الاحد - 28 أبريل 2024
الاحد - 28 أبريل 2024

نموذج بوتين في أوروبا.. هل يقع الرئيس المجري ضحية داء الديكتاتورية؟

نموذج بوتين في أوروبا.. هل يقع الرئيس المجري ضحية داء الديكتاتورية؟

موسكو تسعى جاهدة لتحقيق انتصار من خلال قصف القاعدة الصناعية لأوكرانيا. أ ف ب

حذر المحلل الاستراتيجي الأمريكي هال براندز، فيكتور أوربان الذي أعيد انتخابه مؤخراً رئيساً للمجر، من خطورة تقليد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أصبح ضحية لداء الديكتاتور- وهو الاتجاه نحو التمتع بالسلطة المطلقة لتكثيف الميل نحو التقديرات الكارثية. ويعتمد براندز، أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العامة في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية في تحذيره لأوربان على ما قام به بالفعل من هجوم على الديمقراطية في بلاده، بينما يسعى لإضعاف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي(ناتو) من الداخل؛ حيث غالباً ما يشار إلى أوربان على أنه نموذج بوتين في أوروبا.

ويقول براندز في مقال رأي نشرته وكالة بلومبيرغ للأنباء، إن مسار الحرب في أوكرانيا أوضح مراراً وتكراراً إصابة بوتين بهذا الداء. فقد فشل الهجوم الروسي الرئيسي على كييف، بعد خسائر كبيرة في الجنود والعتاد. وتسعى موسكو جاهدة لتحقيق انتصار من خلال قصف القاعدة الصناعية لأوكرانيا، وقتل مواطنيها وإعادة التموضع لشن هجمات جديدة في شرق أوكرانيا.

ويرى براندز أنه كما أكدت التقارير التي نشرت مؤخراً يعتبر هذا الفشل نتيجة لسوء تقدير متعدد على أعلى المستويات. فقد استهان بوتين بدرجة خطيرة بإرادة أوكرانيا وقدرتها على المقاومة. وبالغ في تقدير القوات المسلحة الروسية. وتجاهل احتمال أن يؤدي أي غزو كامل النطاق إلى إثارة غضب الغرب. وافترض أن العمل العسكري سوف يسفر عن انتصار آخر بتكلفة منخفضة، كما حدث في جورجيا، وشبه جزيرة القرم.

وبذلك دفع بوتين بلاده إلى القيام بمحاولة سيئة التخطيط وذات مخاطر هائلة وفرصة ضئيلة للنجاح. ومعروف أن كل القادة يرتكبون أخطاء، لكن التاريخ يوضح أن السلطويين الذين يقضون فترة طويلة في الحكم عرضة لذلك على نحو خاص، فهؤلاء القادة يصبحون معزولين عن مستشاريهم وأقل تسامحاً مع أي خلاف. ويقومون بملء مؤسسات الدولة بالتابعين لهم والهواة، بعد تفريغها من الكفاءات.

إقرأ أيضاً..14 دولة تشارك في تدريبات إندونيسية – أمريكية وسط توتر بحر الصين الجنوبي

ويؤكد براندز أن بوتين ليس أول رئيس يرتكب مثل هذه الأخطاء. واستشهد بتصرفات قام بها هتلر الذي خسر كل ما حققه من نجاح بإعلان الحرب ضد الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة. وكذلك تكريس ماوتسي تونج لعبادة الشخصية، ما تسبب في ارتكابه تصرفات أسفرت عن كارثة اقتصادية وإنسانية كبيرة للغاية. كما أن ميل صدام حسين لقتل المستشارين الذين عارضوه ساعد في الانزلاق لسلسلة من سوء التقدير دفعت العراق من كارثة إلى أخرى. ومن ثم فإن بوتين، الذي قضى حتى الآن 20 عاماً في الحكم جعلت من روسيا ديكتاتورية شخصية، يدفع ببلاده الآن في نفس هذا الطريق.

ويقول براندز أن القتل الممنهج للمواطنين في أوكرانيا وإساءة معاملتهم يوضحان إلى أي مدى وصلت الأمر. وفي أعقاب ما تم كشفه مؤخراً عن ذلك، نشرت وسائل الإعلام الروسية مقالاً يكرر وصف بوتين الغريب للحكومة الأوكرانية بأنها نظام حكم نازي ويدعو إلى عمليات إعدام جماعية وعمل قسري من أجل «تحرير» البلاد «من النازية». وإذا كان هناك قائد واسع النفوذ يعتقد أو يقول شيئاً سخيفاً ليس أمام التابعين له سوى تبنى الوهم- وحتى جعله الأساس الأيديولوجي لفظائع واسعة النطاق.

ويؤكد براندز أن داء الديكتاتور نبأ سيئ بالنسبة لروسيا: فقد تنتهي الحرب الأوكرانية بخراب اقتصادي وعسكري لموسكو. ولكن هناك أيضاً ما يدعو للقلق بالنسبة للرئيس الصيني السلطوي أيضاً شي جين بينج. فهو مثل بوتين قضى سنوات كثيرة في السلطة. وقام بإقصاء كل شخص تقريباً قد يمثل تهديداً، ناهيك أن يكون نداً له.

فقد بدأت مساحة الخلاف، داخل الحكومة وخارجها، تضيق، حيث أصبح «فكر شي جين بينج» وغيره من مظاهر عبادة الشخصية واسع الانتشار. فتدعيم سلطة شي تزامن مع سياسة خارجية متشددة، بما في ذلك التهديد بشن الحرب، وأسفرت عن قطيعة من جانب الكثير من الديمقراطيات المتقدمة في العالم. حتى المطلعون على بواطن الأمور في بكين يشعرون بالقلق من أن حكم الرجل الواحد الذي يتبعه «شي» والعداء الدولي يلحقان الضرر بمستقبل البلاد. ويرى براندز أن سوء التقدير قد يكون أكثر خطورة في مضيق تايوان. فقد أمر «شي» جيش التحرير الشعبي ببناء القدرات لشن هجوم محتمل على تايوان، وقد حقق الجيش خطوات كبيرة في هذا الاتجاه. ويختتم براندز مقاله بالقول إن سوء التقدير يلاحق الدول والحكام في نهاية الأمر، كما يلاحق بوتين حالياً، وربما يلاحق «شي» و«أوربان» بعده. ويطارد المخططين الاستراتيجيين الأمريكيين، منذ وقت طويل، شبح الرجل القوي العدائي. ومع ذلك، فإن بوتين الذي تلقي السلطة المطلقة بظلالها على تقديره يمثل خطراً كافياً.