الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

الوساطة الصينية.. بكين تبحث عن دورٍ في «الفناء الخلفي» لأوروبا

الوساطة الصينية.. بكين تبحث عن دورٍ في «الفناء الخلفي» لأوروبا

وزير الخارجية الصيني. (رويترز)

تتضارب المصالح الروسية- الصينية حول الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية، لكنها تتوافق حول خصم واحد، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

رغم التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الصيني وانج يي، الاثنين، في المؤتمر الصحفي السنوي على هامش مؤتمر الشعب الوطني في بكين، بشأن «متانة» العلاقات بين بكين وموسكو، واستراتيجية الشراكة، والصداقة «المغلفة بالحديد»، فإن الحقيقة تختلف قليلاً. كما أن روسيا تنظر لمنافستها الشيوعية السابقة باعتبارها شمساً اقتصادية صاعدة، فيما النجم الروسي آفل.

أبدى وانج يي في تصريحاته استعداد بكين للعب دور وساطة في الصراع الروسي الأوكراني، وسط جدل أوروبي محتدم بعد تصريحات منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل التي اعتبر فيها أنه «لا بديل» للصين للقيام بمثل هذا الدور، وهي التصريحات التي أثارت الكثير من الانتقادات الأوروبية ضده.

لكن التدخل الصيني، بنظر بعض المحللين، هو أحد أفضل السيناريوهات التي يمكن أن تنهي الأزمة، لا سيما إذا ما قررت بكين «سحب طوق النجاة الاقتصادية والدبلوماسية الذي تحتاجه موسكو». فالرئيس الصيني شي جين بينج يرى أن روسيا «شريكة» له في الصمود بوجه الغرب، حتى وإن لم تكن «حليفة».

في تقرير نشره موقع صحيفة «جلوبال تايمز» الشعبية الصينية اليومية جاء أن تصريحات بوريل تعكس مخاوف الكتلة الأوروبية إذا ما طال أمد الصراع، خاصة فيما يتعلق بتأثيره على اقتصاد أوروبا وقطاع الطاقة والتضخم والسوق المالي، لذا يأمل الاتحاد في إيجاد حل سريع للأزمة.

وقال تشو فنغ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نانجينغ، إن دور «الوسيط ليس مجرد فخ أخلاقي يتم نصبه للصين... إذا أراد الغرب أن تلعب الصين دوراً أكبر، فعليه أولاً إيقاف حملاته الخبيثة ضد الصين.. وعليه بالأساس تغيير موقفه تجاه روسيا، ووقف تصعيد المواجهة لخلق بيئة خارجية تساعد على الانفراج».

وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، روجت وسائل إعلام غربية لدور صيني محتمل في تطويق الأزمة، بل ولضرورة استخدام بكين لـ«نفوذها» على روسيا لوقف الصراع. لكن التقارير الإعلامية الغربية لم تتمكن -في الوقت نفسه- من مقاومة ميلها إلى «الهجوم والتشهير» ببكين بحسب «جلوبال تايمز»، التي نقلت عن كوي هونغ جيان، مدير قسم الدراسات الأوروبية في معهد الصين للدراسات الدولية، قوله إن الصين لو لعبت هذا الدور «فلن تقوم به بطريقة منحازة مثل الغرب؛ الذي يوقف طرفاً، بينما يغمز للآخر».

ونشر موقع «فويس أوف أمريكا» تحليلاً اعتبر فيه أن الصين «تقدم نفسها كوسيط بين روسيا وأوكرانيا.. حتى يُنظر إليها على أنها زعيمة عالمية وتكسب نقاطاً في الغرب». ونقل الموقع الأمريكي عن خبراء قولهم إن المساعدة في وقف الصراع ستجعل الصين تبدو أكثر عزماً على إحلال السلام في أوروبا، بدلاً من الحفاظ على صداقتها مع روسيا بعد الحرب الباردة.

ونقل «فويس أوف أمريكا» عن كارل ثاير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، قوله إن أي جهد لوقف الصراع في أوكرانيا «يحسن موقف الصين من مجرد لاعب سلبي إلى لاعب قيادي».

أما صحيفة «إكسبريس» البريطانية فتحدثت عن حالة الغضب من الاتحاد الأوروبي لطلبه وساطة الصين في صراع يدور بـ«فنائه الخلفي». ونقلت عن السياسي البريطاني أليكس وايت قوله إن تصريحات بوريل، التي أدلى بها لصحيفة إسبانية، كشفت عن «علامة ضعف» في التكتل الأوروبي.

كان بوريل قد أكد أنه «لا يمكن للدبلوماسية أن تكون أوروبية أو أمريكية فقط. للدبلوماسية الصينية دور تلعبه هنا»، كما استبعد إحياء صيغة نورماندي للوساطة التي تبنتها القوتين الأوروبيتين (فرنسا وألمانيا) لنزع فتيل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا عام 2014، الأمر الذي انتقده وايت باعتباره يفضح «مصداقية الاتحاد الأوروبي كجهة أمنية فاعلة»، قادرة على التعاطي مع صراع يدور على ترابها الأوروبي.