الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

نفوذ صيني متصاعد في «الفناء الخلفي» لأمريكا

نفوذ صيني متصاعد في «الفناء الخلفي» لأمريكا

الأرجنتين أحدث دول أمريكا اللاتينية انضماماً لـ«الحزام والطريق»

نيكاراغوا تقيم علاقات رسمية دبلوماسية مع بكين وتقطع علاقاتها مع تايوان

أمريكا تحاول العودة عبر «قانون استراتيجية الأمن في نصف الكرة الغربي»

كانت الولايات المتحدة الأمريكية تنظر دائماً إلى دول أمريكا اللاتينية باعتبارها الفناء الخلفي لها، ولذا عمدت إلى ترسيخ النفوذ الأمريكي، والارتباط بشبكة علاقات قوية مع تلك الدول، إلى أن ذلك النفوذ بدأ يتراجع، بينما زادت الصين من التركيز على تقوية العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية، وهو الأمر الذي تتضح ملامحه يوماً بعد يوم.

النفوذ الصيني المتصاعد

ورصد تقرير نشره موقع «ناشونال إنترست» الأمريكي، ملامح النفوذ الصيني المتصاعد في أمريكا اللاتينية، وسط غياب أمريكي ملحوظ، حيث كان آخر ملامح ذلك النفوذ الصيني، زيارة الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز الأخيرة إلى الصين، ليس فقط لحضور دورة بكين للألعاب الشتوية، بل لإجراء مباحثات توجت بالإعلان عن انضمام بلاده إلى مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، والتي تقوم على إقامة مشاريع مليارية لتحسين العلاقات التجارية عبر العالم من خلال مشروعات البنية التحتية، ويعد انضمام الأرجنتين إليها مكسباً مهماً لبكين.

وبذلك ستكون الأرجنتين أحدث دولة في أمريكا اللاتينية تنضم إلى المبادرة الصينية الطموحة، لتنضم إلى صفوف من سبقوها من جيرانها في أمريكا اللاتينية، مثل تشيلي وبوليفيا وبيرو.

واستثمرت شركات صينية أكثر من 20 مليار دولار في مشاريع استثمارية مباشرة غير مالية في دول مبادرة الحزام والطريق عام 2021، وفق وزارة التجارة الصينية.

اتفاقيات للتجارة الحرة

ومن الملاحظ أن الصين تعمل على تقوية علاقاتها مع دول أمريكا اللاتينية من خلال أكثر من طريق؛ أحدها مبادرة «الحزام والطريق»، بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية، حيث قامت بكين مؤخراً بالسعي لإبرام اتفاقية تجارة حرة مع حكومة أوروغواي، فضلاً عن استكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاقية تجارة وديون جديدة مع الإكوادور بحلول نهاية العام الجاري 2022.

الشراكة التجارية

وأوضح التقرير أنه في عام 2000، كانت الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأساسي لجميع دول أمريكا الجنوبية، باستثناء دولة واحدة، وهو الوضع الذي تغير كثيراً خلال العقدين الماضيين، وتجاوزت بكين الآن مكانة واشنطن في المقدمة باستثناء 3 دول.

فقد نجحت المساعي الصينية في تقوية العلاقات الاقتصادية مع دول أمريكا اللاتينية، حيث نمت التجارة بين الصين وأمريكا اللاتينية من 18 مليار دولار فقط عام 2002 إلى ما يقرب من 316 مليار دولار عام 2019.

مكاسب سياسية

ونتيجة لتلك العلاقات الاقتصادية المتزايدة، بدأت الصين تجني ثمارها سياسياً، ففي شهر ديسمبر الماضي، أعلنت نيكاراغوا أنها ستقيم علاقات رسمية دبلوماسية مع الصين وتقطع علاقاتها مع تايوان، وهي الخطوة التي تعد مكسباً سياسياً ضخماً لبكين، حيث تراجع عدد الدول المعترفة بتايوان إلى 14 دولة فقط، وسط التوقعات بأن تقدم هندوراس على نفس الخطوة قريباً.

وفي تقريرها السنوي لعام 2021، سلطت اللجنة الأمريكية – الصينية، الضوء على توسع نشاط الصين في أمريكا اللاتينية، حيث استخدمت الحكومة الصينية، عقد الاجتماعات بين الأحزاب، بهدف بناء العلاقات مع السياسيين في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، للترويج لفكرة أن الشراكة مع الصين هي أكثر الوسائل فاعلية لضمان استمرار النمو والتنمية.

ولفت التقرير إلى أن الصين تستفيد بقدرات حوالي 45 معهداً، من معاهد كونفوشيوس الصينية، لتحقيق هدفها في زيادة قوتها الناعمة الإقليمية، حيث تواصل بكين بيع التكنولوجيا المالية والمراقبة للأنظمة الإقليمية.

غياب أمريكي

ولفت التقرير إلى الآمال الكبيرة التي علقها البعض على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في إعادة تقوية العلاقات مع أمريكا اللاتينية، لأنها كانت لا تشغل إلى أولوية هامشية للولايات المتحدة، خاصة أنه عندما كان بايدن في منصب نائب الرئيس، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، قام بايدن بزيارات عديدة إلى المنطقة، ولكن حتى الآن، لم يقم بايدن بزيارة المنطقة بعد، بينما زارت نائبة الرئيس كامالا هاريس المنطقة مرتين، وتركزت الزيارة الأولى إلى غواتيمالا والمكسيك على مناقشة قضايا الهجرة والحدود، بينما كانت الزيارة الثانية لحضور حفل تنصيب رئيسة هندوراس شيومارا كاسترو.

وجاء الإعلان عن استضافة الولايات المتحدة، للقمة القادمة للأمريكتين، باعتبارها بادرة إيجابية، إلا أنه ليس واضحاً بعد، ما إذا كان سيتم إجراء المزيد من المشاركة الملموسة، خاصة أن الولايات المتحدة ما زالت تفتقر إلى وجود سفير لها في معظم دول المنطقة، بينما يجري العمل على الترشيحات المعلقة للعمل في بلدان رئيسية مثل البرازيل وتشيلي، ولا تزال العديد من مقاعد السفراء شاغرة مع عدم وجود جدول زمني واضح في الأفق.

ملء الفراغ

وأكد التقرير أن الصين أظهرت منذ فترة طويلة، استعدادها للتدخل وملء الفراغ الذي تركته واشنطن في أمريكا اللاتينية، خاصة أنه ينظر إلى نوايا واشنطن في المنطقة بقلق، بينما تستمر الصين في سعيها لتوسيع نفوذها.

ويبدو أن واشنطن أدركت أخيراً واقع تلك المشكلة، وبدأت التحرك لمحاولة استعادة النفوذ، فخلال الأسبوع الماضي قدم السيناتور بوب مينينديز (من الحزب الديمقراطي من نيوجيرسي) وماركو روبيو (من الحزب الجمهوري من فلوريدا)، مشروع قانون أطلق عليه «قانون استراتيجية الأمن في نصف الكرة الغربي»، وفي حالة إقراره، سيتطلب مشروع القانون من وزارتي الدفاع والخارجية وضع استراتيجيات جديدة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والأمنية الأمريكية مع المنطقة.