الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

بالبيولوجي والكيماوي.. القوى العظمى توقظ شبح «الدمار الشامل»

بالبيولوجي والكيماوي.. القوى العظمى توقظ شبح «الدمار الشامل»

تجاوزت التقارير الواردة من منطقة الصراع الروسي-الغربي في أوكرانيا مرحلة التحذير من حرب عالمية ثالثة إلى تبادل اتهامات التحضير لحرب بيولوجية أو كيميائية، بالتوازي مع الرعب النووي القائم منذ بدء الصراع.

ثلاثتهم يندرج تحت مصطلح «أسلحة الدمار الشامل»، الذي يعود أول استخدام له إلى عام 1937 بعد قصف جوي على إسبانيا خلال الحرب العالمية الثانية.

في ذلك الوقت، لم تكن الأسلحة النووية مطوّرة بعد، فيما كانت الأسلحة الكيميائية تستخدم منذ الحرب العالمية الأولى. أما الأسلحة البيولوجية فقد كانت تُجرى عليها آنذاك أبحاث متفرقة.

  • الأسلحة البيولوجية: تستخدم البكتيريا أو الفيروسات أو الفطريات (أمثلة: الجمرة الخبيثة- الجدري- الطاعون).
  • الأسلحة الكيميائية: تستخدم مواد كيماوية سامة من صنع الإنسان (أمثلة: غاز الأعصاب نوفيتشوك- السيانيد).
  • الأسلحة النووية: تستخدم ﺗﻔﺎﻋﻼت نووية ﻹحداث انفجار يعتمد في قوته التدميرية على عملية الانشطار النووي.

البيولوجي

بطلبٍ عاجلٍ من روسيا، يعقد مجلس الأمن الدولي، الجمعة، اجتماعاً طارئاً لبحث اتهامات موسكو للولايات المتحدة الأمريكية بتمويل بحوث حول أسلحة بيولوجية في مختبرات أوكرانية. «الهدف من هذه البحوث البيولوجية الممولة من البنتاغون.. إنشاء آلية لنشر مسببات أمراض قاتلة»، مثل الطاعون والجمرة الخبيثة، بحسب روسيا، التي طالبت واشنطن بأن تفسر للعالم سبب دعمها هذا البرنامج البيولوجي العسكري.

كييف وصفت الاتهام بـ«السخيف»، فيما اعتبرت واشنطن المعلومات «مغلوطة».. أما الحقائق فتؤكد أنه بعد سقوط الاتحاد السوفيتي 1991، "أصبحت كمية هائلة من المواد النووية والكيميائية والبيولوجية فجأة مسؤولية الحكومات الناشئة التي تفتقر إلى الخبرة في التعامل معها."

كان لدى الاتحاد السوفيتي واحداً من أكثر برامج الأسلحة البيولوجية الهجومية كفاءةً وتطوراً وقوةً في العالم، بحسب كينيث أليبيك، النائب الأول لمدير برنامج الأسلحة البيولوجية في الاتحاد السوفيتي، بحسب تصريحات إعلامية سابقة له أعادتها مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية إلى الأضواء.

وقال أليبيك: «الروس مهتمون بالحفاظ على إمكاناتهم البيولوجية الهجومية.. إذ يرونها جزءاً من حزمة الردع النووي الكاملة». وأوضح أن «العقيدة الرئيسية كانت استخدام الأسلحة البيولوجية، فيما يسمى بالحروب الشاملة، التي تنطوي على دمار متبادل محتمل بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهما».

ذهبتم إلى العراق.. وذهبنا إلى أوكرانيا

من جانبه، قال توماس مور، الذي عمل عن قرب من إدارة برنامج الأسلحة البيولوجية السوفيتي السابق: «ما يقلقني هو ما إذا كانوا قد زرعوا بعض الأدلة». وأوضح: «إنتاج مجرد كمية صغيرة من الجمرة الخبيثة سيعطي روسيا ذريعة لمواصلة حربها.. وتصوير أوكرانيا والولايات المتحدة على أنهما المعتدين».

