الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

نبيه بري.. من «أمير حرب» إلى رأس إمبراطورية أعمال تتجاوز حدود لبنان

نبيه بري.. من «أمير حرب» إلى رأس إمبراطورية أعمال تتجاوز حدود لبنان

كرّس نفسه حارساً لـ«الستاتيكو السياسي» المعقد في لبنان. (أ ف ب)

منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) وانتقاله من «أمير حرب» إلى رئيس مجلس النواب، أصبح نبيه بري جزءاً أساسياً من المشهد السياسي اللبناني مستقوياً بتحالفه مع دمشق التي كانت تهيمن على الساحة السياسية اللبنانية، ثم بتحالفه الثابت مع «حزب الله»، القوة السياسية الأبرز في لبنان التي تمتلك ترسانة عسكرية موازية لسلاح القوى الشرعية.

بري الذي أعيد انتخابه، الثلاثاء، لولاية سابعة على رأس البرلمان اللبناني، هو أحد أبرز أركان النظام السياسي الطائفي والتقليدي المتجذر في البلاد، وسيدشن ولايته السابعة على الرغم من التوق الواضح للتغيير الذي عبر عنه اللبنانيون خلال الانتخابات الأخيرة.

يعرف بحنكته السياسية ولكن أيضاً تتهمه شريحة واسعة من اللبنانيين بأنه جزء أساسي من «منظومة الفساد» في بلد يشهد أزمة اقتصادية ومالية خانقة وشللاً سياسياً منذ أكثر من سنتين.

«الستاتيكو السياسي»

استفاد بري من نظام سياسي معقد يقوم على محاصصة طائفية وتوازنات هشة، ليبقى في منصبه 30 عاماً ويكرّس نفسه حارساً لـ«الستاتيكو السياسي» المعقد في لبنان، بعد خروج الجيش السوري من البلاد إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وما تلاه من تغيير في موازين القوى، وصولاً إلى تظاهرات غير مسبوقة خريف 2019 ضد السلطة المتهمة بالفساد وسوء الإدارة، والتي يُعدّ بري من أبرز أركانها.

أعيد انتخاب بري (84 عاماً)، عميد رؤساء البرلمانات العرب لأربع سنوات جديدة، بأدنى عدد أصوت ينالها منذ وصوله إلى رئاسة البرلمان عام 1992، إذ حصل على 64 من أصل 128.

يدرك بري جيداً أهمية الحفاظ على تحالفه مع «حزب الله» الذي خاض معه في مرحلة التسعينيات صراعاً قاسياً على زعامة الطائفة الشيعية، لكنه منذ ذلك الحين، يؤكد أن حلفه مع حزب الله ثابت، ويدعمه في رفض التخلي عن سلاحه، مطلب خصوم حزب الله وقوى دولية عدّة.

«تدوير الزوايا»

وعُرف بري خلال أزمات عديدة مر بها لبنان بقدرته على تدوير الزوايا، فنجح في فرض نفسه كوسيط بين القوى السياسية المختلفة، والطرف الشيعي المقصود من دبلوماسيين أمريكيين وغربيين وعرب لا يريدون عقد لقاءات علنية مع حزب الله.

ويقول النائب السابق إيلي الفرزلي، الذي شغل منصب نائب رئيس البرلمان لسنوات، لوكالة فرانس برس، «ما من أحد غيره يستطيع أن يلعب الدور الذي يقوم به».

طويل القامة، طليق اللسان، جهوري الصوت، سريع البديهة، لاذع الانتقادات، لا يتردد في قول ما يجول بخاطره حتى خلال جلسة عامة منقولة مباشرة عبر أثير الإذاعات والتلفزيونات، كما يعرف بخفة ظله وكثرة استخدامه للأمثلة الشعبية في مداخلاته وخطاباته.

تجارة الماس

ولد بري في سيراليون عام 1938 من عائلة تتحدر من قرية تبنين في جنوب لبنان هاجرت إلى أفريقيا، وعملت في تجارة الماس. في أفريقيا، بات بري الصديق الحميم لجميل سعيد محمّد الذي كان بمثابة «ملك الماس» ويحظى بنفوذ سياسي كبير في سيراليون جعله يتدخل في قرارات حكومية وتعيينات سياسية، وفق تقرير كتبه الدبلوماسي لنسانا غبيري عام 2002.

تخرج بري عام 1963 من كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، ثم تابع دراسات عليا في الحقوق في جامعة السوربون في فرنسا وعمل محامياً في الاستئناف اعتباراً من 1963، كما عمل لسنوات طويلة في حقل الاستثمارات العقارية.

انضم بري إلى حركة أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) التي أسسها موسى الصدر عام 1970، وترأس الحركة في 1980 بعد عامين من اختفاء الصدر المثير للجدل خلال زيارة إلى ليبيا.

وشاركت حركة أمل برئاسته في الحرب الأهلية، وخاضت مواجهات مع أطراف عدة بينها المليشيات المسيحية والفصائل الفلسطينية في حرب المخيمات (1985-1988)، وحتى حزب الله قبل أن يصبح الطرفان شريكين أساسيين في الحياة السياسية.

«إمبراطورية أعمال»

قبل وصوله إلى البرلمان، تولى بري 5 حقائب وزارية بين عامي 1984 و1992، ويتميز بري ببلاغة في الكلام ويهوى الكتابة، وقد تم تلحين بعض كتاباته وبينها أغنية للفنان اللبناني مارسيل خليفة بعنوان «يا عريس الجنوب» حول اللبناني بلال فحص الذي سقط في عملية انتحارية ضد الجيش الإسرائيلي.

يقول إن عمله السياسي يحول دون ممارسة هوايتيه المفضلتين، وهما السباحة ولعب البلياردو.

يشيد أنصاره بالخدمات وبورشة الإنماء التي يقف وراءها في جنوب لبنان، بينما يعتبر خصومه أنه استغل الحرب والزعامة والمنصب لترسيخ شعبيته وتوظيف آلاف من أنصاره في مرافق الدولة والمساهمة في تعميق الفساد.

ويُعتقد أن بري يقف على رأس إمبراطورية أعمال تتجاوز حدود لبنان، ومن الصعب جداً تتبع مصادرها المالية، كما تُوجه لبري وزوجته رندة اتهامات بالاستفادة مالياً من مشاريع إعمار مع مجلس الجنوب التابع للحكومة اللبنانية.

ووفق وثائق مسربة من السفارة الأمريكية في لبنان عام 2006، قُدرت ثروة بري وعائلته بحوالي ملياري دولار، وهو متزوج وأب لتسعة أولاد، 6 منهم من زواج سابق.