السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

كورسيكا.. من صاحب الرأس الأسود على علم «جزيرة بونابرت»؟

كورسيكا.. من صاحب الرأس الأسود على علم «جزيرة بونابرت»؟

ماضٍ استعماري واتهامات بالعنصرية. (أ ف ب)

أطلق الكورسيكيون العنان لغضبهم مجدداً، على مدار الأسبوع الماضي، في جزيرة كورسيكا الفرنسية، رافعين علمهم المثير للجدل برمزيته «العنصرية»، ومطالبين بالاستقلال عن العاصمة باريس.

خلال أعمال الشعب، طالب متظاهرون ملثمون بسقوط الجمهورية، ووصفوا الدولة الفرنسية بـ«السفاحة».. كما أطل علم الجزيرة الأبيض، المرسوم عليه رأس أسود معصوب الجبين، ليعبر من خلاله نحو 7 آلاف قومي عن غضبهم، بعد هجوم نزيلٍ في سجن «آرل» الفرنسي على المناضل الانفصالي إيفان كولونا، وهو قومي كورسيكي مُدان باغتيال حاكم كورسيكا عام 1998، قبل أن يدخل في غيبوبة.

الجزيرة عبارة عن مزيجٍ من القمم الصخرية والسهول الساحلية والغابات الكثيفة.. تقع جنوب شرق فرنسا، إلى الغرب من شواطئ إيطاليا، كما أنها قريبة من الساحل الشمالي لتونس.

مسقط رأس بونابرت

تعددت الروايات التاريخية بشأن صاحب الرأس ويدعوه البعض «رأس مور»، نسبة إلى قديس نوبي مصري يدعى «موريتسيو». لكن المؤكد هو أنه وُضع على العلم ليرمز إلى رأس شخص -على الأرجح- عربي، جاء غازياً من الشطر الجنوبي للبحر المتوسط، فقطعوا رأسه ونكلوا برؤوس من معه، ثم اتخذوا من الرأس بعد سنوات أيقونةً على العلم، ليكون رمزاً للحرية والدفاع عن الأرض، بالنسبة لهم.

لكن استمرار الرمز حتى الآن، يثير حساسيات على الجانب الآخر، لا سيما بالنظر إلى التاريخ الاستعماري لفرنسا، فضلاً عن أن الجزيرة نفسها هي مسقط رأس قائد الحملات العسكرية الفرنسية نابليون بونابرت. كما تعرف الجزيرة بأنها معقل للأفكار القومية المتطرفة، ودائماً ما تصوت لصالح اليمينيين في الانتخابات الفرنسية.

كذلك سُلطت الأضواء قبل سنوات على كورسيكا، كمركزٍ للعنصرية، وهي مقصد للسياحة الشاطئية على ضفاف المتوسط، عندما منع عمدة المقاطعة الفرنسية عام 2016 ارتداء زي السباحة «الشرعي» الذي يغطي كامل الجسد، والمعروف بـ«البوركيني»، عقب شجار شهير بين أسرة عربية وبعض قاطني الجزيرة، استخدمت خلاله آنذاك الفؤوس والحراب.

وضع استثنائي

تتمتع مقاطعة كورسيكا بوضعية إدارية استثنائية، وبقانون خاص صدر عام 1991 يمنحها سلطة ذاتية.. ويقوم اقتصادها على السياحة، فيما يتحدث شعبها بلغة محلية أقرب إلى الإيطالية منها إلى الفرنسية. وعكست الفوضى والانفلات الأمني بالجزيرة الأيام الماضية حجم الغضب الشعبي تجاه الإليزيه، ومدى رغبة أبنائها في الانفصال عن فرنسا، بل إن هناك ربما ثورة على الطريق لم يسمع بها أحد بعد.

وأشار الموقع الإخباري لقناة «تي آر تي» التركية إلى أن المتظاهرين حمّلوا فرنسا، المنشغلة بالانتخابات الرئاسية وبالصراع الروسي-الأوكراني، مسؤولية الاعتداء على مناضلهم إيفان كولونا، لذا سارعت الحكومة إلى احتواء غضب الشارع، وسط مطالب بفتح نقاش سياسي جديد و«الاعتراف بأن في كورسيكا مسألة عالقة»، الأمر الذي يبدو أن الحكومة استجابت له بإعلان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين، الاثنين، التوجه إلى كورسيكا لاحقاً هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع المسؤولين المحليين المنتخبين، قائلاً: «لا بد من استعادة الهدوء على الفور».

ليست أوكرانيا

من جانبه، وصف تقرير لـ«فرنسا 24» الجزيرة بأن لها «تاريخاً من العنف الانفصالي». ونقلت عن الصحفية الاستقصائية هيلين كونستانتي قولها إن «الحركة الانفصالية المسلحة في الجزيرة كانت في حالة انحطاط بحلول أواخر التسعينيات، وقد دمرها الاقتتال الداخلي».. وحذرت من إحياء شباب الجزيرة لشعارات قديمة مناهضة لفرنسا.

وقالت صحيفة «إكسبريس» البريطانية إن متظاهرين رفعوا لافتات وصفت الهجوم على إيفان كولونا بأنه «محاولة اغتيال بموافقة الدولة الفرنسية». ونقلت عن مغردين كورسيكيين قولهم: «هذه ليست #أوكرانيا، هذه #فرنسا. الوضع خارج عن السيطرة». كما نقلت عن محتجين قولهم: «يقولون إن شباب الجزيرة هم زمرة من البلطجية.. لكننا لسنا كذلك.. نحن نقاتل».