ونقلت عنه «فورين بوليسي» القول إن مثل هذا «الدليل» سيسمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن يقول لواشنطن: «ذهبتم إلى العراق للبحث عنه، فجئنا نحن إلى أوكرانيا للعثور عليه».

هل لدى أمريكا ما تخفيه؟

ظهرت نظرية أن العملية العسكرية الروسية هدفها تدمير المختبرات البيولوجية في أوكرانيا لأول مرة مع الساعات الأولى للضربات الجوية. وسرعان ما أفصحت الاستخبارات الأمريكية عن مخاوفها المتزايدة من أن القصف الروسي قد يتسبب في الواقع في حادث بيولوجي، ما عزز الاعتقاد بأن لدى أمريكا ما تخفيه.

تأكدت نظرية المؤامرة بعد تصريحات وكيل وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند، خلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، عندما شددت على أن «أوكرانيا لديها مرافق أبحاث بيولوجية»، وعلى أن واشنطن تعمل مع كييف لضمان عدم وقوع هذه المنشآت البحثية «في أيدي القوات الروسية».

حتى وإن لم تقر بشكل قاطع أن الولايات المتحدة تمول إنشاء أسلحة بيولوجية في أوكرانيا، فقد تم اعتبار تعليقاتها دليلاً على أن هذه المعامل «تجري تجارب محفوفة بالمخاطر، لدرجة أن روسيا سيكون لها الحق في تدميرها».

توافق هذا مع إعلان وزارة الخارجية الروسية أن "التدمير الطارئ لمسببات الأمراض الخطيرة في 24 فبراير كان خطوة ضرورية لإخفاء حقيقة أن أوكرانيا والولايات المتحدة انتهكتا المادة 1 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية."

وجود المختبرات الممولة من الولايات المتحدة ليس سراً.. لكن فهم سبب وجود هذه المختبرات هو الأمر بالغ الأهمية، بحسب «فورين بوليسي».

الكيميائي

أما الاتهامات البيولوجية، فوجهت واشنطن ولندن الاتهام إلى موسكو، معربتين عن مخاوفهما من أن روسيا قد تنشر أسلحة كيميائية خلال هجومها على أوكرانيا. بل واعتبرت بريطانيا أن هناك أوجه شبه بين سلوك روسيا في أوكرانيا وسوريا.. «نرى شبح التضليل الروسي المألوف يلوح في الأفق في أوكرانيا»، بحسب دبلوماسي بريطاني.

كانت عدة مدن سورية تعرضت لهجمات كيماوية عام 2013، وأكدت الأمم المتحدة وقوع الهجمات، فيما لم تتبنَ أي جهة المسؤولية عنها، وسط اتهامات دولية بتورط الحكومة السورية تحت غطاء روسي. وما زالت التحقيقات الأممية جارية.

بنظر منتقدي موسكو، تكمن الخطورة في أن «الخط الأحمر» الذي تروج له واشنطن كثيراً حول الأسلحة الكيماوية في سوريا أثبت في نهاية المطاف أنه «خط فاضح»، إذ لم يصدر رد فعل حقيقي حتى الآن على ما جرى في سوريا، لذا فإن تكرار الكارثة غير مستبعد في أوكرانيا.

النووي

اعتبرت صحيفة «تيليجراف» البريطانية أن أسلحة بوتين الكيميائية تشكل تهديداً أكثر من الحرب النووية.. ونقلت في تقرير عن خبير الأسلحة والدفاع آندي ويبر اعتقاده بأن احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية أو البيولوجية المسببة للأمراض في أوكرانيا أعلى بكثير من خطر الضربة النووية.

استشهد ويبر بتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف التي قال فيها: «لا أفصح سراً أن البنتاغون قلق للغاية بشأن مصير المنشآت الكيماوية والبيولوجية في أوكرانيا».

وقال: «كان بوتين مستعداً لاستخدام الأسلحة الكيماوية في وقت السلم (مزاعم استخدامها مع المعارضين).. لن يكون هناك ما يعوقه لاستخدامها في الحرب».

أما «قعقعة السيوف النووية»، بحسب تعبير ويبر، فما هي إلا محاولة لصرف الأنظار عمّا قد يستخدمه بوتين على الأرض.