الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

بيلاروسيا: مشروع دستور لإنشاء قطب جديد للسلطة

بيلاروسيا: مشروع دستور لإنشاء قطب جديد للسلطة

ألكسندر لوكاشينكو. ( أيه بي )

يتجه البيلاروسيون إلى التصويت، عبر استفتاء شعبي، على مشروع دستور جديد يتوقع أن يقلب ميزان القوى في بيلاروسيا، ويخلق قطباً جديداً للسلطة، ينافس رئيس الدولة، ويكون قادراً على عزلة فقط بموافقة أغلبية بسيطة من أعضائه، في وقت تنقسم فيه الآراء حول مشروع الدستور الجديد.

قطب جديد للسلطة

وينص مشروع الدستور الجديد، الذي يصوت عليه البيلاروسيون في فبراير المقبل، على إنشاء قطب جديد للسلطة، وهو مجلس الشعب البيلاروسي، الموجود حالياً، والذي يصبح بموجب الدستور الجديد هيكلاً موازياً للبرلمان، وقادراً على التنافس مع الرئاسة.

سلطات وصلاحيات كبيرة

ويمنح مشروع الدستور البيلاروسي الجديد سلطات وصلاحيات كبيرة لمجلس الشعب البيلاروسي، الذي يعتبر في الوقت الحالي مجلساً استشارياً في أحسن الأحوال، وشكلياً في أسوئها، إذ يجتمع كل 5 سنوات، لمراجعة نتائج الخطة الخمسية المكتملة، وأهداف الخطة التالية، في حين ينص الدستور الجديد على أن مجلس الشعب البيلاروسي يجب أن ينعقد على الأقل مرة واحدة في العام، ويفصل في المسائل الأكثر أهمية؛ مثل الدعوة إلى الاستفتاءات، وتعديل القوانين، وتعيين قضاة المحكمة العليا، والدستورية، وأعضاء اللجنة الانتخابية.

ويكون بإمكان مجلس الشعب البيلاروسي أن يعزل رئيس الدولة، ولن يحتاج الأمر سوى موافقة أغلبية بسيطة من أعضائه، بحسب ما كشفه الموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «Libération» الفرنسية.

الحد من صلاحيات الرئيس

ومن المتوقع أن يحد الدستور الجديد، بحسب المصدر نفسه، من صلاحيات رئيس الدولة، بعد فترة انتقالية قد تستمر عامين. كما لن يسمح بانتخاب الرئيس المقبل إلا لفترتين رئاسيتين كحد أقصى، ولن تحل قرارات الرئيس، وفق مشروع الدستور الجديد، محل القوانين، كما هو الوضع حالياً. كما يشترط على من يترشح لمنصب رئيس الدولة أن يكون عمره 40 عاماً على الأقل، وألا يكون قد أقام في الخارج خلال العشرين عاماً التي تسبق تاريخ التصويت، وهذا إجراء يستبعد تلقائياً المعارضة بأكملها في المنفى.

التشكيلة الجديدة للمجلس

ولم يتم بعد تحديد الكيفية الجديدة لتعيين أو انتخاب أعضاء مجلس الشعب البيلاروسي، البالغ عددهم 1200 عضو، ولكن في نسخته الحالية، يقدم المجلس تمثيلاً سوفيتياً للطبقات الاجتماعية بدلاً من التمثيل الديمقراطي، إذ يضم عمال الكولخوزات، وهم شكل من أشكال المزارع الجماعية في الاتحاد السوفييتي، وعمالاً في مصانع الدولة، تم اختيارهم بدلاً من انتخابهم. ومن المتوقع أن يعمل المجلس الجديد على نفس النموذج، مع إضافة ممثلين عن المجتمع المدني، والسلطات المحلية، ليصبح الهيئة العليا للسلطة الشعبية، وفق الموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «Libération» الفرنسية.

انتقادات للمشروع

وفي المقابل، تطال مشروع الدستور البيلاروسي الجديد مجموعة من الانتقادات؛ من بينها أن الهدف منه ليس تطبيق سلطة مضادة لسلطة حاكم البلاد لست فترات متتالية منذ عام 1994، ألكسندر لوكاشينكو، بل تقديم باب خروج مريح له، والسماح له بالاستمرار في وضع يده على الدولة، لأن مسودة الدستور الجديد تنص على أن يكون الرؤساء أعضاءً في مجلس الشعب البيلاروسي في صيغته الجديدة، ويمكن انتخابهم كرئيس له، «ما يعني أن لوكاشينكو سيتولى المهمة بالتأكيد»، بحسب الموقع الإلكتروني الإخباري لصحيفة «Libération» الفرنسية.

ويمنح نص مشروع الدستور الجديد أيضا حصانة للرؤساء السابقين، الذين لا يمكن مقاضاتهم على أفعال ارتكبوها أثناء وجودهم على رأس الدولة، وهو ما يضمن تقاعداً مريحاً للوكاشينكو، بحسب «Libération» الفرنسية، التي أوضحت أنه بعد اعتماد مشروع الدستور الجديد، سيكون بإمكان لوكاشينكو الترشح من جديد لمنصب رئيس البلاد، رغم جلوسه على المقعد منذ سنة 1994، لأن مشروع الدستور الجديد ينص على منع انتخاب الرئيس المقبل إلا لفترتين كحد أقصى، لكن ستتم إعادة ضبط العدادات، ويعتبر لوكاشينكو وكأنه يترشح للمنصب لأول مرة.

ومن جهتها، انتقدت زعيمة المعارضة البيلاروسية، سفيتلانا تيخانوفسكا، هذا الإصلاح الدستوري، معتبرة أنه يسمح للوكاشينكو بتأمين سلطته، والسيطرة على الوضع بفضل مجلس الشعب البيلاروسي، الذي وصفته بـ«المصطنع»، والإفلات من الملاحقة القضائية".

وبيَّنت أن «إجراء انتخابات رئاسية جديدة يبقى هو الحل الوحيد لهذه الأزمة»، مبرزة أنه «حتى لو خاطر ألكسندر لوكاشينكو بذلك، فلا يزال بإمكانه الفوز». ووفقاً لاستطلاع للرأي صدر خلال الصيف من قبل تشاتام هاوس، ينظر إلى لوكاشينكو على أنه أفضل رئيس ممكن من قِبل 23% من البيلاروسيين.

وحصل لوكاشينكو في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في أغسطس 2020 على 80,23% من الأصوات، ليتم انتخابه من جديد رئيساً للبلاد، وهو ما تبعه احتجاجات عنيفة في عشرات المدن البيلاروسية، طالبته بالتنحي عن السلطة، في حين استنجد لوكاشينكو وقتها بالجارة روسيا لمساعدته.