الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حوار | دبلوماسي مصري سابق: «الحياد الإيجابي» يعزز فرص نجاح الإمارات في مجلس الأمن

حوار | دبلوماسي مصري سابق: «الحياد الإيجابي» يعزز فرص نجاح الإمارات في مجلس الأمن
العلاقات مع الأطراف الفاعلة شرقاً وغرباً يمنح هامشاً لـ«المرونة وللحركة»

تلعب دوراً كبيراً لإنهاء مشكلة اليمن بعد تطور علاقاتها مع إيران بمساعدة عربية

الحراك الجديد في العلاقات الإماراتية- التركية يتيح بعداً آخر للحركة في المجلس


الأطراف الدولية غير الداعمة للنظام العالمي التعددي تتصدر قائمة التحديات


لانا نسيبة احتلت مكانتها بـ«جدارة» وأثبتت أن المرأة العربية قادرة على أصعب المهام

دفع الجانب الإسرائيلي إلى نهج إيجابي في التعاطي مع حقوق الشعب الفلسطيني

إخلاء العالم من أسلحة الدمار الشامل «هدف بعيد» لكنه صحيح

أتوقع حضوراً أعلى للغة العربية بالأمم المتحدة خلال رئاسة الإمارات


اعتبر رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، ورئيس بعثة مصر لدى الأمم المتحدة بجنيف لـ9 سنوات، المدير الأسبق لإدارة الهيئات الدولية في الخارجية المصرية، الدكتور منير زهران، أن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بالامتناع عن التصويت، لدى عرض القرار الأمريكي الألباني حول أوكرانيا بمجلس الأمن نهاية فبراير الماضي، جاء مفاجئاً لكثيرين، ودل على بداية حيادية جيدة، ورغبة في القيام بعمل إيجابي، خلال ممارسة الإمارات دورها كعضو في المجلس وتوليها رئاسته طوال شهر مارس الجاري، مشيراً إلى أن هذا الموقف أكد حرص الإمارات الفعلي على تجنب الانقسام والاستقطابات، والتمسك بالحلول التي تلتزم بها مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، وتحقق السلام والاستقرار والأمن للجميع.

وأوضح الدكتور زهران، في تصريحات لـ«الرؤية» أن تعامل الإمارات مع ملف أوكرانيا رفع في المقابل سقف التوقعات فيما يمكن أن تقوم به خلال توليها رئاسة المجلس طوال مارس الجاري، ثم في يونيو العام المقبل، فضلاً عن دورها كعضو حتى نهاية 2023، وإزاء ذلك توقع نهجاً إماراتياً قوامه تعاون أقوى مع الأصدقاء، على رأسهم دول كأمريكا والصين وروسيا والهند ومصر والسعودية، وغيرهم؛ لتحقيق إنجازات ملموسة، وكذا التركيز على مداخل أخرى لإحداث اختراقات في الملفات الصعبة، تعلي من شأن التعاون في التنمية والاستثمار والتكنولوجيا وتغيرات المناخ والاستدامة وشمولية تعميم المنافع.



تحديات إقليمية

وأكد زهران، الذي كانت قد انتخبته الجمعية العامة للأمم المتحدة عضواً في اللجنة الاستشارية لشؤون الإدارة والميزانية عام 2002، والمجلس الاستشاري لعمليات السلام عامي 2006 و2007، ثم مفتشاً ورئيساً لجهاز التفتيش على الأمم المتحدة حتى عام 2012، أن اتخاذ الموقف القوي والمتزن في كيانات الأمم المتحدة يلقى تقديراً حتى ممن يختلفون معك، مشيراً إلى أن تولي الإمارات قيادة المجلس، جاء بعد وقت قصير من احتفال الدولة بالعيد الـ50 لتأسيسها، ومع إطلاق خطتها للـ50 عاماً المقبلة، لكنه جاء أيضاً في ظل تحديات إقليمية ودولية شديدة الصعوبة والتعقيد، ولذا لا مناص عن نهج خاص في التعاطي مع أزمات العلاقات الدولية، يخفف من حدة الاستقطاب، ويزيد من فرص التفاهم والتقارب عبر حلول واقعية، حيث تستطيع الإمارات بعلاقاتها القوية مع كل الأطراف الفاعلة دولياً من الشرق والغرب أن توجد لنفسها هامشاً مناسباً للمرونة وللحركة. وزاد أن الطريق ليس مفروشاً بالورود، وقد يوجد بصفة عامة من يحاولون تعطيل المقترحات الهادفة في مجالات حفظ الأمن والسلم الدوليين، أو تنظيم التسلح أو ضبط وتطبيق العقوبات الدولية والجزاءات إلخ، لكن هذه هي الحياة، وعلينا التجديف في بحرها. وضرب زهران مثالاً قضية حقوق الإنسان والجدل حولها، وقال إنه يتوقع أن ينتهي مجلس حقوق الإنسان في جنيف، لنظر تأثير الصراع الروسي الأوكراني على هذا الأمر، إلى التأكيد في الديباجة وبعد المناقشات على احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكافة مواطني الدول، وفي التنفيذ تعيين مقرر خاص محايد ليراجع ملفات الدول ذات الصلة بالأزمة، أي روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا، مشيراً إلى أن الأصح هو مناقشة ملفات حقوق الإنسان في كل الدول المنخرطة في الأزمة التي تدعم هذا الطرف أو ذاك، أو تورد السلاح إلى أوكرانيا أو تقاطع أو تمنع التجارة أو التحركات إلخ؛ لأن كل ذلك يؤدي إلى الإضرار بحقوق أفراد ودول في أرجاء العالم لا ذنب لهم، فضلاً عن أنه يصب الزيت على النار المشتعلة.

