الاثنين - 06 مايو 2024
الاثنين - 06 مايو 2024

اتساع الحرب في أوكرانيا يضع النظام العالمي «تحت الاختبار»

اتساع الحرب في أوكرانيا يضع النظام العالمي «تحت الاختبار»
لن تكون هناك أي منطقة من العالم بمنأى عن التداعيات

ظهور حركة مقاومة أوكرانية كبيرة سيؤدي إلى إطالة الحرب

تكثف روسيا الضغط على الدول المجاورة لأوكرانيا


موسكو تشن هجمات مباشرة على مواقع المتمردين خارج أوكرانيا


اللاجئون وإشعال البلقان والهجوم على أمريكا.. 3 خيارات لموسكو

اتساع الصراع لخارج أوكرانيا التحدي الأكبر لمكانة أمريكا
احتمالات اتساع الحرب الحالية في أوكرانيا، رغم أنها ما زالت قليلة، إلا أن كثيراً من مراكز الأبحاث، بدأ يضع سيناريوهات لتأثيراتها الخطيرة، منهم مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، الذي أكد في تقرير أن اتساع الحرب سيكون له تأثيرات عالمية خطيرة، تؤدي إلى تغيير النظام الذي عاشه العالم بعد الحرب العالمية الثانية. وأكد التقرير أن الولايات المتحدة تركز في المقام الأول، على زيادة التكاليف التي تتحملها روسيا جراء الحرب في أوكرانيا، من خلال العقوبات المشددة، وطمأنة أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، المجاورين لروسيا، على التزام واشنطن بالدفاع الجماعي، بينما تتراجع أولوية واشنطن نحو احتواء الحرب في أوكرانيا، ومنع تصعيدها إلى صراع أوروبي أوسع. ومن الواضح أن تداعيات اتساع الحرب الحالية في أوكرانيا، ستكون ضخمة، لتشمل جميع أنحاء العالم، ما يؤكد على الأسس الجيوسياسية والاقتصادية والمؤسسية للنظام الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة وضمنته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

تفوق عسكري

واعتبر التقرير أن روسيا، التي تتمتع بتفوق عسكري هائل، قد تتمكن من اجتياح القوات الأوكرانية في غضون أسابيع، إلا أن تحقيق الاستقرار والهدوء في البلاد سيكون أمراً صعباً ومكلفاً، ومن شبه المؤكد ظهور حركة مقاومة أوكرانية كبيرة، خاصة في ظل مع الدعم الغربي المستمر لها، ما سيؤدي إلى إطالة الحرب لأشهر أو سنوات.

وبالنسبة للموجة الأولى من العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو، فمن الممكن أن يعقبها موجة ثانية، وتنضم لها دول أخرى، لرفع الكلفة على موسكو، وإجبارها على الرضوخ، ولكن لن يتم التوصل بسهولة إلى نهاية عبر التفاوض، لأن واشنطن صاغت الأمر على أنه صراع تاريخي عالمي بين الغرب الديمقراطي، وروسيا العدوانية، وبالتالي فإن أي شيء أقل من تحقيق النصر سيتم النظر له على أنه خضوع واستسلام في الغرب، كما أن روسيا لن تستسلم في قضية تعتبرها حيوية لأمنها وازدهارها، وبالتالي فإن المسرح مهيأ لدورة متصاعدة من العنف، حيث تسعى موسكو إلى القضاء على التمرد الأوكراني، والانتقام من الجهود الغربية لوقف تقدم روسيا.

روسيا والغرب

واعتبر التقرير أن المرحلة الأولى من توسعة الحرب، ستأتي في حال استمرار المقاومة الأوكرانية، المدعومة من الغرب، حيث يمكن لروسيا تكثيف الضغط على الدول المجاورة لأوكرانيا، مثل المجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا، التي يمكن أن توفر ملاذاً آمناً للمتمردين الأوكرانيين، أو الحكومة الأوكرانية في المنفى.

كما أنه قد تعمل روسيا على تعزيز وجودها العسكري حول دول البلطيق، ويمكن أن تنشر تكتيكات الحرب الهجينة (الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل والتخريب الاقتصادي) لزعزعة استقرار تلك البلدان التي توفر الملاذ الآمن للمقاومة الأوكرانية، وإذا لم تؤد هذه الإجراءات إلى إضعاف المقاومة بشكل قوي، فقد تلجأ موسكو إلى خيار التصعيد من خلال شن هجمات مباشرة على مواقع المتمردين ومؤيديهم خارج أوكرانيا.وبالطبع فإن تلك الخطوات، يمكن أن تؤدي لجر دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى خط المواجهة المباشرة.

