الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

حوار | فريد فليتز: الفشل في قضايا الأمن العالمي وراء التحالفات الإقليمية

حوار | فريد فليتز: الفشل في قضايا الأمن العالمي وراء التحالفات الإقليمية

تفاقم المخاوف حول غزو روسي وشيك لأوكرانيا. (أ ف ب)

الحوثيون وكيل إرهابي لإيران وشطبهم من قائمة الإرهاب الأمريكية «مؤسف»

الحفاظ على أمن الإمارات أمر بالغ الأهمية للأمن الإقليمي

السياسة الخارجية لأمريكا تشجع الخصوم على أنشطة مزعزعة للاستقرار

ضعف بايدن ألحق بالديمقراطيين «ضرراً كبيراً».. ولا أرى فرصة لترشحه مرة أخرى

إقامة قاعدة صينية على ساحل المحيط الأطلسي لأفريقيا «أمر وارد»

الخروج باتفاق حول نووي إيران «غير مرجح» لأن طهران ترفض التفاوض بحسن نية

جاء توسيع دائرة الاستهداف من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية إقليمياً، ليسلط الضوء على السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية في عهد جو بايدن، لا سيما أن التصعيد الحوثي تزامن مع أحاديث عن بلورة تحالفات جديدة على الخريطة العالمية، وتفاقم المخاوف من نشوب مواجهة بين روسيا والغرب في أوكرانيا.

أمام هذه التداعيات، حاورت «الرؤية» نائب رئيس المعهد الأمريكي الأول للسياسات، فريد فليتز، لاستطلاع رؤيته حول عدد من القضايا. ويعد فليتز مسؤولاً سابقاً في الحكومة الأمريكية، وقبل عمله بالمعهد، شغل منصب رئيس الطاقم والأمين التنفيذي لمجلس الأمن القومي، أثناء إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وعمل محللاً سابقاً في وكالة المخابرات المركزية، وخدم في مناصب الأمن القومي الأمريكي طوال 25 عاماً مع وكالة المخابرات المركزية، ووكالة استخبارات الدفاع، ووزارة الخارجية، وموظفي لجنة المخابرات بمجلس النواب الأمريكي. ولقب فليتز بـ«رئيس تنفيذ بولتون»، إذ كان المدافع الأول عن خطاب جون بولتون (مستشار الأمن القومي السابق بإدارة ترامب) حول برنامج الأسلحة البيولوجية الكوبي المحتمل، والذي نشأ من قبل ضباط مخابرات تبنوا موقفاً أكثر ليونة بشأن كوبا.

نبدأمن ملف ميلشيات الحوثي باعتباره الأكثر سخونةإقليمياً.. برأيك هل يستجيب بايدن لتصنيفها جماعة إرهابية؟

ما من شك في أن الحوثيين وكيل إرهابي لإيران، ومن المؤسف أن إدارة بايدن شطبتها من قائمة الإرهاب الأمريكية، وبعد تصاعد الإرهاب الحوثي خلال عام 2021، أشار بايدن إلى أنه قد يعيدها لقائمة الإرهاب. و أعتقد أن الولايات المتحدة ستعيد الحوثيين إلى قائمة الإرهاب الأمريكية، ويجب على مسؤولي بايدن معالجة مسألة دعم إيران للحوثيين.

يعتقد البعض أن الانسحاب النسبي للولايات المتحدة من الشرق الأوسط يسمح لقوى أخرى بالسيطرة على المنطقة.. فما رأيك؟

لا أرى انسحاباً نسبياً للقوات الأمريكية من الشرق الأوسط، لكني أشعر بالقلق من أن تشجع السياسة الخارجية الأمريكية الضعيفة، في عهد بايدن، خصوم الولايات المتحدة مثل إيران وروسيا والصين وداعش وغيرهم، على الانخراط في أنشطة عدائية ومزعزعة للاستقرار.

ما رؤيتك للعلاقات الأمريكية- الإماراتية وسبل تعزيزها؟

دولة الإمارات العربية المتحدة هي حليف مهم للولايات المتحدة، وتربطهما علاقة طويلة وقوية، والحفاظ على هذه العلاقة، وأمن الإمارات، أمر بالغ الأهمية للأمن الإقليمي، يجب أن يبدأ ذلك فوراً بالوقوف إلى جانب الإمارات في مواجهة التهديدات الإرهابية من إيران والحوثيين، ومن الضروري أن تعبر الولايات المتحدة بوضوح أكثر، عن غضبها من هجوم الحوثيين الأخير على أبوظبي، لتوضيح أن هذا كان هجوماً إرهابياً مدعوماً من إيران.

