السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الانتخابات اللبنانية: تحالف حزب الله «خطوة للخلف»

الانتخابات اللبنانية: تحالف حزب الله «خطوة للخلف»

النتائج الأولية للانتخابات اللبنانية تكشف تراجع التيار الوطني الحر مقابل حزب القوات

حملت النتائج الأولية للانتخابات النيابية التي جرت في لبنان 15 مايو الجاري خيبة أمل كبيرة للتيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون وصهره جبران باسيل، حيث خسر عدداً من المقاعد لصالح حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع. النتائج الأولية التي أعلنتها وزارة الداخلية، الاثنين، لم تكن ضربة قوية للتيار الوطني الحر وحده، لكن لحليفه القوي في الجنوب (حزب الله) بزعامة حسن نصرالله، ما يعكس وجود اتجاه للتصويت العقابي ضد الطبقة السياسية الحاكمة، والتي يتهمها اللبنانيون بالتسبب في الأزمات المتلاحقة التي يعيشها البلد. ولا يزال فرز الأصوات جارياً في غالبية الدوائر (حتى مثول الصحيفة للطبع). وتعكس النتائج الأولية فوز مرشحين معارضين ومستقلين بعدد من مقاعد البرلمان المقبل الذي تنتظره تحديات عدة. وسيضمّ على الأرجح كتلاً متنافسة، لا تحظى أيٌّ منها منفردةً بأكثرية مطلقة، بعدما كان حزب الله وحلفاؤه يحظون بأكثرية في المجلس المنتهية ولايته، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. وأظهرت النتائج احتفاظ حزب الله وحركة أمل، بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، بكامل المقاعد المخصصة للطائفة الشيعية 27 مقعداً. فيما تراجع حلفاؤه من المستقلين بخسارة مقاعدهم داخل البرلمان. وضمن حزب القوات اللبنانية، الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع المملكة العربية السعودية، فوزه بأكثر من عشرين مقعداً، وفق نتائج أولية مقابل 15 مقعداً حصل عليها في انتخابات 2018.

من ناحيته، يرى المحلل السياسي اللبناني عبدالله نعمة، أن لبنان أمام مجلس نواب جديد، في المكونات والوجوه التي استطاعت كسب ثقة اللبنانيين، لافتاً إلى أن الطائفة السنيّة لم تقاطع الانتخابات بعد انسحاب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وشارك بعض مناصريه في الانتخابات، وأن عدداً من نواب التيار السابقين ترشحوا على لوائح انتخابية من خارج تيار المستقبل، وعلى رأسهم الرئيس فؤاد السنيورة الذي يقود هذه الانتخابات بدعم سعودي وعربي وأمريكي بشكل علني. وقال نعمة في تصريحات خاصة، إن: انسحاب تيار المستقبل أثّر على العملية الانتخابية، خصوصاً على الطائفة السنيّة، لكنه في المقابل فتح الباب أمام مرشحي المعارضة التي تعتبر أن لبنان مُهيمَن عليه من قُوى خارجية محسوبة على إيران وغيرها. وأشار إلى أن القُوى الوطنية والسياسية في لبنان بمختلف توجهاتها متأثرة بصراع القُوى في الشرق الأوسط، مرجحاً أن تكون نتائج الانتخابات مفصلية لجميع القُوى المتنازعة، وستنتج أغلبية نيابية لفريق من الفرقاء، وعندها ستغير نظرة المجتمع الدولي وتعامله مع الدولة اللبنانية. واستطرد: أعتقد أن إجراء الانتخابات في لبنان يأتي ضمن سلسة كاملة متفق عليها من المجتمع الدولي، خاصة أن هناك كلاماً يدور؛ أن فرنسا والسعودية والولايات المتحدة وإيران ومصر اتفقوا على عودة السفراء العرب لبيروت ثم إجراء الانتخابات النيابية، وبعدها الاتفاق على رئيس للحكومة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، على أن تستضيف القاهرة مؤتمراً لجميع القيادات السياسية اللبنانية لإعادة إحياء اتفاق الطائف.

وقال رئيس اتحاد نقابات العمال في لبنان كاسترو عبدالله،
إن سقوط التيار الوطني الحر كان متوقعاً، خصوصاً مع العنجهية والتسلط وفرض الإرادة التي انتهجها خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى أن التيار يعلم هذه الحقيقة وحاول إرجاء الانتخابات، أو عدم إشراك المغتربين فيها خوفاً من التصويت العقابي، ما فتح الباب أمام حزب القوات اللبنانية، وهو ليس أفضل من التيار على مستوى السياسات الداخلية الخاصة بالاقتصاد والبنك الدولي وغيرها. وأضاف عبدالله في تصريحات خاصة، أن: صعود القوات جاء نتيجة تململ موجودة في الشارع اللبناني، في ظل عدم وجود بديل آخر، وهذا لم يعطِ الفرصة لبديل ديمقراطي وطني، متابعاً: حتى النظام الانتخابي رغم أنه نسبي، لكنه بالأساس فُصِّل على مقاس القوى السياسية الحالية. وتوقع عبدالله دخول البرلمان الجديد معركة صراع حول النفوذ والمكاسب، خصوصاً منصب رئيس البرلمان ثم رئاسة الحكومة وصولاً لرئاسة الجمهورية، لافتاً إلى أن النتائج الأولية تشير إلى ضعف فرص جبران باسيل في الوصول إلى منصب رئيس الجمهورية كما كان يأمل. وأشار إلى أن الطائفة الشيعية حافظت على مقاعدها في ظل تراجع تيار المستقبل وعدم المشاركة في الانتخابات، وأن خسارة حزب الله تتمثل في حلفاء من التيار الحر وبعض المستقلين. وأوضح أن حكومة نجيب ميقاتي ستواصل تصريف الأعمال في ظل ضبابية المشهد والصراع المتوقع على الرئاسات الثلاث، ما لم تحدث توافقات بين مكونات البرلمان الجديد. ورجّح أن يبحث حزب الله عن حلفاء جدد، بعد أن كان يحلم بثلثَيْ المجلس، لافتاً إلى أن الأيام المقبلة ستكشف عن التحالفات الجديدة، وسط الصراع المسيحي على منصب رئاسة الجمهورية في ظل تشتت مقاعد الطائفة المسيحية، لافتاً إلى أن الوقت مبكر للحديث عن تصور واضح، ولبنان يعيش تغيرات جدية حقيقية، نأمل أن تنعكس إيجاباً على الواقع اللبناني.