الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حوار| دينغ لونغ: روسيا أُجبرَت على ردع مطامع الولايات المتحدة والغرب

حوار| دينغ لونغ: روسيا أُجبرَت على ردع مطامع الولايات المتحدة والغرب

انضمام أوكرانيا لـ«الناتو» يعني نجاح الغرب في تضييق الخناق على روسيا

أوكرانيا «كبش فداء» المواجهة بين أمريكا وروسيا.. وموسكو لن تستخدم الأسلحة النووية

العلاقة بين بكين وموسكو لم ترتقِ إلى التحالف العسكري.. والتقارب أثار قلق واشنطن

روسيا تسعى إلى تشكيل عالم روسي موازٍ للناتو والغرب، لكنّه بعيد المنال

قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الدراسات الدولية في شانغهاي: الدكتور دينغ لونغ: «إن الصين تدعو إلى حل الأزمة الأوكرانية عن طريق المفاوضات، دون استخدام القوة في النزاعات، وهو ما يجعل موقفها مختلفاً مع روسيا في هذا الصدد، لكنها تؤيدها ضد توسع «الناتو»». وأكّد «لونغ» في حوار لـ«الرؤية»، أن العلاقة بين بكين وموسكو لم ترتقِ إلى التّحالف العسكري، لكنّ التقارب بين البلدين أثار قلق واشنطن، مشيراً إلى أن الحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا، لن تتحول إلى «الحرب العالمية الثالثة»، ولن تُقدِم موسكو على استخدام الأسلحة النووية، لكن استبعادها من نظام «سويفت» الاقتصادي يمثل «قنبلة نووية مالية»، مشيراً إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا ستؤدي إلى تكاليف باهظة على كلٍ من: موسكو والغرب.

كيف ترى الأزمة الأوكرانية في ظل التصعيد الحالي ودعوة بكين للمفاوضات المباشرة؟

أعتقد أن أصل المشكلة، وحقيقة الأزمة الأوكرانية هي المواجهة بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو من جهة أخرى، وعلى مدى السنوات الماضية، أدّت توسعات حلف شمال الأطلسي «الناتو» لتآكل الفضاء الأمني الروسي، وإذا ما انضمت أوكرانيا إلى «الناتو»، فسينجح الغرب في تضييق الخناق على موسكو مما يشكّل تهديداً أمنياً مباشراً لروسيا، لذلك اضطرت روسيا إلى اتخاذ خطوة حاسمة لردع مطامع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، وذلك من خلال العمليات العسكرية ضد أوكرانيا، التى أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 24 فبراير الماضي.

لكن أوكرانيا لها حق الدفاع عن نفسها، في ظل الحديث عن الحرب العالمية الثالثة.

أوكرانيا ما هي إلا «كبش فداء» المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، لأنها اختارت الاصطفاف مع المعسكر الغربي، مما أدى إلى وقوعها في الكارثة «الجيوسياسية»، والحرب الأوكرانية لن تتحول إلى «الحرب العالمية الثالثة»؛ لأن دول «الناتو» لم تدخل خط المواجهة مع روسيا، و إنما تقدّم مساعدات عسكرية ولوجستية استخباراتية فقط، على الرغم من أن روسيا رفعت مستوى التأهّب النووي، وهذه مناورات فقط، ولا تشكّل خطراً حقيقياً، ولن تُقدِم موسكو على استخدام الأسلحة النووية، رغم إعلانها السيطرة على المحطة النووية الأوكرانية «زابورجيه».

الصين دعت للتهدئة.. هل هذا يكفي، أم أن هناك ضرورة لدعم روسيا؟

الصين تدعو إلى حل الأزمة الأوكرانية بطرق سلمية وعن طريق المفاوضات، وبذلت جهوداً حثيثة في هذا الصدد، حيث أجرت اتصالات مكثفة منذ اندلاع الحرب؛ لإقناع الأطراف المعنيّة بالعودة إلى مسار التسوية السلمية، ولا تعني المبادرة الصينية أنها تدعم روسيا بلا شروط، غير أنها تدعو إلى احترام سيادة كل الدول بما فيها أوكرانيا، وعدم اللجوء إلى القوة في حل النزاعات، وهذا يدل على أن موقف الصين مستقل ومع الحق والعدالة، ومختلف عن موقف روسيا.