تغليب لغة التفاوض

وقال زهران إنه من المهم للإمارات أن تظل طوال رئاستها وعضويتها بالمجلس تؤكد على المفاهيم التي تتبناها وتتمثل في تغليب لغة التفاوض والتسوية والدبلوماسية، واحترام سيادة الدول، ورفض العنف ولغة القوة، حتى لو لم يتم تبني ما تنادي به كقرارات، مشيراً إلى أنه من المعروف أنه في حال مناقشة موضوع معين بمجلس الأمن، وعدم الوصول إلى قرار، يكون البديل قيام المجلس بإصدار بيان رئاسي، ويلعب رئيس المجلس دوراً كبيراً فيه، وهو يحتاج إلى صبر وحنكة؛ لأنه لا بد أن يتم التوافق عليه. وتوقع أن تلعب الإمارات دوراً أكبر لإنهاء مشكلة اليمن، خاصة بعد تطور العلاقات الإماراتية الإيرانية وبمساعدة دول عربية معنية، مؤكداً أن الإمارات تمثل العرب في مجلس الأمن ويوجب هذا تشاوراً مستمراً مع الدول العربية ومع الجامعة العربية، والعناية بما يجري في ليبيا وسوريا والعراق ولبنان، وملفي السودان وسد النهضة.

وأكد زهران أن الحراك الجديد في العلاقات الإماراتية التركية يتيح أيضاً هامشاً آخر لحركة الإمارات في مجلس الأمن وفاعليتها، وسيكون من قبيل التحدي أن تدفع الإمارات الجانب الإسرائيلي إلى نهج إيجابي في التعاطي مع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، بعد أن أظهرت الإمارات كامل حسن النية والرغبة في تحقيق السلام، وذهبت حتى إلى حد كان مثار اختلافات حول علاقاتها بإسرائيل، وبقي على الجانب الإسرائيلي أن يبرهن هو الآخر على جديته وتقديره لما تم إماراتياً وعربياً. وحيا زهران دور السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات العربية في الأمم المتحدة، وقال إنها تؤكد أن المرأة العربية قادرة على أصعب المهام، وإنها احتلت مكانتها في العمل العام بجدارة، منوهاً أيضاً بكفاءة سيدة أخرى عربية تمثل بلدها في الأمم المتحدة هي مندوبة قطر.

بناء الجسور

وقال إنه لا خلاف على الشعار الإماراتي الخاص ببناء الجسور وتفعيل العمل متعدد الأطراف، لكنّ هناك أطرافاً دولية لم تعد تدعم النظام التعددي الذي تمت إقامته بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك أيضاً تحد كبير؛ لأن المشاكل الضخمة متنوعة وكثيرة، لذا فإن المتوقع أن تقوم الإمارات بتحديد أولويات واقعية تستطيع عمل فارق فيها خلال فترة عضويتها التي تعد الثانية بعد الأولى في عامي 1986 و1987.

وأشار إلى أن العمل على مسارات تأمين السلام والصمود وتعزيز الابتكار والشمولية سيشهد لمسة جديدة في ضوء التقدم التنموي والتحديثي في الإمارات، ووقوفها في مراتب متقدمة في المؤشرات الدولية ذات الصلة، مؤكداً أنه يجب أن يدعم ذلك خدمة قضايا التنمية والتجارة العادلة والسلام ونزع السلاح، وعدم عسكرة الفضاء، وحل مشاكل اللاجئين، والألغام، والصحة العالمية، مع تنسيق المواقف مع الدول النامية.

صيغ للهروب

وكشف زهران أن الإعلانات الدولية مثل العالمي لحقوق الإنسان هي صيغ للهروب من تصديق البرلمانات لو كانت في صورة معاهدات، وأنها تبعد عن الصيغ التعاهدية الدولية، وقال إنه تم منع الأونكتاد من مناقشة إصلاح النظام المالي الدولي أو خفض أعباء الديون، وتتم دائماً محاولات من دول كبرى لتغيير قواعد ومعايير العمل بما لا يتفق مع المعايير الدولية ويضر بحقوق الطرف الأضعف، وهذه أمثلة تبين مدى صعوبة العمل في دهاليز الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها.

وأشار إلى أنه يتوقع حضوراً أعلى للغة العربية بالأمم المتحدة مع وجود الإمارات بالمجلس، بحيث يتم إعطاء زخم للعمل الذي تم منذ سنوات بجعل اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة ولها مترجمون معتمدون، فاللغة علم كعلم الدولة. وذكر أن إخلاء العالم كله وبلا أي استثناء من أسلحة الدمار الشامل هدف صحيح، وهو هدف بعيد لكن لا بد من الحديث عنه في كل وقت؛ لأن ذلك خطر يهدد البشرية كلها في أساس وجودها، وفي المدى القصير العمل على منع التلويح به كما شاهدنا بين أمريكا بقواتها النووية في بولندا وليتوانيا وبين روسيا أخيراً. وأكد أنه يمكن لرئيس المجلس أن يقترح أي موضوع للنقاش يقع ضمن دائرة اختصاصات مجلس الأمن المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وكذا أي دولة عضو، وذلك أيضاً مجال آخر يمكن أن تقدم فيه الإمارات صوتها المختلف.