الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أدمغة البشر تقلصت في الحجم قبل 3000 عام بسبب «حكمة الجماهير»

أدمغة البشر تقلصت في الحجم قبل 3000 عام بسبب «حكمة الجماهير»
يُعد الدماغ العضو الأكثر تعقيداً في جسم الإنسان. والآن، قرّبتنا دراسة جديدة من فهم بعض تطورها.

تظهر تلك الدراسة أن حجم أدمغة البشر انخفض منذ ما يقرب من 3000 عام. من خلال دراسة النمل كنماذج لتوضيح سبب زيادة حجم الأدمغة أو انخفاضها، يفترض الباحثون أن تقلص الدماغ يوازي توسع الذكاء الجماعي في المجتمعات البشرية.

تساعدنا دراسة وفهم أسباب وعواقب تطور الدماغ على فهم طبيعة البشرية. من الموثق جيداً أن حجم الأدمغة البشرية اختلف على مدار تاريخنا التطوري. أقل تقدير هو حقيقة أن حجم الأدمغة البشرية قد انخفض منذ العصر الجليدي. متى أن حدثت هذه التغييرات بالضبط، أو لماذا، تلك أسئلة لم نعرف الإجابة عنها حتى الآن.


لكن، وبفضل علوم الحفريات، هناك حقيقة مدهشة عن البشر نعرفها اليوم وهي أن أدمغتنا أصغر مقارنة بأدمغة أسلافنا في العصر البليستوسيني.. لكن ظل سبب تقلص حجم الدماغ لغزاً غير معروف.


لحل هذا اللغز، شرع فريق من الباحثين من مختلف المجالات الأكاديمية في دراسة الأنماط التاريخية لتطور الدماغ البشري، ومقارنة نتائجهم بما هو معروف في مجتمعات النمل لتقديم رؤى واسعة.

ويقول المؤلف المشارك الدكتور جيمس ترانييلو، من جامعة بوسطن: «بدأ عالم الأنثروبولوجيا البيولوجية وعالم البيئة السلوكي وعلم الأحياء العصبية التطوري في تبادل أفكارهم حول تطور الدماغ فوجدوا أن البحث عن الجسور المشتركة بين على والنمل قد يساعد في تحديد وحل هذا اللغز.»

طبق الباحثون طريقة تحليلية على مجموعة بيانات مكونة من 985 من الأحافير والقحف البشرية الحديثة. ووجدوا أن حجم أدمغة البشر زاد منذ 2.1 مليون سنة و1.5 مليون سنة خلال العصر البليستوسيني، لكنه تقلص مرة أخرى منذ نحو 3000 عام في عصر الهولوسين.

يدرك معظم الناس أن أدمغة البشر كبيرة بشكل غير عادي -أكبر بكثير مما هو متوقع من حجم أجسامنا. ويقول «ترانييلو» إنه عبر تاريخنا التطوري العميق، زاد حجم الدماغ البشري بشكل كبير، لذا؛ فالانخفاض في حجم الدماغ البشري قبل 3000 عام كان غير متوقع.

يتزامن توقيت زيادة الحجم مع ما كان معروفاً سابقاً عن التطور المبكر للإنسان الحديث والتطورات التقنية التي أدت على سبيل المثال إلى نظام غذائي وتغذية أفضل ومجموعات اجتماعية أكبر.

بالنسبة لانخفاض حجم الدماغ، اقترح فريق الباحثين متعدد التخصصات فرضية جديدة، لإيجاد أدلة داخل مجتمعات النمل.

إذ افترضوا أن النمل يمكن أن يقدم نماذج متنوعة لفهم سبب زيادة حجم العقول أو نقصه بسبب كون النمل أحد الحيوانات الاجتماعية التي تعيش في مجموعات كبيرة مثل الإنسان، ولأن فهم سبب زيادة الأدمغة أو نقصانها أمر صعب الدراسة باستخدام الأحافير فقط.

أظهرت دراسة النماذج والأنماط الحسابية لحجم دماغ النمل العامل وبنيته واستهلاك الأدمغة للطاقة والسعرات الحرارية الطاقة في نوع شائع من النمل يسمى نمل الحديقة، أن الإدراك على مستوى المجموعة وتقسيم العمل هو ما دفع الاختلاف التكيفي حجم الدماغ. هذا يعني أنه داخل مجموعة اجتماعية حيث تتم مشاركة المعرفة أو يكون فيها الأفراد متخصصين في مهام معينة، قد تتكيف العقول لتصبح أكثر كفاءة وتتناقص في الحجم.

وعلى الرغم من أن المجتمعات البشرية والنمل تختلف اختلافاً كبيراً كما سلكت طرقاً مختلفة في التطور الاجتماعي، فإن النمل يتشارك أيضاً مع البشر في جوانب مهمة من الحياة الاجتماعية مثل اتخاذ القرارات الجماعية وتقسيم العمل، وكذلك إنتاج طعامهم ويمكن أن تخبرنا أوجه التشابه هذه على نطاق واسع بالعوامل التي قد تؤثر على التغيرات في حجم الدماغ البشري.

تستهلك الأدمغة الكثير من الطاقة، وتستهلك الأدمغة الأصغر طاقة أقل. قد يكون تخريج المعرفة في المجتمعات البشرية، وبالتالي الحاجة إلى طاقة أقل لتخزين الكثير من المعلومات كأفراد دفع الدماغ إلى تقليص حجمها.

ويقترح الباحثون أن هذا الانخفاض كان بسبب زيادة الاعتماد على الذكاء الجماعي، وفكرة أن مجموعة من الأشخاص أكثر ذكاءً من أذكى شخص في المجموعة، وغالباً ما يطلق عليها حكمة الجماهير.