تحالفات القوى العظمى

يلوح في الأفق تشكيل تحالف ثلاثي جديد للولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا.. هل ينجح هذا التحالف في مواجهة التحالف الصيني الروسي؟

سيكون هذا تحالفاً مهماً وقوياً لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد، والعداء المحتمل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما سيساعد في مواجهة التعاون العسكري الصيني - الروسي المتزايد، والمناورات البحرية المشتركة في المحيط الهادئ.

هل يشهد النظام العالمي التحول من العولمة إلى الأقلمة؟

أرى تحركاً نحو «الأقلمة»، بسبب ضعف وفشل المنظمات والاتفاقيات الدولية، خاصة في ظل عدم قدرة الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، على معالجة قضايا الأمن العالمي، ما أدى إلى التوجه نحو بذل جهود أمنية إقليمية جديدة، برزت في اتفاقية «أوكوس» بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، و«Quad» الحوار الاستراتيجي غير الرسمي بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، بالإضافة إلى اتفاقات أبراهام في الشرق الأوسط.

ما توقعاتك لمفاوضات فيينا؟

أعتقد أن الاتفاق غير مرجح، لأن الإيرانيين لا يريدون اتفاقاً، لقد رفضوا التفاوض بحسن نية، واستمروا في تقديم مطالب جديدة غير معقولة، وأرى هذا أمراً جيداً، لأنني أرى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) على أنها اتفاقية مروعة، تحاول إيران خداع أطرافها، وذكرت خلال أحد مقالاتي، أن إيران رفضت مقابلة مسؤولي بايدن شخصياً، خلال محادثات هذا العام في فيينا، لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، وعلى الرغم من ضعف هذا الاتفاق، لم يُظهر المسؤولون الإيرانيون أي اهتمام حقيقي بالانضمام إليه، ربما لأنهم يعتقدون أن الرئيس الأمريكي المقبل سينسحب من الاتفاقية مثلما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب.

إسرائيل أكدت أنها لن تلتزم باتفاق فيينا.. كيف ستواجه أمريكا هذا الأمر؟

تطلب إدارة بايدن من إسرائيل، وقف مساعيها التخريبية ضد البرنامج النووي الإيراني وإعطاء فرصة لمحادثات فيينا، غير أن المسؤولين الإسرائيليين لا يثقون في إدارة بايدن بشأن البرنامج النووي الإيراني ويتجاهلون هذا الضغط، وإسرائيل تعلم أن خطة العمل الشاملة المشتركة مجرد خدعة، إذ تنظر إلى برنامج إيران النووي على أنه «تهديدا أساسيا»، وستفعل ما تحتاج إليه لإيقافه، وأرجح أن تستمر في أعمال التخريب واغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، والأمر قد يصل إلى شن هجمات صاروخية أو ضربات جوية إذا بدت إيران على وشك إجراء تجربة نووية.

ألمح وزير الخارجية الأمريكية إلى أن هناك خيارات أخرى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.. ما أبرز تلك الخيارات؟

إدارة بايدن ستعود على الأرجح إلى استخدام سياسة للعقوبات عبر ممارسة «أقصى ضغط» بما يشبه سياسة إدارة ترامب، ولا بد من تنسيق العقوبات الصارمة على إيران مع الدول الأخرى، حتى تكون إيران مستعدة للتفاوض بشأن برنامجها النووي بحسن نية.

بداية من المحور الداخلي.. هل ستؤثر شعبية بايدن على انتخابات التجديد النصفي المقررة نوفمبر المقبل على مرشحي الحزب الديمقراطي؟

يبدو أن معدلات التصويت المنخفضة لبايدن سيكون لها تأثير كبير على انتخابات نوفمبر، يكاد يكون من المؤكد أن الجمهوريين سيفوزون في مجلس النواب بهامش كبير، وقد يفوزون بمجلس الشيوخ، إذ تسبب ضعف بايدن في ضرر كبير للحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى إعلان العديد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين عن تقاعدهم.

هناك أصوات تطالب بايدن بعدم الترشح لولاية ثانية.. كيف ترى هذا الأمر؟ ومن البديل له داخل الحزب الديمقراطي؟

أعتقد أن بايدن ينظر إليه الآن من قبل كبار الديمقراطيين على أنه غير قادر على الخدمة خلال فترة ولاية ثانية، لا أرى أي فرصة للترشح مرة أخرى، غير أنه اعتاد على الفوز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.

