الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحرب الأوكرانية.. دعاية مجانية للإعلان وتسويق الأسلحة

الحرب الأوكرانية.. دعاية مجانية للإعلان وتسويق الأسلحة

شركات السلاح الغربية والأمريكية في صدارة الرابحين من الحرب الأوكرانية. ( إيه بي أيه)

لوكهيد مارتن ورايثيون يحققان 133 مليار دولار أرباحاً سنوية

ألمانيا تنفق 2% من الناتج القومي بما يعادل 68 مليار دولار سنوياً

كندا تخصص 20 مليار دولار لتحديث منظومة الدفاع الجوي

بولندا تشتري أسلحة بـ10 مليارات دولار.. ورومانيا ترفع المساهمات الدفاعية إلى 2.5%

رغم مرور نحو 6 أسابيع على الحرب الروسية – الأوكرانية، يصعب على المحايدين تحديد الطرف الذي انتصر في هذه الحرب، لكن المؤكد والواضح للجميع أن شركات السلاح، وخاصة شركات السلاح الغربية والأمريكية، في صدارة الرابحين من هذه الحرب، التي تظل أكبر عنوان لتسويق الخوف وبيع السلاح والذخيرة في أوروبا والعالم. وخلال الأيام والأسابيع الأخيرة، أعلنت غالبية الدول الأوروبية، سواء في الجناح الشرقي أو الغربي، في حلف شمال الأطلنطي «الناتو»، عن عزمها شراء كميات غير مسبوقة من السلاح والذخيرة، وصولاً إلى كندا في أقصى الغرب التي تستعد لتغيير كل منظوماتها الدفاعية، وشراء أنظمة دفاعية جديدة، تتفق مع ما تراه من مخاطر جديدة، ظهرت مع الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يعني أن مكاسب شركات السلاح القياسية، سوف تستمر لسنوات قادمة، للوفاء بعقود السلاح المليارية، التي تم الاتفاق عليها.

كما أن شركات السلاح على أعتاب مرحلة تاريخية من الأرباح والمكاسب، مع تحول الدول التي كانت توصف بأنها منزوعة السلاح، وتعتمد في الأمن والدفاع على الولايات المتحدة؛ مثل اليابان وألمانيا، لتكون من أكثر الدول التي تشتري السلاح، ولديها خطط ليس فقط لشراء السلاح التقليدي، بل لنشر الأسلحة النووية أيضاً، وهو إعلان واضح لسباق تسلح بين الدول كافة، سوف تكون شركات السلاح أول وأكبر المستفيدين والرابحين منه.

كما خصص الكونغرس الأمريكي، 14 مليار دولار لأوكرانيا، سوف يذهب نصيب الأسد منهم لشركات تصنيع السلاح، خاصة مصنعي صواريخ ستينغر وغافلين، التي تعتمد عليهما الاستراتيجية الأوكرانية لوقف تقدم الجيش الروسي، وتنتج شركة «رايثيون تكنولوجيز» صاروخ ستينغر، بينما يتم إنتاج صاروخ غافلين بشكل مشترك بين شركتي لوكهيد مارتن، ورايثيون تكنولوجيز، وسوف تحصل الشركتان على 3.5 مليار دولار لتعويض المخزون الأمريكي من صاروخي ستينغر وغافلين، التي أرسلت واشنطن كميات منهما إلى أوكرانيا، وذلك ضمن قانون الإنفاق الإضافي الذي أصدره الكونغرس لدعم أوكرانيا في الـ15 من مارس الماضي.

ووفق إحصاء شركة (CFRA) للاستثمار، فإن هاتين الشركتين، سوف تحصلان على ملياري دولار شهرياً، من إرسال هذين الصاروخين فقط إلى أوروبا خلال الفترة القادمة، وربحت شركة رايثيون نحو 64 مليار دولار، بينما جنت شركة لوكهيد مارتن أرباحاً بنحو 67 مليار دولار خلال عام 2021.ومن المرجح أن تتضاعف هذه الأرقام، بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية، بحسب تقدير شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية، وهي توقعات اتفق معها مدير شركة لوكهيد مارتن، جيمس تايكليت، الذي توقع مزيداً من الإنفاق الأمريكي على السلاح، وهو ما يعزز خزينة شركته، واتفق معه الرئيس التنفيذي لـ«رايثيون» جريج هايز، الذي قال إن ارتفاع منسوب التوتر في أوروبا الشرقية سيؤدي إلى زيادة المبيعات خلال السنوات القادمة.

إقرأ أيضاً..تحليل إخباري | الحرب الأوكرانية تعيد تموضع السعودية في النظام العالمي

الدبابة بدلاً من التجارة والدبلوماسية

ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى بعد تأسيس الجيش الألماني في الـ12 من نوفمبر عام 1955، كانت ألمانيا تعتمد في مظلتها الأمنية على نحو 35 ألف جندي أمريكي، يحصلون على السلاح ضمن ميزانية الدفاع الأمريكية التي وصلت إلى 770 مليار دولار في ميزانية 2022.

وكانت الاستراتيجية الألمانية تقول إن الدبلوماسية والتجارة تستطيع أن تحقق ما تفعله الدبابة والصاروخ، لكن الحرب الروسية- الأوكرانية، جعلت ألمانيا تتخلى عن استراتيجيتها القديمة.

