الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

الصين في أفريقيا.. متى تتحقق المعادلة ثنائية الاتجاه؟

الصين في أفريقيا.. متى تتحقق المعادلة ثنائية الاتجاه؟

الرئيسين الصيني والسينغالي في داكار في يوليو 2018 (أ ف ب).

في الوقت الذي تحتل فيه الصين، منذ 12 عاماً متتالية، مكانة أفضل شريك تجاري لأفريقيا على مستوى التجارة الثنائية، كشف تقرير للموقع الإلكتروني الإخباري لمجلة «جُونْ أَفْرِيكْ» المتخصصة في الشؤون الأفريقية أن المارد الآسيوي يستغل القارة السمراء، من خلال علاقة اقتصادية - تجارية أحادية الاتجاه، ما يحقق للصين مكاسب اقتصادية وتجارية كبيرة، دون أن تكون هناك استفادة متبادلة بالنسبة للطرف الأفريقي، خاصة للبلدان الأفريقية الأقل ثراء بالموارد الطبيعية، وهو ما يعد، بحسب «جُونْ أَفْرِيكْ»، إحدى الشكاوى الرئيسية للقارة بخصوص تعاملها مع الصين، وخللاً يدعو القادة الأفارقة إلى تصحيحه.

مبادلات تجارية مختلة

تُصدِّر الصين، بحسب «جُونْ أَفْرِيكْ»، الكثير إلى القارة الأفريقية، لكنها في المقابل لا تشتري منها إلا ببخل شديد، وهو ما يعد- وفق «جُونْ أَفْرِيكْ»- إحدى الشكاوى الرئيسية للقارة في ما يتعلق بالصين، والمُؤكَّدة من قِبل الطرف الصيني، إذ لا يزال الميزان التجاري غير متوازن بشدة، رغم أن تدفقات الواردات والصادرات بين الطرفين تتزايد باطّراد منذ 20 عاماً.


الموارد الطبيعية


وتعد البلدان الأفريقية الأقل ثراء بالموارد الطبيعية، بحسب «جُونْ أَفْرِيكْ»، الأكثر تضرراً على هذا المستوى، إذ تكشف الأرقام عن نتائج قاسية في ما يخص الميزان بين الصادرات والواردات، إذ تُقارِب النسبة 1 مقابل 5 بالنسبة لدولة كوت ديفوار، وتتخطاها إلى 1 مقابل 7 بالنسبة لنيجيريا والمغرب. وفي المقابل، تُظهِر الدول الأفريقية، التي تعد المُصدِّر الرئيسي الأفريقي إلى الصين، وهي جمهورية: الكونغو الديمقراطية، وأنغولا، وجنوب أفريقيا، معدلاً إيجابياً، بفضل مواردها الطبيعية وهيدروكربوناتها، بحسب تقرير «جُونْ أَفْرِيكْ».

اعتراف صيني

ولا تخفي أطراف صينية اعترافها بهذا الواقع؛ القائم على علاقة اقتصادية - تجارية، صينية - أفريقية أحادية الاتجاه، إذ نقل موقع «جُونْ أَفْرِيكْ» عن ون كَانغ، نائب رئيس شركة إنشاءات الاتصالات الصينية المحدودة، وهي إحدى المجموعات الصينية الرئيسية النشطة في القارة الأفريقية، قوله: «لقد عملنا كثيراً في اتجاه واحد في الماضي، والآن علينا العمل في كلا الاتجاهين»، مضيفاً أن «ذلك لا يعني أن الشركات الأفريقية يجب أن تذهب إلى الصين، ولكن على الأقل أن تكون الفوائد متبادلة أو متعددة الأطراف».

تصحيح الخلل

وفي قمة دكار (منتدى التعاون الصيني - الأفريقي المنعقد في العاصمة السنغالية داكار في نوفمبر المنصرم) دعا الرئيس الكونغولي، والجنوب أفريقي، وكذلك وزير الخارجية الكيني، إلى تصحيح هذا الخلل المستمر. وكان رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، بحسب «جُونْ أَفْرِيكْ»، الأكثر وضوحاً؛ إذ دعا إلى تصحيح شروط الشراكة، وتحقيق التوازن في التبادلات التجارية قليلاً.

وثيقة ثنائية جديدة

وتؤكد الوثيقة الثنائية الجديدة، التي من المفترض أن تحدد الخطوط العريضة للشراكة الصينية - الأفريقية حتى عام 2035، على الرغبة في زيادة الواردات الصينية من القارة السمراء من منتجات الموارد غير الطبيعية، من أجل تصحيح الانطباع الدائم بأن بكين مهتمة قبل كل شيء بأفريقيا بسبب نفطها ومعادنها.

وفي المقابل، يؤكد الشركاء الصينيون، وفق «جُونْ أَفْرِيكْ»، أنهم يتشاركون هذا الهدف، مشيرين إلى مشاريع محددة تهدف إلى تسهيل استيراد الصين للمنتجات الأفريقية، ولا سيما المنتجات الزراعية، في حين أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بنفسه، بحسب «جُونْ أَفْرِيكْ»، عن إنشاء ممرات خضراء؛ وهي طرق لوجستية تجمع بين النقل بالسكك الحديد، والنقل البحري، من المفترض أن تسهل وتسرع تصدير المنتجات الزراعية الأفريقية إلى بلاده.

أفضل شريك

واستطاعت الصين في عام 2020 أن تبقى- بحسب التقرير السنوي للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأفريقيا لعام 2021- أفضل شريك تجاري لأفريقيا، وهو الوضع الذي ظلت بكين تنتزعه لمدة 12 عاماً متتالية.

وبلغت قيمة التجارة الثنائية بين الصين وأفريقيا 187 مليار دولار خلال عام 2020، و139.1 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، بارتفاع قدره 40.5%، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، بحسب التقرير المذكور.

وبلغ حجم الاستثمار المباشر لدولة الصين في أفريقيا خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، بحسب التقرير نفسه، 2.07 مليار دولار، وهو مبلغ مالي أكبر من ذلك الذي استثمرته الصين في القارة السمراء في الفترة نفسها من عام 2019.

ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن إجمالي القروض التي قدمتها الصين إلى أفريقيا، ما بين عامَي 2000 - 2018، بلغت 148 مليار دولار، معظمها في مشاريع البنية التحتية واسعة النطاق.