بعد عام على رئاسة بايدن.. هل تعتقد أن تنفيذ الوعود الانتخابية يأتي على حساب السياسة الخارجية؟

هذا يعتمد على وجهة نظرك، ينفذ بايدن عموماً وعوده الانتخابية بشأن السياسة الخارجية، مثل الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، ومحاولة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، أعتقد أن هذه القرارات كانت خاطئة، لكنها أشياء وعد بايدن بفعلها.

هل تشهد السياسة الأمريكية ظهور حزب يغير معادلة المنافسة السائدة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي؟

لا أعتقد أن هذا الاحتمال وارد، لا يزال الحزبان، الجمهوري والديمقراطي، يسيطران على السياسة الأمريكية، ولا توجد علامة قابلة للتطبيق على ظهور طرف ثالث.

هل نشهد توسعاً في القواعد العسكرية الصينية خلال المرحلة المقبلة مع اشتداد المنافسة الاقتصادية مع الولايات المتحدة؟

يمكن أن نشهد إقامة قاعدة صينية على ساحل المحيط الأطلسي لأفريقيا، غير أنني لست متأكداً من أن تلك القواعد مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنافسة الاقتصادية الصينية، التي أعتقد أنها تتم بطريقة أخرى، إلا أنه يبدو أن الصين منخرطة في كليهما، بما في ذلك الممارسات التجارية غير العادلة، وسرقة الملكية الفكرية، وما إلى ذلك.

زعمت تحليلات أن الصين بصدد بناء صندوق مواز لصندوق النقد الدولي.. ما تحليلك لذلك؟

تنشأ أفكار مثل هذه من وقت لآخر، وكذلك فكرة جعل اليوان (العملة الرسمية في الصين) العملة الاحتياطية في العالم، غير أن لا توجد فرصة لتتويج تلك الأفكار في الوقت الحالي، لا سيما أن الصين لا تملك القوة لإزاحة الدولار، وهناك الكثير من عدم الثقة في الصين حول العالم.

هل من الممكن العثور على أرضية اقتصادية مشتركة بين الجانبين الصيني والأمريكي، ومن سيحصل على القول النهائي؟

المشكلة هي أن الحزب الشيوعي الصيني غير مهتم بالتجارة الحرة والنزيهة، لذا لا يمكن اعتباره منافساً اقتصادياً، إذ يرى الحزب أن التجارة العالمية أمر يجب استغلاله لتعزيز الهيمنة العالمية الصينية، لذا يسرق أسرار التجارة والملكية الفكرية.

هل تتوقع أن تغزو روسيا أوكرانيا؟

ما زلنا لا نعرف ما إذا كان حشد القوات الروسية هو من أجل النفوذ للحصول على المزيد من التنازلات من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أو ما إذا كانت المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا هي ذريعة لتبرير الغزو الروسي لأوكرانيا، أعتقد أن الحشد من المحتمل أن يكون للضغط، لأن الغزو سيكون مكلفاً للغاية ودموياً، ربما لن تقوم روسيا إلا بغزو محدود لبعض المناطق الشرقية من أوكرانيا التي انفصلت بالفعل وضمتها.. أعتقد أن فرصة احتلال شمال أوكرانيا تصل إلى نسبة 100%.

روسيا تتحدث عن طلبها ضمانات خطية من الناتو بأنها لن تقوم بأي نشاط على حدودها.. هل من الممكن الحصول على تلك الضمانات؟

يبدو أن إدارة بايدن تحاول إيجاد طريقة ما للقيام بذلك، ربما بتأجيل قضية انضمام أوكرانيا أو جورجيا إلى الناتو لمدة 5 - 10 سنوات، كما تشير الولايات المتحدة إلى أنها قد توافق على الحد من التدريبات العسكرية بالقرب من حدود روسيا.

كيف تضمن أمريكا موقفاً موحداً مع حليفها الأوروبي ضد روسيا في الوقت الذي تستخدم فيه الأخيرة أزمة الطاقة كورقة ضغط سياسي على أوروبا؟

هذا صعب للغاية لأن الدول الأوروبية خاصة ألمانيا تعتمد بشكل متزايد على روسيا في الطاقة، وما فاقم الأمور هو تخلي ألمانيا عن مفاعلاتها النووية وإغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، لذا أرى أنه يجب على الولايات المتحدة أن تعمل بجهد أكبر، ومع دبلوماسيين كبار أفضل، لتوحيد أوروبا في التعامل مع روسيا، وتعزيز المصالح الأمريكية في أوروبا.