وقالت وزيرة الدفاع الألمانية، كريستين لامبريشت، "ألمانيا تعمل على تغيير دستورها من أجل تأمين تمويل مستدام للتحول التاريخي.. وذلك سيشمل استثمار المليارات في مشاريع تسلح من أجل تقديم القدرات المطلوبة بصورة عاجلة لحلف الناتو، وتنفيذ ما تم إقراره، وهو إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، كما أنها تعزز التزاماتها فيما يتعلق بخطة المشاركة النووية مع الناتو، إضافة إلى شراء مقاتلات (إف-35) الأمريكية لزيادة قدراتها الردعية"، وفق ما نقلت وكالة رويترز.

ويتفق مع كلام وزيرة الدفاع الألمانية، ما أعلنه المستشار الألماني أولاف شولتز، من تأسيس صندوق يضم 100 مليار يورو، لتحديث أسلحة الجيش الألماني، كما أن الميزانية الدفاعية الجديدة، وصلت لنحو 50 مليار يورو، أي نحو 55 مليار دولار، وبالتالي يقترب الإنفاق العسكري الألماني وحده من الإنفاق العسكري الروسي لعام 2021، والذي وصل نحو 65 مليار دولار، بحسب أرقام معهد السلام الدولي في ستوكهولم، وعندما يتم تعديل الدستور الألماني لإنفاق 2% من الناتج القومي، البالغ بحسابات عام 2020 نحو 3.8 تريليون يورو، فإن ميزانية الدفاع الألمانية وقتها سوف تصل إلي 68 مليار دولار، وسوف يذهب الجزء الأكبر منها لمشتريات السلاح الحديث، حيث أعلنت برلين بالفعل عن نيتها شراء 32 طائرة (إف- 35) الأمريكية التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، و20 طائرة من الطائرات الأوربية يوروفايتر وتايفون، وكل ذلك بسبب ما وصفته وزيرة الدفاع الألمانية بالصدمة لأنها ترى المسافة بين كييف وبرلين، أقل بكثير من المسافة بين واشنطن وشيكاغو.

لافتة إعلانية للسلاح

وتنظر غالبية شركات السلاح في العالم للحرب الأوكرانية-الروسية، باعتبارها لافتة إعلانية مجانية للإعلان والتسويق عن السلاح، ولهذا تتسابق جميع الشركات الغربية والأوروبية والأسترالية للحصول على نصيب كبير من كعكة الأسلحة المطلوبة عالمياً، ولهذا جرى التسويق عن دبابات مثل «بوشماستر» الأسترالية، من خلال إرسال مجموعة منها إلى أوكرانيا، حيث طلبها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالاسم، أثناء إلقاء خطابه أمام البرلمان الأسترالي، وفق ما نقلت صحيفة «سيدني مورنينغ هيرالد» الأسترالية، وهو أمر شكل أفضل فرصة لتسويق هذه المدرعة، باعتبار أنها قوية، ومن الفولاذ، وتستطيع حماية 10 جنود من الألغام الأرضية ومقذوفات المدفعية.

إقرأ أيضاً..«هيستيريا جرائم حرب».. روسيا تتهم الغرب بعرقلة المحادثات مع أوكرانيا

تسليح 150 ألف جندي أمريكي جديد

وأكثر الدول التي تسعى لامتلاك سلاح وذخيرة، وبشكل سريع، هي دول الجناح الشرقي في حلف الناتو؛ مثل بولندا ورومانيا والتشيك وسلوفاكيا، ودول بحر البلطيق الثلاث (ليتوانيا وأستونيا ولاتفيا)، وطلب رئيس حزب «القانون والعدالة» الحاكم في بولندا، ياروسلاف كاتشينسكي، استضافة نحو 150 ألف جندي أمريكي في بولندا، ودول الجوار، وهو ما يقتضي مليارات الدولارات لشراء السلاح.

ورفعت جميع دول الجناح الشرقي في الناتو، إنفاقها الدفاعي إلى 2% من الناتج القومي، بل إن دولاً مثل رومانيا، أعلن رئيسها كلاوس يوهانيس، أن الإنفاق الدفاعي سوف يزيد إلى 2.5% من الناتج القومي للبلاد، وكل هذه الأموال سوف تصب في جيوب شركات السلاح، وخاصة شركات السلاح الأمريكية، التي طلبت منها بولندا صفقة لشراء صواريخ باتريوت بـ4.7 مليار دولار، وصفقة لشراء طائرات (إف- 35) بـ4.9 مليار دولار، وفق ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز».

20 ملياراً لتجديد السلاح الكندي

وفي إطار سعي الجميع لتحديث السلاح، أعلنت كندا أن أنظمة الدفاع الخاصة بها، قديمة وغير مستعدة لردع الصواريخ الروسية والصينية، وهو ما يستلزم تحديث هذه المنظومات بأسرع ما يمكن، وفق ما نقلت صحيفة "Toronto Star" الكندية، وأن تكلفة تجديد المنظومة الدفاعية فقط، سوف تتجاوز الـ20 مليار دولار.

الحديث نفسه يدور في اليابان، التي تريد أن تغير عقيدتها العسكرية، بعد أن قال رئيس وزرائها الأسبق شينزو أبي، الذي ما زال حزبه يحكم البلاد حالياً، «على اليابان أن تفكر في مزيد من السلاح لحماية نفسها من البيئة السياسية المضطربة، وأن عليها أن تفكر في الخيار الذي دخلت فيه ألمانيا منذ فترة طويلة وهو نشر رؤوس نووية أمريكية في البلاد».

الحديث عن صفقات السلاح والذخيرة هو حديث العالم، ليس فقط بين المخططين العسكريين، بل بين شركات السلاح، للفوز بأكبر عدد من عقود الأسلحة الجديدة، وهي عقود طويلة وضخمة، كفيلة بإنعاش خزينة تلك الشركات، ليس فقط لأعوام جديدة بل لعقود قادمة.