسسي الدولي، ما قاد بالفعل إلى مواجهة من هذا النوع، وهو ما يجب أن تحرص الإمارات على توضحيه، فالأسرة الدولية مطالبة بتفعيل آليات فض المنازعات، والدبلوماسية الوقائية، بدلاً من الانتظار لحين تفجر الموقف على هذا النحو».