السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«روسيا والصين أبرز التحديات».. اجتماع الناتو تباين الأولويات واختلاف التوقعات

«روسيا والصين أبرز التحديات».. اجتماع الناتو تباين الأولويات واختلاف التوقعات

EPA.

تمر العلاقة بين دول حلف الناتو، الذي تأسس عام 1949، ويضم 28 دولة، بحالة من «عدم اليقين» نتيجة لتباين الأولويات، واختلاف التوقعات، ليس فقط بسبب الخلافات الداخلية للحلف، لكن أيضاً بسبب التحديات الخارجية، والتي تتمثل في «التنافس الجيوسياسي» مع الصين وروسيا، كما أن التقارب الصيني الروسي، وقدرة موسكو وبكين على تصنيع أسلحة عسكرية تتحدى ما لدى الولايات المتحدة وحلف الناتو، زاد من الضغوط على الحلف الذي ما زال يعيش على وقع أزمة توقيع بريطانيا والولايات المتحدة اتفاقية «أوكوس» مع أستراليا يوم 16 سبتمبر الماضي، بعد استبدال استراليا الغواصات الأمريكية والبريطانية التي تعمل بالطاقة النووية، بدلاً من الغواصات الفرنسية التي تعمل بالديزل والكهرباء، وهو ما أدى إلى شقاق وخلاف كبير في حلف الناتو، بعد الاصطفاف الأوروبي وراء الموقف الفرنسي ضد الصفقة الأمريكية البريطانية مع أستراليا.

ومن يراجع وسائل الإعلام الأمريكية وبيانات البنتاجون، يتأكد له القلق الأمريكي والغربي من المعلومات التي تشير إلى توسع الصين في إنتاج الصواريخ التي تحمل رؤوساً نووية، وهي قضية سوف تكون العنوان الأكبر لاجتماعات وزراء دفاع حلف الناتو يومي 21 و22 أكتوبر الجاري، بعد أن رصدت الأقمار الصناعية الأمريكية بناء الصين صوامع لـ119 صاروخاً نووياً في مدينة يومين غرب الصين، وفق مركز جيمس مارتن لدراسات منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في كاليفورنيا، ناهيك عن الصاروخ الصيني الجديد الأسرع من الصوت، والذي يحمل رؤوسا نووية، وهو أمر يصنع مرحلة فارقة وجديدة في تاريخ التنافس الصيني مع الولايات المتحدة، وفق ما أفادت به صحيفة «الفاينانشيال تايمز»، وهي أخبار وتفاصيل تنفيها الصين على الدوام، فكيف يواجه حلف الأطلسي كل تلك التحديات؟ وماذا عن الخيارات الأمريكية لتعزيز وتقوية أقدم تحالف عسكري في العالم؟

المنافس الاستراتيجي

أصبحت الصين وروسيا محور المنافسة مع الولايات المتحدة وحلفائها في حلف الناتو، عندما قام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتغيير أولويات الأمن القومي الأمريكي من التركيز على مكافحة الإرهاب، الذي ظل أولوية أمريكية 16 عاماً، بداية من 2001 عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر، إلى مواجهة المنافسة مع الصين وروسيا منذ أن أعلن استراتيجيته للأمن القومي في ديسمبر 2017، وظلت الصين التحدي الأكبر، وتأتي بعدها روسيا وفق ما جاء في الدليل المبدئي لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي الذي نشره البيت الأبيض في 2 مارس الماضي، بعد 45 يوماً فقط من وصول بايدن للحكم.

وكانت الصين محور جولة الرئيس بايدن الأوروبية في يونيو الماضي، حيث ركزت المواقف والبيانات الصادرة عن قمة الدول الصناعية السبع في بريطانيا، وقمتي الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو في بلجيكا، على ما تسميه واشنطن خطر الصعود الصيني، وبعد 10 أيام فقط من توقيع اتفاق «أوكوس» قاد الرئيس بايدن في 25 سبتمبر الماضي في البيت الأبيض، اجتماع «كواد» الموجه نحو الصين أيضاً، والذي يضم الهند، وأستراليا، والولايات المتحدة، واليابان، وتأتي كل هذه التحركات الأمريكية من أجل احتواء الصين، كما تقول واشنطن، حيث وصف مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية السابق، جون راتكليف، الصين باعتبارها أكبر تهديد للولايات المتحدة وبقية العالم الحر منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك في مقال له في صحيفة «وول ستريت جورنال»، كما يقلق واشنطن تطوير بيجين لصاروخ قادر على إنشاء صدمة كهرومغناطيسية قوية جدا قادرة على «شل الاقتصاد الأمريكي» وفق ما أفادت به مجلة «eurasian times».

انقسام حول روسيا

قبل مشاركة وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في اجتماعات وزراء دفاع حلف الناتو اليوم الخميس، في بروكسل قام بزيارة أوكرانيا وجورجيا ورومانيا، وهي الدول التي وصفها البنتاغون بأنها «تقع في الصفوف الأمامية في مواجهة الضغوط الروسية»، وهناك خلافات بين دول الحلف حول طريقة التعامل مع موسكو، ففي الوقت الذي تشتري فيه تركيا منظومة الدفاع «إس 400» من روسيا، ترى الولايات المتحدة وباقي أعضاء الحلف أن هذه المنظومة تهدد عقيدة الحلف، و طائرات «إف 35» الأمريكية، كما أن دول الحلف في شرق أوروبا، خاصة بولندا ودول بحر البلطيق الثلاث، قلقة من الموقف الأمريكي القابل ضمنياً بمشروع نقل الغاز الروسي إلى وسط أوروبا الذي يطلق عليه «نورد ستريم 2»، وهي محور خلاف كبير بين الطرفين.

وطرح اتفاق «أوكوس» من جديد فكرة وجود فريقين داخل الناتو، وهما الأنجلو ساكسون، وغير الأنجلو ساكسون، ناهيك عن المشكلة المتفاقمة منذ عهد ترامب، والتي تتمثل في نسبة إنفاق الدول الأعضاء على الدفاع، فالولايات المتحدة اتفقت مع دول الحلف منذ قمة ويلز 2014 على ضرورة الوصول إلى عتبة 2 % إنفاق من الناتج القومي على الدفاع، لكن حتى الآن لم تلتزم كثير من الدول بما فيها الدول الغنية في أوروبا بهذه النسبة، وهو الأمر الذي دفع مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، للقول إن الرئيس بايدن خلال قمة الناتو في يونيو الماضي تحدث عن قضية الإنفاق، والتي ربطها أيضاً بضرورة مشاركة الأعضاء في مزيد من التدريبات والعمليات التي يقوم بها الحلف.

عقد دفاعي جديد

بعد مرور 72 عاماً على أنجح تجربة دفاع مشترك في تاريخ العالم، يحتاج حلف الأطلسي إلى «مقاربة جديدة» يتمتع من خلالها على القدرة للاستجابة العالية للتحديات الأمنية، لكن الأهم من كل ذلك نوعية الاستجابة ودرجة نجاحها، فآخر 3 تجارب للحلف في أفغانستان والعراق وليبيا لم تأت بالثمار والتوقعات التي جرى التخطيط لها، وهو ما يدعو للتفكير في صياغة «عقد دفاعي» جديد يستجيب ليس فقط لما يراه الحلف من تحديات صينية وروسية، بل لتضميد الجراح ولم الشمل داخل الحلف نفسه.