استغلال ورقة اللاجئين

ولفت التقرير إلى خيار آخر من الممكن أن تلجأ له روسيا، وهو استخدام ورقة اللاجئين كسلاح، ضد الدول الأوروبية المجاورة التي تستضيف اللاجئين الأوكرانيين، وسط تقديرات أن تكون أعدادهم بالملايين، حيث يمكن أن يكونوا سبباً جديداً في أكبر ضغوط اجتماعية واقتصادية، على بعض الدول الأوروبية المجاورة، مثل مولدوفا، كما يمكن لروسيا أن تدفع رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، إلى العمل على دفع آلاف المهاجرين من الشرق الأوسط، عبر الحدود إلى كل من بولندا وليتوانيا، قد يؤدي إلى اشتباكات حدودية.

جبهة ثانية في البلقان

أما الخيار الثاني الذي يمكن أن تتبعه موسكو، فهو فتح جبهة ثانية في البلقان، فخلال السنوات الأخيرة، قامت روسيا ببعض الإجراءات المزعزعة للاستقرار في تلك المنطقة، بهدف إضعاف الجبل الأسود بعد انضمامها إلى الناتو، وتفاقم التوترات في البوسنة والهرسك، وتقويض العلاقات بين صربيا وكوسوفو.

ولفت التقرير إلى أنه أثناء الحرب في أوكرانيا، يمكن أن تتجه روسيا إلى تشجيع زعيم جمهورية صربسكا (جمهورية صرب البوسنة) ميلوراد دوديك، على الضغط من أجل الانفصال عن البوسنة، ما يهدد بإعادة إشعال الحروب على غرار ما حدث في التسعينيات في يوغوسلافيا السابقة، وقد تؤدي حرب البلقان إلى تعقيد الحسابات الأمنية لجميع دول المنطقة، بالإضافة إلى ألمانيا وفرنسا، وكلاهما له مصالح كبيرة هناك، وفي مواجهة ذلك القتال المتوقع، يمكن لدول الناتو أن تقرر استخدام القوة العسكرية، ضد قوات صرب البوسنة التي تتمتع بدعم روسي.

مهاجمة روسيا لأمريكا

أما الخيار الثالث، فهو إقدام روسيا مباشرة على مهاجمة الولايات المتحدة، كرد من موسكو على العقوبات الغربية المشددة الرامية لتدمير النظام الاقتصاد الروسي، من خلال شن موسكو هجمات إلكترونية كبرى، ضد البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى خسائر ضخمة في الولايات المتحدة، تدفع المواطنين والكونغرس إلى الضغط على إدارة الرئيس جو بايدن من أجل القيام برد قوي.

واعتبر التقرير أن العقوبات المشددة يمكن أن تدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرد بشكل أكثر عنفاً، فإذا شعر بوتين بأنه محاصر، فيمكنه تصعيد الصراع إما أفقياً إلى دول أخرى، أو عمودياً باللجوء إلى الخيار النووي، في محاولة لإنقاذ نفسه ونظامه بل وروسيا نفسها.

التداعيات على أمريكا

ولفت التقرير إلى أنه في حال اتساع الصراع إلى خارج أوكرانيا، ستكون هناك تداعيات كبيرة على الولايات المتحدة الأمريكية، حيث سيكون ذلك هو التحدي الأكثر صرامة للمكانة العالمية للولايات المتحدة، والنظام الدولي الذي أقامته وضمنته لعقود طويلة، كما سيختبر استمرارية نظام التحالفات العالمي، وفاعلية الأنظمة والمؤسسات الدولية، الهادفة إلى تحقيق السلام والأمن والازدهار في العالم.

تهديد نووي

واعتبر التقرير أن أي صراع أوروبي كبير، سيؤثر بشدة على نظام الحد من التسلح الذي كان بمثابة الأساس للاستقرار النووي الاستراتيجي على 50 عاماً مضت.

فأي صراع أوسع في أوروبا، سيعوق قدرة الولايات المتحدة وروسيا على الموافقة على معاهدة متابعة لمعاهدة ستارت الجديدة قبل انتهاء صلاحيتها في عام 2026، أما مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي المقرر في أغسطس 2022، فسوف يكون أول الضحايا.