ألا تعتقد أن التقارب الروسي- الصيني يثير القلق لدى واشنطن؟

نعم هذا صحيح، فالصين من أهم الشركاء لروسيا، وهي تقف معها ضد توسع الناتو شرقاً؛ وذلك لأن التوسعات المستمرة لـ«الناتو»، أثار الهواجس الأمنية لروسيا، كما أن تغيير موازين القوى في أوروبا والعالم ليست في صالح الأمن الأوروبي والعالمي، ويتوقف حل الأزمة الأوكرانية على التطور في ميدان الحرب.

ولقد أصبح بين الصين وروسيا علاقات الشراكة الاستراتيجية، لكنها لم ترتقِ _هذه العلاقات_ إلى التحالف العسكري، وبالفعل أثار التقارب الصيني الروسي قلق الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يساهم في الحد من الهيمنة الأمريكية وتعزيز التوازن الاستراتيجي على مستوى العالم.

ما الأثر الاقتصادي من استبعاد روسيا من نظام «سويفت»؟

من المؤكد أن العقوبات المفروضة على روسيا ستؤدي إلى تكاليف باهظة على روسيا والدول الغربية؛ بسبب احتمال انقطاع الإمدادات النفطية، وارتفاع أسعار الطاقة، ممّا جعل الاقتصاد الروسي على حافة الانهيار؛ لأن استبعادها من نظام «سويفت» يمثّل «قنبلة نووية مالية»، والدول الغربية ليست بمأمن من تداعيات هذه الخطوة؛ لأن العقوبات سلاح ذو حدّين، والغرب وأوروبا ستتكبّد خسائر فادحة، خاصة فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، وستؤدي العقوبات أيضاً إلى ارتفاع أسعار القمح، لأن روسيا وأوكرانيا من أكبر منتجي القمح في العالم وهذا سيتسبب في التضخم المالي.

هل الحرب سياسية أم اقتصادية؟

روسيا تهدف من خلال الحرب إلى تحقيق أهداف سياسية وعسكرية، فهي حرب سياسية بامتياز، غير أن الغرب يرد على روسيا بعقوبات اقتصادية، ويبدو أن الحرب ليست خاطفة كما توقعت روسيا، وإنما ستستمر لبعض الوقت؛ نظراً للتقدم البطيء لموسكو، ومع وجود فارق كبير في القوة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، فليس انتصار روسيا إلا مسألة وقت، كما أنها تحتاج إلى بذل تكاليف مادية وبشرية كبيرة، مشيراً إلى أن روسيا تسعى من خلال الحرب إلى تشكيل عالم روسي موازٍ للناتو والغرب، لكن هذا الهدف بعيد المنال؛ نظراً للحصار المفروض عليها، والضعف الاقتصادي، والتخلف التكنولوجي، وقلة الحلفاء الأقوياء.

هل تعتقد أن الحرب ستتسبب في تغيير مفهوم «العولمة»؟

من الطبيعي أن من تداعيات الحرب تزايُد التوتّر بين روسيا والغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المؤكَّد أن أوروبا ستدخل جولة جديدة من سباق التسلح، خاصة أن ألمانيا تنتهز هذه الفرصة لإعادة تسليح نفسها، وهذه التحولات ستسهم في إعادة صياغة الخريطة «الجيوسياسية» في أوروبا والعالم، الذي سيدخل مرحلة تتسم بعدم الاستقرار بسبب مخاطر اندلاع الحروب، وعلى الصعيد الاقتصادي، تَتسبب الحرب في تراجع تيار «العولمة»؛ ما يجعل تعافي الاقتصاد العالمي أكثر صعوبة وبطئاً.