السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

«الفقر التعليمي».. بيان دولي يعمق أزمات الساسة مع ملفات الأجل الطويل

«الفقر التعليمي».. بيان دولي يعمق أزمات الساسة مع ملفات الأجل الطويل

خسائر في رأس المال البشري ستؤدي إلى إعاقة الاقتصادات لعقود. (أ ف ب)

ظهر مصطلح «الفقر التعليمي» في أدبيات البنك الدولي منذ عام ٢٠١٩. وقد أضاف بظهوره إلى أنواع الفقر القائمة، نوعاً آخر ذا آثار اقتصادية سلبية مدمرة.

وعلى مدونة مجموعة البنك الدولي، نُشر مؤخراً، مقال مشترك كتبه هنريتا فور، المدير التنفيذي لمنظمة اليونيسيف، وديفيد مالباس، رئيس مجموعة البنك الدولي. يتحدث المقال عن هذا النوع الجديد من الفقر الناجم عن جائحة كورونا، والذي لم يلتفت إليه الساسة بعد، رغم مخاطره وكلفته المرهقة للدول والأفراد، خاصة أن الوعي العام به لم يتعمق بعد في أوساط السلطة والمجتمعات.

متأخرون عن الركب

قال المسؤولان إنه مع دخول كوفيد-19 عامه الثالث، تظل الفصول المدرسية مغلقة كلياً أو جزئياً أمام ما قد يصل إلى 647 مليون تلميذ حول العالم. وحتى في الأماكن التي أعيد فيها فتح المدارس، لا يزال العديد من الطلاب متأخرين عن الركب.

ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، ربما يتسبب إغلاق المدارس بسبب الجائحة في دفع «فقر التعلم» - نسبة الأطفال في سن العاشرة الذين لا يستطيعون قراءة نص أساسي - إلى الارتفاع إلى نحو 70% في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وقد يتكبد جيل كامل من أطفال المدارس بسبب خسارة التعلم على هذا النحو ما يقرب من 17 تريليون دولار أمريكي من دخلهم على مدار حياتهم.

وأضاف المسؤولان: «ما لم يتم عكس الصورة، فإن الفقر التعليمي وما يرتبط به من خسائر في رأس المال البشري، سيتسبب في إعاقة الاقتصادات والمجتمعات لعقود من الزمن».

ونشط الفقر التعليمي بينما لا تزال معظم الدول تكابد من أجل مكافحة «الفقر المدقع»، و«الفقر العام»، وإيجاد سبيل لتوفير غذاء لـ٨١١ مليون إنسان ليس لديهم القدر الكافي من الطعام، حسب بيانات دولية.

كما جاء الوافد الحديث، أي الفقر التعليمي، مترافقاً مع تدهور إمكانات الدول الفقيرة، المالية والاقتصادية، بسبب الجائحة وتوابعها، بحيث يصعب توفير التمويل اللازم لمواجهة فقر التعليم، أو أخواته من أصناف الفقر الأخرى.

صناع القرار

وبجانب ما تقدم، فإن بيان قائدي البنك الدولي واليونيسيف، يقود إلى معضلة أخرى، طالما رأينا نماذج لها في العقود الأخيرة على نحو خاص، ألا وهي كيفية تعامل صناع القرار مع الأزمات أو المشاكل الحادة التي لا تظهر نتائجها إلا على مدى طويل.

جاء إنذار البنك الدولي بعد أقل من شهر على انعقاد مؤتمر المناخ العالمي في غلاسكو، والذي رأينا معه أرقاماً مخيفة عن الخسائر بعيدة الأجل التي ستمنى بها دول العالم كله جراء مشاكل البيئة وتدهور المناخ.

وظهر جلياً أن العالم يمكن أن يخسر ١٥ تريليون دولار جراء التصحر وتجريف الأراضي، وهو رقم قريب بالمصادفة من خسائر الفقر التعليمي، كما يساوي الناتج المحلي الصيني تقريباً، وثلاثة أمثال الناتج الياباني. وسيخسر العالم ما متوسطه نحو ١٥% من ناتجه الإجمالي المقدر بـ٩٠ تريليون دولار، بسبب الاحترار.

وبالرغم من كل تلك الخسائر المخيفة، لا يزال التصدي لتلك القضايا أقل من مستوى المخاطر بكثير. وفي تحليل خلل مواجهة الساسة لمثل تلك المشاكل، يذهب علماء السياسة إلى أن السبب الأول يعود إلى أن تأثير مثل تلك القضايا على الناخبين أقل بكثير من حجم الضرر الذى تمثله، وأن الساسة بحاجة إلى نجاحات سريعة تضمن إعادة انتخاباتهم، بينما العمل على تلك المهام لا تظهر عوائده إلا بعد سنين وربما عقود.

لغة جديدة

يضاف إلى ما تقدم أن تفاقم الأزمات الاقتصادية والأيكولوجية والتعليمية يحدث في وقت يعاني فيه التعاون الدولي وهناً غير مسبوق، ويرتفع فيه بشدة منسوب التركيز على التحديات الوطنية لا العالمية.

لكن هناك جانب مؤثر آخر لم تتم دراسته ألا وهو اللغة الشائعة في تقارير المنظمات الدولية. فهي لغة لا توجه إلى أطراف محددة، تجنباً لاتهامات التسييس. كما لا تخاطب الجمهور بحكم أنها منظمات فنية تمثل حكومات وليس من مهامها مخاطبة الجمهور. فهل يحتاج العالم إلى ابتكار لغة جديدة من شأنها منع التراخي في معالجة القضايا الوجودية؟