الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

سياسة بيديا | «اتحاد أوترخت».. رابطة توحيد مقاطعات هولندا الشمالية

سياسة بيديا | «اتحاد أوترخت».. رابطة توحيد مقاطعات هولندا الشمالية

مهد الاتحاد إلى ميلاد الجمهورية الهولندية التي بدأت بذورها 1581

أسس «اتحاد أوتريخت» رابطة تهدف إلى توحيد المقاطعات الشمالية لهولندا، في سبيل إدارة حرب الاستقلال للمدن المقاومة للحكم الأسباني، الذي أصبح فيما بعد أساس دولة منفصلة في شمال هولندا عرفت دولياً باسم الولايات العامة حينها. لم تعترف أسبانيا طوال 30 عاماً بـ «اتحاد أوترخت»، إلا أنه أسس جمهورية الأقاليم السبعة في 23 يناير 1579. وترجع أهمية الاتحاد السياسية لتوقيت ظهوره الذي تزامن مع «اتحاد أراس» بدعم تحالف جنوب أسبانيا الكاثوليكي، لذا وجد البروتستانت الشماليين ضرورة الرد على هذا الاتحاد، وخلال نفس الشهر أصدروا اتحاد أوترخت، الذي انضمت إليه لاحقاً العديد من المقاطعات في الشمال، الأمر الذي قوض إمكانية التعاون بين الجانبين ضد الحكم الأسباني.

أنشأت المعاهدة التي شكلت أساس الاتحاد الشمالي الجديد تحالفًا عسكريًا لمقاومة الإسبان على أساس دائم، ونصّت على ترتيبات سياسية أوثق بين المقاطعات، جعلت منهم كتلة واحدة كما لو كانت مقاطعة واحدة، يتمتع كل منها بالسيادة في شؤونه الداخلية، فيما عدا قرارات الحرب والسلام والضرائب الفيدرالية جميعها لا تتم إلا بالإجماع.

رابطة الهوية التاريخية



لم تتوقف هجمات الهولنديين على المستعمرات الإسبانية والإمبراطورية التجارية الإسبانية، ولم يتخلوا عن أي أرض، فيما مهد الاتحاد لولادة الجمهورية الهولندية، التي بدأت بذورها في 1581 بعد أن أعلنت الولايات العامة استقلالها، إلا أن التحول كان له ثمن تمثل في تآكل رابطة الهوية التاريخية بين الشماليين والجنوبيين - أو الهولنديين والبلجيكيين، كما أطلق عليهم بداية القرن 19.


لم يتخلص الاتحاد من السيادة الرسمية لملك أسبانيا، لكنه أكد السلطات الفعالة لحكام المقاطعات حتي هدنة الـ 12 عامًا لعام 1609، التي كانت بمثابة نهاية النضال الهولندي من أجل الاستقلال، ونهاية مؤقتًة لواحدة من أطول الصراعات في التاريخ -حرب الثمانين عامًا- التي وصفها المؤرخ الهولندي، بيتر جيل، بـ «الانتصار المذهل للهولنديين».

اتحاد أوتريخت كان جزءًا من لعبة توازن القوى خلال القرن السادس عشر، والذي أسس في النهاية إلى معاهدة أوترخت، التي تعد بمثابة بداية النهاية لسلطة فرنسا، وبزوغ شمس بريطانيا، بعد أن اعترفت بأن يكون الأمير فيليب ملكًا على أسبانيا، شريطة ألا تتحد أسبانيا وفرنسا تحت حاكم واحد، الأمر الذي أضعف من الهيمنة الفرنسية على القارة الأوروبية، وبدأت مرحلة تقسيم المستعمرات الأسبانية ما بين النمسا التي فازت بإقطاعيات أسبانيا في إيطاليا وهولندا، وإنجلترا التي فازت بالمستعمرات الأسبانية في جبل طارق، مع عقد يسمح لها بإمداد كل المستعمرات الأسبانية في أمريكا «بعبيد من أفريقيا».

وقع سلام أوتريخت في 1713، ينهي حرب الخلافة الأسبانية التي استمرت 12 عاماً، ويغير ميزان القوى في أوروبا بشكل لا رجعة فيه، ويحل نزاعاً قارياً امتد لأكثر من عقد من الزمان. ويرجع المؤرخون بداية حرب الخلافة الأسبانية إلي وفاة الملك الأسباني تشارلز الثاني دون وريث، ومنح وصاية العرش الأسباني الفارغ إلى حفيد لويس الرابع عشر، ويقال أن مستشاري الملك الأسباني المؤيدين لفرنسا صمموا شروط الوصاية لصالح حفيد لويس، الأمر الذي أغضب أوروبا.