الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

تحليل إخباري | الإمارات تترأس مجلس الأمن.. تعزيز المناعة ضد الحروب

تحليل إخباري | الإمارات تترأس مجلس الأمن.. تعزيز المناعة ضد الحروب
تتولى دولة الإمارات العربية المتحدة، رئاسة مجلس الأمن الدولي، طوال شهر مارس، وهو المجلس المنوط به حفظ السلم والأمن الدولي، ويواجه المجلس والعالم، تداعيات الصراع الروسي الغربي، على الأرض الأوكرانية، والمخاوف من امتداد الصراع إلى مناطق، وأسلحة جديدة، تشكل أكبر اختبار للأمن والسلم العالمي، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تواجه أوروبا التي اندلعت منها الحربين العالميتين الأولى والثانية لحظة تاريخية تتعلق ليس فقط بالدول والمصالح الأوروبية، بل بالنظام العالمي الجديد.

رصيد الثقة والخبرة

وتشكل الرئاسة الإماراتية لمجلس الأمن، في ظل هذه التداعيات والتحديات الخطيرة، فرصة كبيرة لإنقاذ البشرية والعالم، وذلك لما تتمتع به دولة الإمارات من علاقات طيبة مع جميع الأطراف، وليس لها مصالح مباشرة إلا دعم السلم والأمن الدوليين، وهي الوظيفة الأهم لمجلس الأمن الدولي، الأمر الذي يوفر فرصة ذهبية لكي تقود الإمارات الجهد العالمي لنزع فتيل الأزمة الأوكرانية. كما تملك الإمارات رصيداً من الثقة والخبرة والكفاءة السياسية والدبلوماسية، وهو ما يؤهلها لقيادة جهود المخلصين من أجل السلام والاستقرار العالمي.


فما هي العناصر التي تقول إن رئاسة الإمارات لمجلس الأمن الدولي جاءت في الوقت الصحيح الذي تنتظره البشرية وشعوب العالم المحبة للسلام؟ وكيف يمكن أن تكون العقيدة السياسية الإماراتية المخلصة لمفاهيم الحكمة والسلام والاستقرار، هي التي تشكل الأساس الذي تنطلق منه الجهود الدولية لوقف الحرب والبحث عن حلول سياسية مستدامة تحفظ الأمن والاستقرار للجميع.


توازن دولي

تحليل مضمون السياسة الإماراتية خلال كل العقود الماضية، والفلسفة التي وضعتها القيادة الإماراتية للسنوات القادمة، تقول بوضوح إن الإمارات هي محور الاستقرار في منطقة الخليج وغرب آسيا والمنطقة العربية والشرق الأوسط، وخير شاهد على هذا أن الإمارات هي الدولة الوحيدة في مجلس الأمن، التي لها علاقات استراتيجية ومتميزة وخاصة مع أطراف الصراع الحالي في أوكرانيا كافة، وخاصة مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن. ويتميز الموقف الإماراتي أنه ينطلق من قاعدة تقوم على احترام القانون الدولي وميثاق ومبادئ الأمم المتحدة، وعدم الاصطفاف السياسي إلى جانب هذا أو ذاك. وتتجلى قيمة هذا التوازن والحكمة، في ظل انقسام دول مجلس الأمن إلى معسكرين؛ يضم الأول الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بينما على الجانب الأخر التقارب الصيني الروسي، ومن هنا يأتي دور الإمارات باعتبارها الخط الجاهز والمستعد للتقريب بين الجميع.

تعزيز المناعة ضد الحروب

ومنذ تأسيس دولة الإمارات، كان خيارها الاستراتيجي هو نشر السلام والاستقرار وتعزيز مناعة الدول والمجتمعات ضد الحروب والنزاعات، والعمل على بناء قدرات السلام التي تسمح بالتنبؤ بالحروب وإجهاضها قبل أن تندلع. هذه المقاربة المتوازنة، تسمح لرئاسة مجلس الأمن بقيادة الإمارات، على التواصل مع واشنطن وموسكو، بنفس القدر والتأثير، كما تسمح للإمارات بالتعامل مع كييف وباريس ولندن وبكين بذات الزخم وفي نفس التوقيت. هذه المعادلة المبدعة التي تحرص القيادة الإماراتية على تعميقها ونشرها في كل دول العالم، باتت تحظى بالقبول والدعم في ظل التأثير السلبي للصراعات والنزعات على حياة الجميع دون استثناء.

المسارات المتوازية

ونجحت القيادة الإماراتية في تقديم نموذج للعلاقات الإقليمية الناجحة، وزيادة مساحة التقارب والتشارك بين مختلف الدول عبر استراتيجية المسارات المتوازية، وهو ما يؤكد أن الرئاسة الإماراتية لمجلس الأمن، لا تنطلق فقط من رصيد هائل من الخبرة والكفاءة، والعلاقة مع جميع أطراف النزاع في المعادلة الدولية، بل قدمت الإمارات نموذجاً حقيقياً يؤكد إيمانها الكامل بالخيارات السياسية والدبلوماسية، عندما قادت التحول التاريخي في العلاقات الإقليمية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية. فالدبلوماسية الإماراتية الناجحة استطاعت أن تعيد السلام الإقليمي من جديد للمنطقة العربية والشرق أوسطية، والتي ظلت لعقود تعاني من الانقسامات والصراعات، فالتقارب التركي الإماراتي بعد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لتركيا في 24 نوفمبر الماضي، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإمارات في فبراير الماضي، هو عنوان للتقارب الإقليمي التركي مع الدول العربية، وليس فقط بين تركيا والإمارات. وهو نفس الأمر مع إيران، التي زارها سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، في 7 ديسمبر 2021، ثم تهنئة القيادة الإماراتية للرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي على توليه منصبه. وفي وسط كل ذلك، كانت الخطوة الإماراتية بتوقيع اتفاقيات إبراهيم للسلام في 15 سبتمبر 2020، وهي تحركات إماراتية شكلت نموذجاً، ليس فقط في نزع فتيل الخلافات بين دول المنطقة، بل قادت لعودة الدفء وبدء مرحلة جديدة من المصالح بين كل تلك الشعوب.

المؤكد أن خيارات السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، سوف تجد كل الدعم والمساندة من القيادة الإماراتية، خلال رئاسة الإمارات لمجلس الأمن، وهو ما يعزز الأمل في تجنب السيناريوهات الصعبة، التي لا يتحملها العالم، في ظل أزمات أخرى كثيرة، مثل جائحة كورونا، والتغيرات المناخية، وارتفاع التضخم لمستويات قياسية في الكثير من دول العالم.