السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ألغام في طريق الانسحاب العسكري الفرنسي من مالي

ألغام في طريق الانسحاب العسكري الفرنسي من مالي

عنصران من القوات الفرنسية في مالي (فرانس برس).

تواجه فرنسا صعوبات كبيرة، وتداعيات خطيرة محتملة، تعقد تنفيذها لعملية الانسحاب العسكري من مالي، التي تستمر لمدة 6 أشهر، بسبب الجماعات الجهادية، التي تستهدف القوافل الفرنسية، وتلغم الطرق، إلى جانب السكان المحليين، الذين يحتمل أن يعترضوا المواكب الفرنسية المغادرة، بسبب تزايد المشاعر المعادية للفرنسيين، ما يهدد بنشوب اشتباكات مسلحة وسقوط قتلى، إضافة إلى العامل المناخي؛ إذ سيبدأ موسم الأمطار، التي ستحول المشهد الشبه الصحراوي في الشمال الشرقي إلى صحراء طينية.

وأعلنت فرنسا، وشركاؤها الأوروبيون، وكندا، في 17 فبراير المنصرم، عن انسحابهم العسكري من مالي، وإنهاء العمليتين العسكريتين «برخان» و«تاكوبا»، وذلك بعد 9 سنوات من التواجد الفرنسي العسكري في مالي.

تعقيدات الانسحاب

ولفتت مجلة «لوبس» الفرنسية، إلى إجلاء 2400 جندي من عملية «برخان»، ومعداتهم؛ بما في ذلك مئات المركبات المدرعة الموزعة بين جاو (القاعدة الأكبر)، وغوسي، وميناكا، في مالي، موضحة أنه بعد القطيعة الدبلوماسية بين باريس وباماكو، أصبح الانسحاب العسكري الفرنسي الكامل من مالي، الذي قرره الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكثر تعقيداً.

وفي الوقت الذي تحدث فيه ماكرون، عن مناورة ستستغرق 4- 6 أشهر، يبدو أن المهلة تبدو غير واقعية، لأن المهمة شاقة، خصوصاً أن مغادرة 500 رجل فقط من الجيش الفرنسي، والعديد من الحاويات، لقواعد كيدال، وتيساليت، وتمبكتو، في شمال مالي، وتجمعها عن طريق الجو والبر في جاو، استغرق ثلاثة أشهر، بين أكتوبر وديسمبر 2021، وأن ذلك كان مجرد جولة إحماء مقارنة بالعملية اللوجستية الجارية، وتطلب نشر مروحيات «تايجر» لحماية المناطق، التي مرت فيها القوافل، وإنشاء نظام مراقبة ودعم؛ مكون من طائرات بدون طيار، وميراج 2000.

هجمات الحركات الجهادية

وفي سياق الخطر المتزايد للهجمات الجهادية في مالي، تأتي سلامة الجنود، وحماية الحركات اللوجستية المختلفة، في مقدمة التحديات الرئيسية التي يجب مواجهتها، ففرنسا لا يمكنها الاعتماد إلا على نفسها، لأن مالي، وهي صاحبة جيش هش للغاية، لا تظهر مواقف تصالحية مع فرنسا، في وقت يجب فيه على الجنود الفرنسيين، خلال هذه المرحلة الانتقالية، الاستمرار في قتال الجماعات الجهادية، حتى لا يتركوا لها الميدان خاوياً، إذ أوضحت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الفرنسية، أن العمليات ضد الجماعات الإرهابية المسلحة مستمرة خلال إعادة صياغة «برخان».

تنويع الطرق.. وغضب الماليين

ويمكن أن تمر المعدات الفرنسية عبر موانئ أبيدجان في كوت ديفوار، وكوتونو في بنين، ودوالا في الكاميرون، وحتى داكار في السنغال، وسيتم تنويع الطرق لأسباب تتعلق بالأمن.

ويواجه الانسحاب العسكري الفرنسي من مالي أيضاً، الغضب العفوي للرأي العام المالي، في سياق المشاعر المتفجرة المعادية للفرنسيين، ففي نهاية نوفمبر الماضي، قام متظاهرون غاضبون من تدهور الوضع الأمني، رغم وجود جنود «برخان»، بعرقلة رتل عسكري فرنسي، كان يعبر بوركينا فاسو والنيجر، وسط صيحات مناوئة للجيش الفرنسي مثل «الجيش الفرنسي.. ارحل»، ووقعت اشتباكات أسفرت عن سقوط عدد من القتلى، وهو ما يثير المخاوف من وقوع حادث جديد، لا يمكن السيطرة عليه، وأكثر دراماتيكية، بينما يواصل المجلس العسكري المالي في السلطة تأجيج عداء السكان تجاه الجيش الفرنسي.

عامل المناخ

كما يمكن أن يؤدي العامل المناخي، الذي لا ينبغي إغفاله، إلى تعقيد العملية، لأنه في مايو المقبل، سيبدأ موسم الأمطار في مالي، وهو ما يمكن أن يحول المشهد الشبه الصحراوي في الشمال الشرقي إلى صحراء طينية.

خطوات الانسحاب

وتشمل المراحل الأولى من هذه المغادرة، وصول المعدات اللازمة لتفكيك المواقع الفرنسية في مالي، وتعبئتها في طرود، وتفكيك المباني، وبدأ الانسحاب بإخلاء المعدات (مركبات وحاويات الموارد اللوجستية، إلخ) براً وجواً.

وقال الصحفي المتخصص في القضايا الدفاعية، فيليب شابلو «الانسحاب العسكري الفرنسي من مالي يتطلب إفراغ مخزونات الوقود، وتطهير المواقع حتى لا يترك الميدان ملوثاً، وفرز المعدات، وإصلاح المركبات، وإعداد أخرى للنقل، والتخطيط للعبور براً، ثم بحراً أو جواً، وضمان أمن العمليات، والتنسيق مع السلطات المالية».

ولدى «برخان» حتى الآن، 800 جندي في النيجر، وألف جندي في تشاد، و400 في بوركينا فاسو، أي 2200 جندي في منطقة الساحل خارج مالي.

وبعد أسبوعين من إعلان الانسحاب النهائي لقوات «برخان» من مالي، قررت فرنسا سحب المتعاونين الفرنسيين من الوزارات ومن هيئة الأركان العامة في مالي، بعدما كانوا يساعدون ويقدمون المشورة للسلطات المالية في مختلف الوزارات، وذلك بعدما أصبح يشتبه في قيامهم «بأعمال تجسس لصالح فرنسا»، بحسب مجلة «جون أفريك» المتخصصة في الشؤون الأفريقية.