الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

العقوبات الغربية المشددة على روسيا «تهديدات مستحيلة»

العقوبات الغربية المشددة على روسيا «تهديدات مستحيلة»

مقاتلات سوخوي 30 التابعة للقوات الجوية الروسية والبيلاروسية في مهمة مشتركة. (أ ف ب)

ألمانيا قد تضرب بعقوبات واشنطن عرض الحائط لاحتياجها الغاز الروسي

فصل موسكو عن «السويفت» أشبه بانفجار قنبلة ذرية في المنظومة المالية

رغم سحب روسيا لبعض قواتها من الحدود الأوكرانية، فإن التلويح الغربي بسيف العقوبات المشددة ما زال مستمراً، ووفقاً لعدد من الخبراء والمحللين، فإن إمكانية فرض عقوبات على موسكو يندرج في إطار «التهديدات المستحيلة»، ولا سيما أن تداعيات هذه العقوبات في حال فرضها ستطول العالم ولا تقتصر على روسيا فحسب.

وشددوا في تصريحات خاصة على أن ألمانيا قد تضرب بعقوبات واشنطن عرض الحائط، في حال احتاجت إلى الغاز الروسي، مضيفين أن الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط، قد تستفيد من ارتفاع أسعاره حال الغزو الروسي لأوكرانيا.

سلاح العقوبات

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميريلاند بواشنطن سابقاً، نبيل ميخائيل «الإدارة الأمريكية ستعمل على استخدام أوراقها لمنع روسيا من تصدير الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى إجهاض أي تعاملات أو تعاقدات تخص الغاز في المستقبل».

وأضاف «من المحتمل تجميد بعض الاحتياطات الروسية المودعة في بنوك أجنبية، وخاصة الأمريكية، وتطبيق العقوبات يحتاج لتكريس جهود مضاعفة من قبل الإدارة الأمريكية، التي قد تنجح أو تفشل في نهاية المطاف، ولا سيما أن إمكانية استبدال الغاز الروسي ببدائل أخرى، لتعويض نقص إمدادات الطاقة في أوروبا لن تتم بالسرعة المتوقعة، وألمانيا قد تضرب بعقوبات واشنطن عرض الحائط إذا كانت في حاجة للغاز الروسي».

كما أكد أن العلاقات بين روسيا والصين لا يمكن وصفها بالتحالف، ولا سيما أن روسيا تخشى الصين، وترفض أن ترتمي في أحضانها بدرجة كبيرة، مؤكداً أن العقوبات على روسيا، تؤثر بشكل سلبي على اقتصادها، غير أنها تؤدي إلى إبطاء التعافي الاقتصادي العالمي فيما بعد جائحة كورونا، الذي قد يتعافى بصورة أسرع، حال المشاركة الروسية في الاقتصاد الدولي.

وتابع قائلاً «إذا اخترعت روسيا دواء لفيروس كورونا، فمن الصعب أن تظل المقاطعة الاقتصادية في ظل دول تحتاج شراء الدواء».

وأشار إلى أن الخطوة التالية لروسيا بعد غزو أوكرانيا- حال حدوث الغزو- ستكون محاولة مساواة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، بصفة عامة، والخليج بصفة خاصة، استراتيجياً وعسكرياً واقتصادياً، باعتبارها منطقة قريبة جغرافياً، لتعويض فقدان أي مصادر تمويلية مفقودة نتيجة العقوبات الأمريكية، غير أن مواجهة روسيا للنفوذ الأمريكي سواء داخل الشرق الأوسط أو أوروبا ستواجه تحديات كبيرة.

تحالف صيني - روسي

وأتفق مع المتخصص في الشأن الروسي، نبيل رشوان، موضحاً أن الصين لا يمكن أن تكون في حالة «تحالف» مع روسيا، إذ إن طموحاتهما تتقاطع وتتشابه إلى حد كبير، في وقت تسعى كل دولة منهما إلى أن تصبح قطباً عالمياً فاعلاً.

وفي تصريحات خاصة، أشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين، يصل إلى ما يقرب من 140 مليار دولار، لذا فإنه لا يرتقي لمستوي حجم التبادل بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، الذي يقترب من 600 مليار دولار، بالإضافة إلى حجم تجاري مماثل بين الصين أوروبا.

