الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

تحليل إخباري | خيارات إيران للاتفاق النووي بعد خسارة معركة «الحرس»

تحليل إخباري | خيارات إيران للاتفاق النووي بعد خسارة معركة «الحرس»

تعثر المفاوضات يقود طهران لإرجاء البت في حسم «القضايا الخلافية»

تتوالى العقبات أمام إتمام الاتفاق النووي الإيراني بعد مرور أكثر من عام على مفاوضات فيينا المتعثرة، تلك الفترة التي أكسبت إيران خبرات لا يمكن غض الطرف عنها، حتى وإن تخلت مؤقتاً عن برنامجها النووي للسعي وراء إبرام اتفاق بهدف رفع العقوبات. آخر وأبرز تلك العقبات فشل الجهود الإيرانية من أجل رفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب الأمريكية،ما دفع مراقبين للبحث عن بدائل متاحة أمام إيران لإبرام الاتفاق رغم خسارة معركة الحرس في ظل السعي الغربي نحو البحث عن مورد للنفط بديلاً عن روسيا.

القضايا الخلافية

وتوقع خبراء أن يتم الاستعاضة عن الاتفاق النووي بـ«اتفاقات وتفاهمات بينية جزئية» تجنب كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران انتقادات الرافضين للاتفاق. ووفقاً لنائب رئيس معهد الدراسات الإيرانية، أحمد القرني، فإن القلق الإيراني من احتمالية فشل المفاوضات النووية بعد تعالي الأصوات الرافضة للاتفاق داخل الكونغرس، قد يقود إيران لإرجاء البت في حسم «القضايا الخلافية» إلى ما بعد التوصل للاتفاق النووي. وأشار إلى أن عودة الاحتجاجات للشارع الإيراني قد تفرض على النظام تقديم «تنازلات بطولية» جديدة، بغية تحسين الوضع الاقتصادي الآخذ في التفاقم، خاصة أن النظام الإيراني يخشى من استمرار تفجر الأوضاع الناجمة عن التردي المستمر في الأوضاع المعيشية للمواطن. «الحرس الثوري الإيراني ليس مجرد مؤسسة عسكرية، ولكنه المسؤول عن تصدير الثورة وتهريب المخدرات والأمن الداخلي والخارجي والاستخبارات والنشاطات الخارجية والعمل الاقتصادي السري والعلني، إلى جانب حماية النظام وتطوير البرامج النووية والصاروخية والبيولوجية والكيميائية»، بحسب رئيس مركز سيرس للدراسات الاستراتيجية في باريس، دكتور عمر الزبيدي. مؤكداً أن الحرس يشكل الدولة العميقة في إيران، لذا فإن الضغط على النظام الإيراني بورقة الحرس، يعد أحد أدوات التفاوض مع طهران، خاصة أن إيران تعتمد على الحرس الثوري في إدارة الحكم والسيطرة على الشعوب وتهريب وغسيل الأموال حول العالم، ما يجعل النظام في حالة شلل عند غياب أو تعطيل عمله.

أوروبا على خط الأزمة

المماطلة الأمريكية وفقاً لتقرير موقع «بوليتكال» أكسبت إيران فرصاً قد تمكنها خلال وقت قريب أن تصبح دولة نووية، تزامن هذا التقرير مع ما نقله منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المحادثات النووية، إنريكي مورا، إلى كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري «الولايات المتحدة لن تتراجع عن وصفها لإيران بأنها إرهابية كجزء من اتفاق نووي، لكنها قد تتفاوض بشأن القضية في وقت لاحق، في حين لم تحدد مقترحات أمريكية في هذا الشأن إلى طهران. في الوقت نفسه، بحسب القرني فإن الجانب الأوروبي لا يزال يسعى جاهدا لتقريب وجهات النظر بين الطرفين الأمريكي والإيراني وإقناعهما بالتوقيع على اتفاق العودة للاتفاق النووي المبرم في 2015، لافتاً إلى أن حرص أوروبا على عودة إيران للاتفاق النووي لا يعني بأي حال من الأحوال أنها غير قلقة من المخاطر الأمنية الناتجة عن توصل إيران للسلاح النووي، غير أن توقف المفاوضات قد يعرض المصالح الأوروبية في دول المنطقة للعديد من المخاطر والتهديدات.

