الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

التهديد النووي الروسي.. هروبٌ للأمام وخطرٌ يتأرجح بين الانزلاق والتلاعب

التهديد النووي الروسي.. هروبٌ للأمام وخطرٌ يتأرجح بين الانزلاق والتلاعب

بعض الأسلحة النووية في روسيا بحكم الواقع جاهزة ويمكن تفجيرها في 10 دقائق. (أ ب)

هل يخطط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستخدام السلاح النووي في الحرب على أوكرانيا؟ يبدو استعمال السلاح المدمّر مستبعدا في هذا النزاع، لكن التلويح بذلك جزء من نهج موسكو التصعيدي.

تحدثت وكالة فرانس برس إلى محللين وخبراء غربيين، اعتبر بعضهم أن تصريحات بوتين بشأن وضع الردع النووي الروسي في حال تأهب مجرد خدعة، في حين عدّها آخرون لعبة خطرة وهروبا للأمام يظهر إحباط بوتين في مواجهة المقاومة العسكرية الأوكرانية.

تهديد أجوف

وقال الرئيس الروسي إنه أمر «بوضع قوات الردع في الجيش الروسي في حال التأهب الخاصة للقتال»، ما أثار تنديدا غربيا واسعا. وأشار الخبراء إلى أن بعض الأسلحة النووية في روسيا وكذلك داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، هي بحكم الواقع جاهزة دائما للاستخدام.

وقال خبير الانتشار في «مركز جنيف للسياسات الأمنية» مارك فينو إنه «يمكن تفجيرها في غضون عشر دقائق»، موضحا أن تلك الأسلحة هي «إما رؤوس حربية مثبتة بالفعل على صواريخ، أو أنها قنابل موجودة على متن» قاذفات وغواصات.

وفي مقال نُشر مؤخرا في «نشرة علماء الذرة»، أكد الخبيران هانز كريستنسن ومات كوردا أن حوالي 1600 رأس حربية نووية منشورة وجاهزة للاستخدام.

وقال هانز كريستنسن عبر تويتر الأحد «بما أن القوات الاستراتيجية الروسية في حال تأهب دائمة، فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت قد نشرت المزيد من الغواصات أو قامت بتسليح القاذفات».

حرب عصابات

من ناحية أخرى، اعتبر محللون أن ما أقدم عليه الرئيس الروسي هروب للأمام بالنظر لتطورات الوضع العسكري في أوكرانيا. وقال الباحث في «مؤسسة جان جوريس» في باريس ديفيد خلفا «هناك إحباط روسي من المقاومة الأوكرانية». واعتبر أن التهديد الذي تواجهه روسيا يتعلق بدخولها «في نطاق حرب العصابات في المدن، مع احتمال كبير لسقوط ضحايا بين العسكريين الروس».

من جهته، يعتقد الخبير في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» بواشنطن إليوت كوهين أن المقاومة التي تواجهها موسكو أشد مما توقعته.

وصرح بأن «حقيقة عدم امتلاكهم تفوقا جويا تكشف الكثير»، مضيفا أنه «بدأنا نرى الضعف في ساحة المعركة... مع عدم تمكنهم من احتلال مدينة والسيطرة عليها».

في هذا السياق، وبينما تتدفق المساعدات والتبرعات الغربية على أوكرانيا، يبدو أن تصريحات بوتين تهدف إلى تقويض تضامن خصومه. ويؤكد إليوت كوهين أن بوتين «شخص مخاطر، يحاول اختبارنا نفسيا».

ويشدد ديفيد خلفا على أن «الجانب النفسي مهم جدا»، معتبرا أن بوتين يحاول «ثني الغربيين عن المضي قدما في العقوبات الاقتصادية» التي أمطروا بها موسكو في غضون أيام. ويرى الباحث أن «الجميع يحتشدون وراء أوكرانيا وهناك رغبة في دق إسفين بين حكومات التحالف والرأي العام الغربي». لكن خلفا يضيف أن «بوتين في رأي كل من يعرفه صار منعزلا ومنغلقا في منطق يحكمه جنون الارتياب. هذا أمر مقلق بعض الشيء، إذ من المستحيل فهم استراتيجيته».

أصبحت النوايا الحقيقية للرئيس الروسي غير مفهومة لأن تصريحاته تتعارض مع النظرية الرسمية للردع الروسي. ويذكر هانز كريستنسن ومات كوردا بأن بوتين وافق في يونيو 2020 على «المبادئ الأساسية»، مع أربع حالات تبرر استخدام الأسلحة النووية وهي إطلاق صواريخ بالستية ضد روسيا أو حليف لها، استخدام خصم لها السلاح النووي، مهاجمة موقع أسلحة نووية روسية، أو التعرض لعدوان يهدد «وجود الدولة».

لا شيء من هذا القبيل يحدث حاليا.

أما فيما يتعلق بموقفها على الصعيد الدولي، فقد وقّعت روسيا في يناير مع الأعضاء الأربعة الآخرين الدائمين في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا) وثيقة تؤكد أنه «لا يمكن الانتصار في حرب نووية» وتشدد على أن هذه الأسلحة «ما دامت موجودة، يجب أن تخدم أغراضا دفاعية، الردع ومنع الحرب».

يأسف مارك فينو لأن تصريحات بوتين تعكس «غموض هذا النوع من البيانات، إن لم يكن نفاقها»، مضيفا أنه «إذا طبقنا البيانات، فإننا سنتجه سريعا نحو نزع السلاح، في حين أننا نرى أنه لم يتم التقدم كثيرا في هذا الاتجاه».

ويذكّر الخبير بأنه وإن كان استعمال السلاح النووي بسبب الحرب في أوكرانيا مستبعداً، فإن «هناك دائما خطر الانزلاق أو التفسير الخاطئ أو حتى التلاعب»، وهذا «الخطر مرتفع للغاية الآن».