وتوقع بأن الصين تتعامل مع دول العالم بمنطق «التاجر» وبالتالي لن تخسر أسواقاً مهمة مثل أمريكا وأوروبا في سبيل تحالف مع روسيا، حتى إذا ما ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.

وتوقع رشوان أن تطول العقوبات الأمريكية على روسيا، حال غزوها أوكرانيا، نظام «السويفت»، الأمر الذي يعطل جميع صفقات الشركات الروسية مع العالم، بالإضافة إلى إمكانية حرمان روسيا من التعامل بالدولار، ما يعد ضربة موجعة للعملة المحلية الروسية (الروبل)، متوقعاً تقديم تنازلات من الجانب الروسي خلال وقت قريب، لتفادي مقصلة العقوبات، ولا سيما أن المؤسسات الروسية تعمل على «فرملة المسألة» حتى لا تنزلق إلى مستوى الحرب أو غزو أوكرانيا.

وحول تداعيات الأمر على الشرق الأوسط، أكد رشوان أن الدول النفطية لن تتأثر، ولا سيما أن حال قيام روسيا بالغزو، سترتفع أسعار النفط العالمية، لذا فإن احتمالية الخسائر لتلك الدول تعوضه فروق أسعار النفط، الأمر الذي لا ينطبق على الدول الأخرى في المنطقة، غير النفطية، والتي ستتأثر نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين على سفن الشحن، وارتفاع أسعار القمح، بالنظر إلى أن روسيا وأوكرانيا تعد من أكبر مصدري القمح، مشيراً إلى أن قطاع السياحة في مصر سيتأثر بشدة، خاصة أنه يعتمد بشكل كبير على السياح من روسيا وأوكرانيا.

قنبلة «السويفت»

في السياق ذاته أكد المتخصص في الشأن الروسي، أشرف الصباغ، أن المطالبات بفصل روسيا عن نظام «السويفت» تدخل في إطار التهديدات المستحيلة، فهو افتراض غير ممكن تطبيقه، ويعد بمثابة انفجار قنبلة ذرية للمنظومة المالية العالمية، وحركة المدفوعات الدولية.

وفي تصريحات خاصة، شدد على أنه رغم تأثيرات فصل روسيا عن نظام «السويفت» الشديدة على الاقتصاد، فإن الاقتصاد الأوروبي والأمريكي، لن ينجو من انتكاسات غير محمودة العواقب، التي لن يشفع لها قوة الاقتصاد الغربي.

كما شدد على أن التداعيات ستؤثر على التجارة العالمية بشكل عام، لاسيما وأن فصل روسيا عن السويفت، يحتاج إلى إنشاء نظام بديل للتفاعلات المصرفية، لن يكون للغرب اليد العليا فيه، معتقداً أن الغرب تخلى عن فكرة تعليق عضوية روسيا في السويفت، واستبداله بفرض عقوبات على البنوك الروسية الكبرى، ولا سيما أن الغزو الروسي لأوكرانيا، حال حدوثه، لن يكون موسعاً بحيث يتيح للغرب تطبيق عقوبات قصوى.

وأضاف أن العقوبات قد تمتد لتشمل إيقاف مشروع «نورد ستريم 2» المعني بنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، بالتزامن مع محاولات أمريكية لتعويض القارة الأوروبية ببدائل أخرى، من خلال مباحثات نشطة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، لافتاً إلى أن العقوبات قد تمتد لقطاع النفط الروسي، وفرض حظر على صادرات روسيا من النفط، مثل ما حدث مع إيران، مؤكداً أن تلك الخطوة سوف تزلزل الاقتصاد الروسي، بصورة لن تستطع حتى الصين- وقتها- من إنقاذ روسيا.

وأكد أن الصين تعمل بمفردها وفق مصالحها الخاصة، ولا سيما أن السوق الروسي لا يستوعب سوى 2% من حجم الاقتصاد التصديري الصيني، الأمر الذي يظهر في التزام الصين بموقف حذر تجاه الأزمة الأوكرانية، منوهاً بأن تداعيات تطبيق عقوبات على روسيا تصب في صالح الدول العربية، وعلى رأسها الخليج العربي ودول شمال أفريقيا، ما يتطلب وضع استراتيجية عربية مشتركة بشكل براغماتي للتعامل مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تضمن الانخراط في عمليات اقتصادية وتقنية كبرى تسهم في إحداث نقلة نوعية لدول المنطقة.