تطمينات أوروبية

تلك المواقف الأوروبية حول الاتفاق النووي، وفق «القرني» لا تراعي المخاوف الإقليمية من البرنامج النووي الإيراني، معتبراً أن التأكيدات الأوروبية الخاصة بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي بعد التوصل لاتفاق معها، لا تعدو مجرد محاولة لامتصاص غضب دول المنطقة والتقليل من مخاوفها وطمأنتها، فضلاً عن إقناعها بعدم عرقلة الجهود الأوروبية للتوصل لاتفاق مع إيران، غير أن التجارب أثبتت أن إيران طرف غير موثوق فيه، لذلك من المتوقع ألّا تنطلي المسكنات والتطمينات الأوروبية على دول المنطقة. إيران بدورها لم تتراجع عن موقفها، إلا أنها أشارت إلى أنها منفتحة على استئناف المحادثات المجمدة ومواصلة المناقشات حول القضايا غير التابعة للحرس الثوري الإيراني، لذا يتوقع دبلوماسيون غربيون أن تطرح طهران مطالب بديلة محتملة، ما يمنح واشنطن فرصة للتفكير في التنازلات الأخرى التي يمكن أن تقدمها بهدف إيجاد طريقة للتغلب على عقبة الحرس الثوري الإيراني تسمح لكلا الحكومتين ببيع الصفقة محلياً، وتسمح باجتماع الأطراف المعنية مرة أخرى لإجراء محادثات فعلية في الأسابيع المقبلة.

إقرأ أيضاً..أوروبا تفشل في الاتفاق على حظر النفط الروسي ولا «حل وسط»

سياسة الأمر الواقع

ويرى القرني أن التوصل لاتفاق نووي مع إيران قد يؤدي إلى تعليق أنشطة إيران النووية والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش المحطات النووية الإيرانية، إلا أنه لا تزال هناك احتمالات قوية حول عدم إلغاء هذا البرنامج نهائياً، لا سيما أن إيران التي أنفقت مليارات الدولارات على هذا المشروع فضلاً عن اعتقادها الراسخ –غير المعلن طبعاً- بأن السلاح النووي الضامن الوحيد لردع أعدائها وإنجاح مشروعها التوسعي وحلمها الإمبراطوري. ويرجح ألّا تتنازل إيران عن تحقيق حلمها بامتلاك سلاح نووي، ولكنها قد تلجأ إلى وقف نشاطها النووي مؤقتاً لإرضاء الدول الكبرى، وضمان رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها والتي أثقلت كاهل المواطن الإيراني وتسببت في زيادة سخطه من النظام الحاكم. في الأثناء ترى إدارة بايدن أن العودة للاتفاق النووي المبرم مع إيران، أفضل وسيلة لمنعها من امتلاك سلاح نووي، لكن بعض دول المنطقة ومنها إسرائيل ترى أن الاتفاق الذي يُنتظر إبرامه مع إيران سوف يكون أقصر زمنياً وأضعف من الاتفاق السابق، ما يعني عودة إيران لاستئناف نشاطها النووي مستقبلاً، فضلاً عن أن توصل إدارة بايدن إلى اتفاق مع إيران دون مراعاة المخاوف والتحفظات التي عبر عنها عدد كبير من أعضاء الكونغرس، ربما يؤدي إلى خروج الولايات المتحدة مجدداً من الاتفاق النووي في حال وصول رئيس أمريكي جديد، وفي حال حدوث هذا السيناريو قد تعطي إيران نفسها الحق في حسم الصراع حول برنامجها النووي وذلك عبر إنتاج قنبلة نووية ووضع العالم أمام سياسة الأمر الواقع.